[ ص: 135 ] فوائد في الأيمان التي يستحلف بها النساء أزواجهن إذا استحلفته زوجته : أن لا يتزوج عليها ، فحلف ونوى شيئا مما ذكرنا أولا  ، فله نيته ، فإن أرادت إحلافه بطلاق كل امرأة يتزوجها عليها ، أو " إن تزوج عليها فلانة ، فهي طالق " وقلنا يصح ، على رواية تقدمت ، أو أرادت إحلافه بعتق كل جارية يشتريها عليها ، وقلنا : يصح على رأي ، فإذا قال " كل امرأة أتزوجها عليك ، وكل جارية أشتريها " ونوى جنسا من الأجناس ، أو من بلد بعينه ، أو نوى أن يكون صداقها ، أو ثمن الجارية نوعا من أنواع المال بعينه  ، فمتى تزوج أو اشترى بغير الصفة التي نواها : لم يحنث ، وكذا إن نوى " كل زوجة أتزوجها عليك " أي على طلاقك ، أو نوى بقوله " عليك " أي على رقبتك ، أي تكون رقبتك صداقا لها  ، فله نيته فيما بينه وبين الله تعالى ، ولا يقبل في الحكم ; لأنه خلاف الظاهر ، ذكره  القاضي  في كتاب إبطال الحيل ، فإن أحلفته بطلاق كل امرأة يطؤها غيرها ، ولم يكن تزوج غيرها  ، فأي امرأة تزوجها بعد ذلك ووطئها لا تطلق ، وكذلك إن قال " كل جارية أطؤها حرة " ولم يكن في ملكه جارية ، ثم اشترى جارية ووطئها  ، فإنها لا تعتق ، سواء قلنا يصح تعليق العتاق والطلاق قبل الملك أو لا يصح ; لأن هذه يمين في غير ملك ، ولا مضافة إلى ملك ، فلا تنعقد ; لأنه لم يقل " كل امرأة أتزوجها فأطؤها " أو " كل جارية أشتريها فأطؤها " . 
قال في المستوعب وغيره : وقد ذكرنا أنه لا يختلف المذهب : أنه إذا قال لأجنبية " إن دخلت داري فأنت طالق " ثم تزوجها ودخلت داره    : أنها لا تطلق ، وكذا إن قال لأمة غيره " إن ضربتك فأنت حرة " ثم اشتراها وضربها    : فإنها لا تعتق ،  [ ص: 136 ] فأما إن كان له وقت اليمين زوجات أو جوار ، وقالت له : قل " كل امرأة أطؤها غيرك طالق ، أو حرة " وقال ذلك من غير نية  ، فأي زوجة وطئ غيرها منهن طلقت ، وأي جارية وطئها منهن : عتقت ، فإن نوى بقوله " كل جارية أطؤها وكل امرأة أطؤها غيرك " برجلي يعني يطؤها برجله فله نيته ، ولا يحنث بجماع غيرها ، زوجة كانت أو سرية ، فإن أرادت امرأته الإشهاد عليه بهذه اليمين التي يحلف بها في جواريه ، وخاف أن يرفع إلى الحاكم فلا يصدقه فيما نواه ، فالحيلة : أن يبيع جواريه ممن يثق به ، ويشهد على بيعهن شهودا عدولا من حيث لا تعلم الزوجة ، ثم بعد ذلك يحلف بعتق كل جارية يطؤها منهن ، فيحلف وليس في ملكه شيء منهن ، ويشهد على وقت اليمين شهود البيع ليشهدوا له بالحالين جميعا ، فإن أشهد غيرهم وأرخ الوقتين ، وبينهما من الفصل ما يتميز كل وقت منهما عن الآخر : كفاه ذلك ، ثم بعد اليمين يقايل مشتري الجواري ، أو يعود ويشتريهن منه ، ويطؤهن ولا يحنث . 
فإن رافعته إلى الحاكم ، وأقامت البينة باليمين بوطئهن : أقام هو البينة أنه لم يكن وقت اليمين في ملكه شيء منهن ، فإن قالت له : قل " كل جارية أشتريها فأطؤها فهي حرة " فليقل ذلك ، وينوي به الاستفهام ، ولا ينوي به الحلف ، فلا يحنث ، ذكر ذلك صاحب المستوعب ، ومن تابعه ، قلت    : وهذا كله صحيح متفق عليه ، إذا كان الحالف مظلوما على ما تقدم وقال في المستوعب : وجدت بخط شيخنا أبي حكيم  ، قال : حكي أن رجلا سأل  الإمام أحمد بن حنبل  رضي الله عنه عن رجل حلف أن لا يفطر في رمضان  ، فقال له : اذهب إلى  بشر بن الوليد  فاسأله ، ثم ائتني فأخبرني ، فذهب فسأله ؟  [ ص: 137 ] فقال له بشر    : إذا أفطر أهلك فاقعد معهم ولا تفطر ، فإذا كان السحر فكل ، واحتج بقول النبي صلى الله عليه وسلم { هلموا إلى الغداء المبارك   } فاستحسنه  الإمام أحمد  رحمه الله . انتهى . وفيما ذكرناه من هذه المسألة كفاية ، والله أعلم بالصواب . 
				
						
						
