الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 51 ] قوله ( وإن ) ( قال : أنت طالق يوم يقدم زيد ، فماتت غدوة ، وقدم بعد موتها ) يعني : في ذلك اليوم ( فهل وقع بها الطلاق ) ؟ ( على وجهين ) وأطلقهما ابن منجا في شرحه ، والناظم ، أحدهما : وقع بها الطلاق ، وهو الصحيح من المذهب ، صححه في التصحيح ، والمغني ، والشرح ، وجزم في الوجيز وغيره ، وقدمه في الرعايتين ، والحاوي ، والفروع ، وغيرهم ، . والوجه الثاني : لا يقع بها الطلاق ، وأما " إذا قدم ليلا أو نهارا ، أو حيا أو ميتا ، أو طائعا أو مكرها " فيأتي في كلام المصنف في آخر الباب ، فعلى المذهب : تطلق من أول النهار ، جزم به في المغني ، والشرح ، وقدمه في المحرر ، والحاوي ، وقيل : تطلق عقيب قدومه ، وقدمه في الرعايتين ، وأطلقهما في الفروع ، كذا الحكم لو قدم وهي حية في وقت وقوع الطلاق الوجهان . قوله ( وإن قال : أنت طالق في غد إذا قدم زيد ، فماتت قبل قدومه : لم تطلق ) هذا أحد الوجهين ، وهو احتمال في الهداية ، وصححه في المستوعب ، وجزم به في الكافي ، والشرح ، والنظم ، والوجيز ، وغيرهم . والوجه الثاني : تطلق ، وهو المذهب ، قال في المستوعب : ذكر أصحابنا أنه يحكم بطلاقها بناء على ما إذا نذر أن يصوم [ ص: 52 ] غدا إذا قدم زيد ، فقدم وقد أكل ، فإنه يلزمه قضاؤه ; لأن نذره [ قد ] انعقد . انتهى . وهو ظاهر ما جزم به في المحرر ، فإنه قال : إذا قال " أنت طالق في غد إذا قدم زيد " فقدم فيه طلقت ، ولم يفرق بين موتها وعدمه ، وقدمه في الهداية ، والخلاصة ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والفروع ، وغيرهم ، واختاره ابن عبدوس في تذكرته ، وأطلقهما في المذهب ، فعلى المذهب : يقع الطلاق عقيب قدومه على الصحيح من المذهب ، قدمه في المحرر ، والنظم ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، وغيرهم ، وجزم به في الشرح ، وقال أبو الخطاب : تطلق من أول الغد ، وجزم به ابن عبدوس في تذكرته ، وأطلقهما في الفروع ، وقيل : محل هذا إذا قدم والزوجان حيان .

فائدتان : إحداهما : لو قدم زيد والزوجان حيان ، طلقت قولا واحدا ، لكن في وقت وقوعه الوجهان المتقدمان ، وأطلقهما في الفروع . أحدهما : يكون وقت قدومه ، وهو المذهب ، قدمه في المحرر ، والنظم ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، وغيرهم ، وهو ظاهر ما قطع به الشارح في بحثه . والوجه الثاني : تطلق من أول الغد ، اختاره أبو الخطاب كما تقدم . الثانية : قوله ( وإن قال : أنت طالق اليوم غدا : طلقت اليوم واحدة ، إلا أن يريد طالق اليوم وطالق غدا ، فتطلق اثنتين ) بلا خلاف أعلمه ، وإن أراد : نصف طلقة اليوم ، ونصفها غدا : طلقت طلقتين على الصحيح من المذهب ، كما جزم به المصنف هنا ، [ ص: 53 ] وجزم به في الهداية ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، والخلاصة والمحرر ، والنظم ، وغيرهم ، وقدمه في المغني ، والشرح ، وقيل : تطلق واحدة ، وهو احتمال للقاضي ، ولم يذكر هذه المسألة في الفروع . قوله ( فإن نوى نصف طلقة اليوم وباقيها غدا احتمل وجهين ) وأطلقهما في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والشرح ، وشرح ابن منجا ، أحدهما : تطلق واحدة ، وهو الصحيح من المذهب ، صححه في التصحيح ، والنظم ، قدمه في المحرر ، والفروع ، والوجه الثاني : تطلق اثنتين .

التالي السابق


الخدمات العلمية