وقال الحوفي: "هي غاية، والعامل فيها ما دل عليه المعنى من تأسفهم [ ص: 202 ] على ما فرطوا فيه من الطاعة حين فاتهم الاستدراك". وقال ابن عطية: "حتى" متعلقة بقوله "وتقطعوا". وتحتمل على بعض التأويلات المتقدمة أن تتعلق بـ "يرجعون"، وتحتمل أن تكون حرف ابتداء، وهو الأظهر; بسبب "إذا"; لأنها تقتضي جوابا هو المقصود ذكره". قال الشيخ: "وكون "حتى" متعلقة بـ "تقطعوا" فيه بعد من حيث كثرة الفصل لكنه من حيث المعنى جيد: وهو أنهم لا يزالون مختلفين على دين الحق إلى قرب مجيء الساعة، فإذا جاءت الساعة انقطع ذلك كله".
وتلخص في تعلق "حتى" أوجه، أحدها: أنها متعلقة بـ "حرام". الثاني: أنها متعلقة بمحذوف دل عليه المعنى، وهو قول الحوفي. الثالث: أنها متعلقة بـ "تقطعوا". الرابع: أنها متعلقة بـ "يرجعون". وتلخص في "حتى" وجهان، أحدهما: أنها حرف ابتداء وهو قول الزمخشري وابن عطية فيما اختاره، الثاني: حرف جر، بمعنى إلى.
وقرأ "فتحت" بالتشديد ابن عامر. والباقون بالتخفيف. وقد تقدم ذلك أول الأنعام، وفي جواب "إذا" أوجه أحدها: أنه محذوف فقدره أبو إسحاق: "قالوا يا ويلنا"، وقدره غيره: فحينئذ يبعثون. وقوله " فإذا هي شاخصة" عطف على هذا المقدر. الثاني: أن جوابها الفاء في قوله "فإذا هي" قاله الحوفي والزمخشري وابن عطية. فقال الزمخشري: "وإذا هي [ ص: 203 ] المفاجأة، وهي تقع في المجازاة سادة مسد الفاء كقوله تعالى: "إذا هم يقنطون" فإذا جاءت الفاء معها تعاونتا على وصل الجزاء بالشرط فيتأكد. ولو قيل: إذا هي شاخصة كان سديدا. وقال ابن عطية: "والذي أقول: إن الجواب في قوله "فإذا هي شاخصة"، وهذا هو المعنى الذي قصد ذكره; لأنه رجوعهم الذي كانوا يكذبون به وحرم عليهم امتناعه".
وقوله: "يأجوج" هو على حذف مضاف أي: سد يأجوج ومأجوج. وتقدم الكلام فيهما قريبا.
قوله: "وهم" يجوز أن يعود على يأجوج ومأجوج، وأن يعود على العالم بأسرهم. والأول أظهر.
وقرأ العامة: " ينسلون " بكسر السين، وأبو السمال وابن أبي إسحاق بضمها. والحدب: النشز من الأرض أي: المرتفع، ومنه الحدب في الظهر وكل كدية أو أكمة فهي حدبة، وبها سمي القبر لظهوره على وجه الأرض، والنسلان مقاربة الخطو مع الإسراع، يقال: نسل ينسل وينسل بالفتح في الماضي، والكسر والضم في المضارع، ونسل وعسل واحد، قال الشاعر:
3361 - عسلان الذئب أمسى قاربا برد الليل عليه فنسل
[ ص: 204 ] والنسل من ذلك وهو الذرية، أطلق المصدر على المفعول. و "نسلت ريش الطائر" من ذلك. وقدم الجار على متعلقه لتواخي رؤوس الآي. وقرأ عبد الله وابن عباس "جدث" بالثاء المثلثة، وهو القبر. وقرئ بالفاء وهي بدل منها. قال الزمخشري: "الثاء للحجاز والفاء لتميم". وينبغي أن يكونا أصلين; لأن كلا منهما لغة مستقلة، ولكن قد كثر إبدال الثاء من الفاء قالوا: معثور في معفور، وقالوا: "فم" في ثم، فأبدلت هذه من هذه تارة، وهذه من هذه أخرى.
				
						
						
