الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (18) قوله : ينبغي : العامة على بنائه للفاعل. وأبو عيسى الأسود القارئ "ينبغى" مبنيا للمفعول. قال ابن خالويه: [ ص: 465 ] "زعم سيبويه أن ينبغى لغة".

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "أن نتخذ" فاعل "ينبغي" أو مفعول قائم مقام الفاعل في قراءة الأسود. وقرأ العامة "نتخذ" مبنيا للفاعل. و "من أولياء" مفعوله، وزيدت فيه "من". ويجوز أن يكون مفعولا أول على أن "اتخذ" متعدية لاثنين، ويجوز أن لا تكون المتعدية لاثنين بل لواحد، فعلى هذا "من دونك" متعلق بالاتخاذ، أو بمحذوف على أنه حال من "أولياء".

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ أبو الدرداء وزيد بن ثابت وأبو رجاء والحسن وأبو جعفر في آخرين "نتخذ" مبنيا للمفعول. وفيه أوجه، أحدها: أنها المتعدية لاثنين، والأول همز ضمير المتكلمين. والثاني: قوله: "من أولياء" و "من" للتبعيض أي: ما كان ينبغي أن نتخذ بعض أولياء، قاله الزمخشري. الثاني: أن "من أولياء" هو المفعول الثاني أيضا، إلا أن "من" مزيدة في المفعول الثاني. وهذا مردود: بأن "من" لا تزاد في المفعول الثاني، إنما تزاد في الأول. قال ابن عطية: "ويضعف هذه القراءة دخول "من" في قوله: "من أولياء" . اعترض بذلك سعيد بن جبير وغيره". الثالث: أن يكون "من أولياء" في موضع الحال. قاله ابن جني إلا أنه قال: "ودخلت "من" زيادة لمكان النفي المتقدم، كقولك: ما اتخذت زيدا من وكيل". قلت: فظاهر هذا أنه جعل [ ص: 466 ] الجار والمجرور في موضع الحال، وحينئذ يستحيل أن تكون "من" مزيدة، ولكنه يريد أن هذا المجرور هو الحال نفسه و "من" مزيدة فيه، إلا أنه لا تحفظ زيادة "من" في الحال وإن كانت منفية، وإنما حفظ زيادة الباء فيها على خلاف في ذلك.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: "أأنتم أضللتم" "أم هم ضلوا" إنما قدم الاسم على الفعل لمعنى ذكرته في قوله تعالى: "أأنت قلت للناس".

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ الحجاج "نتخذ من دونك [أولياء] " فبلغ عاصما فقال: "مقت المخدج. أو علم أن فيها "من"؟

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "ولكن متعتهم" لما تضمن كلامهم أنا لم نضلهم، ولم نحملهم على الضلال، حسن هذا الاستدراك وهو أن ذكروا سببه أي: أنعمت عليهم وتفضلت فجعلوا ذلك ذريعة إلى ضلالهم عكس القضية.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "بورا" يجوز فيه وجهان أحدهما: أنه جمع بائر كعائذ وعوذ. والثاني: أنه مصدر في الأصل، فيستوي فيه المفرد والمثنى والمجموع والمذكر والمؤنث. وهو من البوار وهو الهلاك. وقيل: من الفساد. وهي لغة للأزد يقولون: [674/أ] بارت بضاعته أي: فسدت. وأمر بائر أي: فاسد. وهذا [ ص: 467 ] معنى قولهم: "كسدت البضاعة". وقال الحسن: "وهو من قولهم: أرض بور أي: لا نبات بها. وهذا يرجع إلى معنى الهلاك والفساد".

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية