الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                1260 1261 1262 ص: حدثنا الربيع بن سليمان الجيزي، قال: ثنا أبو زرعة ، قال: أنا حيوة ، قال: أنا أبو الأسود، أنه سمع عروة بن الزبير يقول: أخبرني زيد بن ثابت ، أنه قال لمروان بن الحكم: " : يا أبا عبد الملك، ، ما يحملك أن تقرأ في صلاة المغرب بقل هو الله أحد وسورة أخرى صغيرة؟ قال زيد: : فوالله لقد سمعت رسول الله - عليه السلام - يقرأ في صلاة المغرب بأطول الطول وهي المص".

                                                حدثنا روح بن الفرج، قال: نا سعيد بن عفير، قال: ثنا ابن لهيعة ، عن أبي الأسود ... فذكر مثله بإسناده.

                                                حدثنا محمد بن خزيمة ، قال: ثنا حجاج ، قال: ثنا حماد ، عن هشام ، عن أبيه: " أن مروان كان يقرأ في المغرب بسورة يس".

                                                قال عروة: : قال زيد بن ثابت -أو أبو زيد الأنصاري شك هشام- لمروان: " لم تقصر صلاة المغرب، وكان رسول الله - عليه السلام - يقرأ فيها بأطول الطوليين: الأعراف؟ ".


                                                التالي السابق


                                                ش: هذه ثلاث طرق:

                                                الأول: عن الربيع بن سليمان الجيزي الأعرج شيخ أبي داود والنسائي، ونسبته إلى جيزة مصر -بكسر الجيم- بليدة قبالة مقياس مصر من غربي النيل على شطه.

                                                عن أبي زرعة وهب الله بن راشد الحجري المؤذن، قال أبو حاتم: محله الصدق ولكن غمزه سعيد بن أبي مريم .

                                                عن حيوة بن شريح بن صفوان التجيبي المصري الفقيه الزاهد العابد، روى له الجماعة.

                                                عن أبي الأسود النضر بن عبد الجبار بن نضير -بضم النون وفتح الضاد المعجمة- قال النسائي: ليس به بأس.

                                                وعن يحيى: كان راوية عن ابن لهيعة، وكان شيخ صدق.

                                                [ ص: 53 ] عن عروة بن الزبير بن العوام ، عن زيد بن ثابت الأنصاري الصحابي - رضي الله عنه - أنه قال لمروان وهو ابن الحكم بن أبي العاص، ولد يوم أحد وقيل: يوم الخندق، ولم ير النبي - عليه السلام - لأنه خرج إلى الطائف طفلا لا يعقل لما نفى النبي - عليه السلام -أباه الحكم وكان مع أبيه بالطائف حتى استخلف عثمان - رضي الله عنه - فردهما واستكتب عثمان مروان وضمه إليه، روى له الجماعة سوى مسلم .

                                                وأخرجه النسائي : أنا محمد بن سلمة، قال: ثنا ابن وهب ، عن عمرو بن الحارث ، عن أبي الأسود، أنه سمع عروة بن الزبير يحدث، عن زيد بن ثابت، أنه قال لمروان: "يا أبا عبد الملك، أتقرأ في المغرب بقل هو الله أحد وإنا أعطيناك الكوثر؟ قال: نعم، قال: [فمحلوفة] لقد رأيت رسول الله - عليه السلام - يقرأ فيها بأطول الطوليين المص".

                                                وقال أبو داود : نا الحسن بن علي، نا عبد الرزاق ، عن ابن جريج قال: حدثني ابن أبي مليكة ، عن عروة بن الزبير ، عن مروان بن الحكم، قال: "قال لي زيد بن ثابت: ما لك تقرأ في المغرب بقصار المفصل وقد رأيت رسول الله - عليه السلام - يقرأ في المغرب بطولى الطوليين؟ قال: قلت: ما طولى الطوليين؟ قال: الأعراف، قال: وسألت أنا ابن أبي مليكة، فقال لي من قبل نفسه: المائدة والأعراف".

