الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                1215 ص: حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد بن موسى، قال: ثنا سعيد ، وحماد ابنا زيد ، عن أبي جهضم موسى بن سالم ، عن عبد الله بن عبيد الله بن عباس قال: " كنا جلوسا في فتيان من بني هاشم إلى ابن عباس، فقال له رجل: أكان النبي- عليه السلام - يقرأ في الظهر والعصر؟ قال: لا، قال: فلعله كان يقرأ فيما بينه وبين نفسه؟ -وفي حديث سعيد: ، قال: لا. وفي حديث حماد: هي شر من الأولى- ثم قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبدا لله أمره الله -عز وجل- فبلغ والله ما أمره به". .

                                                التالي السابق


                                                ش: رجاله ثقات، وسعيد بن زيد أخو حماد بن زيد روى له مسلم وأبو داود والترمذي ، وحماد روى له الجماعة.

                                                وأبو جهضم مولى آل عباس بن عبد المطلب، وثقه يحيى وأبو زرعة، وروى له الأربعة.

                                                وعبد الله بن عبيد الله -بتصغير الأب- ابن عباس بن عبد المطلب، وثقه أبو زرعة والنسائي، وروى له الأربعة.

                                                وأخرجه أبو داود: ثنا مسدد، نا عبد الوارث ، عن موسى بن سالم، نا عبد الله بن عبيد الله قال: "دخلت على ابن عباس في شباب من بني هاشم فقلنا لشاب منا: سل ابن عباس أكان رسول الله - عليه السلام - يقرأ في الظهر والعصر؟ فقال: لا لا. فقيل له: فلعله كان يقرأ في نفسه؟ فقال: خمشا هذه شر من الأولى، كان عبدا مأمورا بلغ ما أرسل به، وما اختصنا دون الناس بشيء إلا بثلاث خصال: أمرنا أن نسبغ الوضوء، وأن لا نأكل الصدقة، وأن لا ننزي الحمار على الفرس".

                                                [ ص: 6 ] قوله: "كنا جلوسا" أي جالسين، والجلوس جمع جالس، كالقعود جمع قاعد.

                                                قوله: "في فتيان" أي بين فتيان كما في قوله تعالى: فادخلي في عبادي أي بين عبادي، والفتيان جمع فتى وهو الشاب، ولهذا جاء في رواية أبي داود: "في شباب" وهو جمع شاب.

                                                قوله: "إلى ابن عباس" أي معه، وكلمة "إلى" تجيء للمصاحبة، كما في قوله تعالى: من أنصاري إلى الله أي معه.

                                                قوله: "أكان النبي- عليه السلام -" الهمزة فيه للاستفهام.

                                                قوله: "هي شر من الأولى" أي هذه المسألة شر من المسألة الأولى، أو هذه الحالة شر من تلك الحالة، وشر بمعنى أشر، وقد علم أن خيرا وشرا يستعملان للتفضيل على صنيعيهما.

                                                قوله: "خمشا" دعاء عليه بأن يخمش وجهه أو جلده، كما يقال: جدعا، وصلبا، وطعنا، وقطعا ونحوها من الدعاء بسوء، وهو منصوب بفعل لا يظهر.

                                                قوله: "وأن لا نأكل الصدقة" أراد بها الزكاة.

                                                قوله: "وأن لا ننزي" من الإنزاء وثلاثيه نزأ بالكسر، وقال الجوهري: يقال ذلك في الحافر والظلف والسباع.




                                                الخدمات العلمية