الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (109) قوله : آذنتكم : أي: أعلمتكم. فالهمزة فيه للنقل. قال الزمخشري: "آذن منقول من أذن إذا علم، ولكنه كثر استعماله في الجري مجرى الإنذار. ومنه قوله تعالى: "فأذنوا بحرب" وقول ابن حلزة:

                                                                                                                                                                                                                                      [638/ب]

                                                                                                                                                                                                                                      3367 - آذنتنا ببينها أسماء . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .



                                                                                                                                                                                                                                      قلت: وقد تقدم تحقيق هذا في البقرة.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "على سواء" في محل نصب على الحال من الفاعل والمفعول معا، أي: مستوين في العلم بما أعلمتكم به لم يطوه عن أحد منهم.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "وإن أدري" العامة على إرسال الياء ساكنة، إذ لا موجب لغير ذلك. وروي عن ابن عباس أنه قرأ: "وإن أدري أقريب"، "وإن أدري لعله فتنة" بفتح الياءين. وخرجت على التشبيه بياء الإضافة. على أن ابن مجاهد أنكر هذه القراءة البتة. وقال ابن جني: "هو غلط، لأن "إن" نافية لا عمل لها". ونقل أبو البقاء عن غيره أنه قال في تخريجها: "إنه ألقى [ ص: 217 ] حركة الهمزة على الياء فتحركت وبقيت الهمزة ساكنة، فأبدلت ألفا لانفتاح ما قبلها، ثم أبدلت همزة متحركة; لأنها في حكم المبتدأ بها، والابتداء بالساكن محال. وهذا تخريج متكلف لا حاجة إليه. ونسبة راويها عن ابن عباس إلى الغلط أولى من هذا التكلف، فإنها قراءة شاذة منكرة. وهذا التخريج وإن نفع في الأولى فلا يجدي في الثانية شيئا. وسيأتي لك قريب من ادعاء قلب الهمزة ألفا ثم قلب الألف همزة في قوله: "منسأته" إن شاء الله تعالى، وبذلك يسهل الخطب في التخريج المذكور.

                                                                                                                                                                                                                                      والجملة الاستفهامية في محل نصب بـ "أدري" لأنها معلقة لها عن العمل، وأخر المستفهم عنه لكونه فاصلة. ولو وسطه لكان التركيب: أقريب ما توعدون أم بعيد، ولكنه أخر مراعاة لرؤوس الآي.

                                                                                                                                                                                                                                      و "ما توعدون" يجوز أن يكون مبتدأ، وما قبله خبر عنه ومعطوف عليه. وجوز أبو البقاء فيه أن يرتفع فاعلا بـ "قريب". قال: "لأنه اعتمد على الهمزة". قال: "ويخرج على قول البصريين أن يرتفع بـ "بعيد" لأنه أقرب إليه". قلت: يعني أنه يجوز أن تكون المسألة من التنازع فإن كلا من الوصفين يصح تسلطه على "ما توعدون" من حيث المعنى.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية