الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                1548 ص: قال أبو جعفر -رحمه الله -: فهذا أصل حديث أبي حميد هذا، ليس فيه ذكر القعود إلا على مثل ما في حديث وائل، ، والذي روى محمد بن عمرو ، فغير معروف ولا متصل عندنا عن أبي حميد; ؛ لأن في حديثه أنه حضر أبا حميد 5 وأبا قتادة، ، ووفاة أبي قتادة قبل ذلك بدهر طويل; لأنه قتل مع علي كرم الله وجهه وصلى عليه علي - رضي الله عنه -، وأين سن محمد بن عمرو من هذا، فلما كان المتصل عن أبي حميد موافقا [ ص: 445 ] لما روى وائل ، ثبت القول بذلك، ولم يجز خلافه، مع ما قد شده من طريق النظر، وذلك أنا رأينا القعود الأول في الصلاة وفيما بين السجدتين في كل ركعة، هو أن يفترش اليسرى فيقعد عليها، ثم اختلفوا في القعود الأخير في الصلاة، فلم يخل من أحد الوجهين من أن يكون سنة أو فرضا، فإن كان سنة فحكمه حكم القعود الأول، وإن كان فريضة فحكمه حكم القعود فيما بين السجدتين، فثبت بذلك ما روى وائل بن حجر، ، وهو قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد رحمهم الله تعالى.

                                                التالي السابق


                                                ش: أشار بقوله: "فهذا" إلى ما ذكر في الأحاديث المذكورة من حكم الجلوس في الصلاة من غير فصل بين حكم القعدتين، بيان هذا: أن أصل حديث أبي حميد الذي رواه عبد الحميد وغيره مثل ما ذكر في هذه الأحاديث، وأنه ليس فيه ذكر القعود في الصلاة إلا مثل ما ذكر في حديث وائل بن حجر المذكور، والحاصل أن حديث أبي حميد روي على وجهين:

                                                أحدهما: منقطع مضطرب الإسناد والمتن كما قد بينا فيما مضى; لأنه روي عن محمد بن عمرو بن عطاء ، عن أبي حميد الساعدي، وروى عطاف بن خالد ، عن محمد بن عمرو بن عطاء ، عن رجل، عن أبي حميد، فدل هذا أن بين محمد بن عمرو هذا وبين أبي حميد رجلا، فدل ذلك على انقطاع حديث عبد الحميد، أشار الطحاوي إلى ذلك بقوله: "والذي روى محمد بن عمرو فغير معروف ولا متصل عندنا عن أبي حميد ... " إلى آخره، وقد استوفينا الكلام فيه فيما مضى.

                                                والوجه الثاني: أنه متصل، وهو موافق لرواية وائل، فإذا كان الأمر كذلك ثبت القول بحديث وائل، ولم يتم استدلال الخصم بحديث أبي حميد، على أن طريق النظر والقياس يشد ذلك ويقويه، أشار إلى بيان ذلك بقوله: "مع ما قد شده من طريق النظر" أي مع شد طريق النظر هذا القول، وكلمة "مع" للمصاحبة و"ما" للمصدرية، والضمير المنصوب في "شده" يرجع إلى القول في قوله: "ثبت القول بذلك" أي بما روى وائل، فافهم، والباقي ظاهر.




                                                الخدمات العلمية