                                                وقال البخاري : ثنا أبو عاصم ، عن ابن جريج ، عن ابن أبي مليكة ، عن عروة بن الزبير ، عن مروان بن الحكم، قال: "قال زيد بن ثابت: ما لك تقرأ في المغرب بقصار المفصل وقد سمعت النبي - عليه السلام - يقرأ بطولى الطوليين؟ ".

                                                [ ص: 54 ] قوله: "وسورة أخرى صغيرة" قد فسرها في رواية النسائي بـ إنا أعطيناك الكوثر

                                                قوله: "بأطول الطول" بضم الطاء وفتح الواو، جمع طولى، وهي فعلى -بالضم- تأنيث أطول، ككبرى تأنيث أكبر، وأراد بالطول: المائدة والأنعام والأعراف، وأراد بأطول الطول: الأعراف; لأنه فسره بقوله وهي المص.

                                                فإن قيل: أطول الطول: البقرة; لأنها أطول السبع الطول، فكيف يقول: أراد بأطول الطول الأعراف".

                                                قلت: لو لم يفسر بقوله: "وهي المص" كان الذي يفهم من قوله: "أطول الطول" البقرة، ولكن لما فسره بقوله: "وهي المص"، عرف أن المراد منه سورة الأعراف; لأنها أطول الطول بعد البقرة، بيانه: أن البقرة مائتان وثمانون وست آيات، وهي ستة آلاف ومائة وإحدى وعشرون كلمة، وخمس وعشرون ألف حرف وخمسمائة حرف.

                                                وسورة آل عمران مائتا آية، وثلاثة آلاف وأربعمائة وإحدى وثمانون كلمة، وأربعة عشر ألفا وخمسمائة وخمسة وعشرون حرفا.

                                                وسورة النساء مائة وخمس وسبعون آية، وثلاثة آلاف وسبعمائة وخمسة وأربعون كلمة، وستة عشر ألفا وثلاثون حرفا.

                                                وسورة المائدة مائة واثنان وعشرون آية، وألف وثمانمائة كلمة وأربع كلمات، وأحد عشر ألفا وسبعمائة وثلاثة وثلاثون حرفا.

                                                وسورة الأنعام مائة وست وستون آية، وثلاثة آلاف واثنتان وخمسون كلمة، واثنا عشر ألفا وأربعمائة واثنان وعشرون حرفا.

                                                [ ص: 55 ] والأعراف مائتان وخمس آيات عند أهل البصرة، وست عند أهل الكوفة، وثلاثة آلاف وثلاثمائة وخمس وعشرون كلمة، وأربعة عشر ألف حرف وعشرة أحرف.

                                                الثاني: عن روح بن الفرج القطان ، عن سعيد بن كثير بن عفير ، عن عبد الله بن لهيعة ، عن أبي الأسود النضر بن عبد الجبار ... إلى آخره.

                                                وهؤلاء ثقات إلا أن في ابن لهيعة مقالا.

                                                وأخرجه الطبراني في "الكبير" : ثنا أحمد بن رشدين، نا يحيى بن بكير، ثنا ابن لهيعة، حدثني أبو الأسود ، عن عروة بن الزبير، قال: سمعت زيد بن ثابت يقول: "سمعت رسول الله - عليه السلام - يقرأ في المغرب بأطول الطوليين". وفي "الأطراف" لابن عساكر: "قيل لعروة ما طولى الطوليين؟ قال: الأعراف ويونس".

                                                الثالث: عن ابن خزيمة ، عن حجاج بن المنهال الأنماطي ، عن حماد بن سلمة ، عن هشام ، عن أبيه عروة ... إلى آخره.

                                                وهذا إسناد صحيح.

                                                قوله: "أو أبو زيد الأنصاري" صحابي لم يدر اسمه، وذكره البغوي في "معجمه" وقال: أبو زيد الأنصاري ولم ينسب.

                                                قوله: "شك هشام" أي هشام بن عروة .

                                                قوله: "لم تقصر" بالتشديد، وأراد تخفيف القراءة فيها.

                                                قوله: "بأطول الطوليين" يعني بأطول السورتين الطويلتين، وهما الأنعام والأعراف، والطولى مؤنث الأطول.

                                                قوله: "الأعراف" بيان لقول: "بأطول الطوليين".




                                                الخدمات العلمية