الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                1627 1628 ص: فإن أنكر منكر ما روينا عن أبي وائل عن علي - رضي الله عنه -: "أنه كان يسلم في الصلاة تسليمتين". وما روينا عنه في ذلك عن عبد الله، ، واحتج لما أنكر من ذلك بما حدثنا ابن مرزوق ، قال: ثنا سعيد بن عامر ، قال: ثنا شعبة . (ح).

                                                وحدثنا أبو بكرة ، قال: ثنا أبو داود ، قال: ثنا شعبة ، عن عمرو بن مرة ، قال: "قلت لأبي وائل: : أتحفظ التكبير؟ قال: نعم قلت: فالتسليم؟ قال: واحدة".

                                                قال: فكيف يجوز أن يحفظ هو التسليم واحدة! وقد رأى عليا وعبد الله يسلمان اثنتين؟! أفترى عمن حفظ الواحدة عن غيرهما، وعنهما كان يحفظ، وبهما كان يقتضي؟ ففي ثبوت هذا عنه ما يجب به فساد ما رويتم عنه في التسليمتين.

                                                قيل له: إن الذي روينا عنه في التسليمتين صحيح، لم يدخله شيء في إسناده ولا في متنه، وذلك على السلام من الصلوات ذات الركوع والسجود، والذي أراده أبو وائل في حديث عمرو بن مرة ، من السلام مرة واحدة هو في الصلاة ذات التكبير، فإنه قد كان جماعة من الكوفيين ، منهم إبراهيم يسلمون في صلواتهم على جنائزهم تسليمة [ ص: 523 ] خفيفة، ويسلمون في سائر صلواتهم تسليمتين، وهكذا معنى حديث أبي وائل عندنا في ذلك والله أعلم.

                                                وهذا أولى أن يحمل عليه ما روي عنه من ذلك; حتى لا يضاد بعضه بعضا.

                                                التالي السابق


                                                ش: هنا اعتراض من جهة الخصم، تقريره أن يقال: إنكم قد رويتم عن علي - رضي الله عنه - في رواية أبي وائل شقيق بن سلمة عنه: أن السلام في آخر الصلاة مرتان، وعندنا ما ينافي هذا ويضاده، وذلك أن عمرو بن مرة، قال لأبي وائل: "أتحفظ التكبير؟ قال: نعم، قال: فالتسليم؟ قال: واحدة". فكيف يجوز أن يحفظ التسليم واحدة حال كونه رائيا عليا وابن مسعود يسلمان ثنتين، فهل هو حفظ الواحدة عن غيرهما -والحال أنه كان يحفظ عنهما وبهما كان يقتدي ويتبع- فإذن في ثبوت ما ذكرنا فساد ما ذكرتم وبطلانه.

                                                وتقرير الجواب أن يقال: إن ما رويناه صحيح سندا ومتنا فلا يمكن إنكاره ودفعه، ولكن له محمل، وما رويتم له محمل، وهو أن ما رويناه محمول على السلام من الصلوات التي لها ركوع وسجود، والذي رويتم محمول على صلاة الجنازة، فإن جماعة الكوفيين -منهم إبراهيم النخعي- كانوا يسلمون في الصلاة على الجنازة تسليمة واحدة خفيفة.

                                                وقال ابن أبي شيبة في "مصنفه" : ثنا حفص ، عن الشيباني ، عن عبد الملك بن إياس، عن إبراهيم قال: "تسليم السهو والجنازة واحدة".

                                                وروي ذلك. عن علي وابن عمر ، وابن عباس - رضي الله عنهم -.

                                                قال ابن أبي شيبة : ثنا حفص بن غياث ، عن حجاج ، عن عمير بن سعيد قال: "صلى علي - رضي الله عنه - على يزيد بن المكفف فكبر عليه أربعا، وسلم تسليمة خفيفة عن يمينه".

                                                [ ص: 524 ] ثنا علي بن مسهر ، عن عبيد الله ، عن نافع، عن ابن عمر - رضي الله عنهما -: "أنه كان إذا صلى على الجنازة رفع يديه فكبر، فإذا فرغ سلم على يمينه واحدة".

                                                ثنا وكيع والفضل بن دكين ، عن سفيان ، عن إبراهيم بن المهاجر ، عن مجاهد، عن ابن عباس: "أنه كان يسلم على الجنازة تسليمة".




                                                الخدمات العلمية