الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (198) قوله : الأعجمين : قال صاحب "التحرير": "الأعجمين جمع أعجمي بالتخفيف. ولولا هذا التقدير لم يجز أن يجمع جمع سلامة" قلت: وكان سبب منع جمعه: أنه من باب أفعل فعلاء كأحمر حمراء. [ ص: 555 ] والبصريون لا يجيزون جمعه جمع سلامة إلا ضرورة كقوله:


                                                                                                                                                                                                                                      3537 - . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . حلائل أسودين وأحمرينا



                                                                                                                                                                                                                                      فلذلك قدره منسوبا فخفف الياء. وقد جعله ابن عطية جمع أعجم فقال: "الأعجمون جمع أعجم وهو الذي لا يفصح، وإن كان عربي النسب يقال له "أعجم" وذلك يقال للحيوانات. ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: "جرح العجماء جبار" وأسند الطبري عن عبد الله بن مطيع: أنه كان واقفا بعرفة وتحته جمل فقال: جملي هذا أعجم، ولو أنه أنزل عليه ما كانوا يؤمنون. والعجمي: هو الذي نسبته في العجم، وإن كان أفصح الناس".

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الزمخشري: "الأعجم: الذي لا يفصح، وفي لسانه عجمة أو استعجام. والأعجمي مثله، إلا أن فيه زيادة النسب توكيدا" قلت: وقد تقدم نحو من هذا في سورة النحل. وقد صرح أبو البقاء بمنع أن يكون [ ص: 556 ] "الأعجمين" جمع "أعجم" وإنما هو جمع أعجمي مخففا من أعجمي كـ "الأشعرون" في الأشعري قال: "الأعجمين [أي]: الأعجميين فحذف ياء النسب كما قالوا: الأشعرون أي: الأشعريون، وواحده أعجمي، ولا يجوز أن يكون جمع أعجم لأن مؤنثه عجماء. ومثل هذا لا يجمع جمع التصحيح".

                                                                                                                                                                                                                                      قلت: وقد تقدم ذلك. ففيما قال ابن عطية نظر. وأما الزمخشري فليس في كلامه أنه جمع أعجم مخففا أو غير مخفف، وإن كان ظاهره أنه جمع أعجم من غير تخفيف. ولكن الذي قاله ابن عطية تبع فيه الفراء فإنه قال: الأعجمين جمع أعجم أو أعجمي على حذف ياء النسب كما قالوا: الأشعرين وواحدهم أشعري. وأنشد للكميت:


                                                                                                                                                                                                                                      3538 - ولو جهزت قافية شرودا     لقد دخلت بيوت الأشعرينا



                                                                                                                                                                                                                                      لكن الفراء لا يضره ذلك فإنه من الكوفيين. وقد قدمت عنهم أنهم يجيزون جمع أفعل فعلاء.

                                                                                                                                                                                                                                      و [قرأ] الحسن وابن مقسم "الأعجميين" بياءي النسب، وهي مؤيدة لتخفيفه منه في قراءة العامة.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية