قال الشيخ: "هذا مروي عن الأصمعي، وهو ثقة سمعهم يقولون: أعطني ما في رهبك أي: كمك. وأما قوله كيف موقعه؟ فقالوا: معناه أخرج يدك من كمك" قلت: كيف يستقيم هذا التفسير؟ يفسرون اضمم بمعنى أخرج.
وقال الزمخشري: "فإن قلت: قد جعل الجناح وهو اليد في أحد الموضعين مضموما، وفي الآخر مضموما إليه، وذلك قوله: "واضمم إليك جناحك" وقوله: "واضمم يدك إلى جناحك" فما التوفيق بينهما؟ قلت: المراد بالجناح المضموم [هو] اليد اليمنى، وبالجناح المضموم إليه هو اليد اليسرى، وكل واحدة من يمنى اليدين ويسراهما جناح".
[ ص: 672 ] قوله: "فذانك" قد تقدم قراءة التخفيف والتثقيل في سورة النساء. وقرأ ابن مسعود وعيسى وشبل وأبو نوفل بياء بعد نون مكسورة، وهي لغة هذيل. وقيل: تميم . وروى شبل عن ابن كثير بياء بعد نون مفتوحة. وهذا على لغة من يفتح نون التثنية، كقوله:
3604 - على أحوذيين استقلت عشية فما هي إلا لمحة وتغيب
والياء بدل من إحدى النونين كـ "تظنيت". وقرأ عبد الله بتشديد النون وياء بعدها. ونسبت لهذيل. قال المهدوي: بل لغتهم تخفيفها. ولا أظن الكسرة هنا إلا إشباعا كقراءة هشام "أفئيدة من الناس".
و "ذانك" إشارة إلى العصا واليد وهما مؤنثتان، وإنما ذكر ما أشير به إليهما لتذكير خبرهما وهو برهانان، كما أنه قد يؤنث لتأنيث خبره كقراءة "ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا" فيمن أنث، ونصب "فتنتهم"، وكذا قول [ ص: 673 ] الشاعر:
3605 - . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . فقد خاب من كانت سريرته الغدر
وتقدم إيضاح هذا في الأنعام. والبرهان تقدم اشتقاقه.
وقال الزمخشري هنا: "فإن قلت: لم سميت الحجة برهانا؟ قلت: لبياضها وإنارتها، من قولهم للمرأة البيضاء "برهرهة" بتكرير العين واللام. والدليل على زيادة النون قولهم: أبره الرجل إذا جاء بالبرهان. ونظيره تسميتهم إياها سلطانا، من السليط وهو الزيت لإنارتها".
قوله: "إلى فرعون" متعلق بمحذوف فقدره أبو البقاء "مرسلا إلى فرعون" وغيره: اذهب إلى فرعون. وهذا المقدر ينبغي أن يكون حالا من "برهانان" أي: مرسلا بهما إلى فرعون. والعامل في هذه الحال ما في اسم الإشارة.


