الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وإن قال : أنت طالق كل الطلاق ، أو أكثره ، أو جميعه أو منتهاه ، أو طالق كألف أو بعدد الحصا ، أو القطر ، أو الريح ، أو الرمل ، أو التراب : طلقت ثلاثا ) ، أما إذا قال ذلك في غير أكثر الطلاق : فإنها تطلق ثلاثا ، قطع به الأصحاب ونص عليه الإمام أحمد رحمه الله في " كألف " ، وقال في الانتصار ، والمستوعب : يأثم بالزيادة ، وأما أكثره : فجزم المصنف هنا بأنها تطلق به ثلاثا ، وهو المذهب ، جزم به في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والمغني في موضع ، والكافي والهادي ، والبلغة ، والرعايتين ، والحاوي ، والمحرر ، والنظم ، والمنور ، والوجيز ، وتذكرة ابن عبدوس ، وإدراك الغاية ، وغيرهم ، قال في تجريد العناية : هذا الأشهر ، وجزم به الشارح في موضع تبعا للمصنف ، وقيل : تطلق واحدة ، وجزم به في المغني في موضع آخر ، فقال : تطلق واحدة في قياس المذهب ، واقتصر عليه ، وتبعه في الشرح في موضع ، وجزم به ابن رزين في شرحه ، وأطلقهما في الفروع .

فوائد . إحداهما لو قال " أنت طالق أقصى الطلاق " طلقت ثلاثا ، ك " منتهاه وغايته " ، وقال في الرعاية الكبرى ، أظهر الوجهين : أنها تطلق ثلاثا ، واختاره في المستوعب ، وقيل : تطلق واحدة ، وهو الصحيح من المذهب ك " أشده وأطوله وأعرضه " [ ص: 11 ] اختاره القاضي ، ذكره عنه في المستوعب ، وقدمه في المغني ، والشرح ، وشرح ابن رزين ، وأطلقهما في البلغة ، والرعاية الصغرى ، والحاوي ، والفروع ، الثانية : لو نوى كألف في صعوبتها ، فهل يقبل في الحكم ؟ فيه الخلاف المتقدم ، وقدم في الرعايتين أنه لا يقبل . الثالثة : لو قال " أنت طالق إلى مكة " ولم ينو بلوغها : طلقت في الحال ، جزم به بعض المتأخرين ، قال في القواعد الأصولية : ولكن ينبغي أن يحمل الكلام على جهة صحيحة ، وهو إما أنه يحمل على معنى : أنت طالق إن دخلت إلى مكة ، أو إذا خرجت إلى مكة ، فإن حمل على الأول : لم تطلق إلا بالدخول إليها ، وهذا أولى لبقاء نفي النكاح ، وإن حمل على الثاني : كان حكمها حكم ما لو قال " إن خرجت إلى العرس أو إلى الحمام بغير إذني فأنت طالق " فخرجت إلى ذلك تقصده ولم تصل إليه ، ولو قال " أنت طالق بعد مكة " طلقت في الحال ، ويأتي التنبيه على ذلك في باب الطلاق في الماضي والمستقبل عند قوله " وإن قال : أنت طالق إلى شهر " .

التالي السابق


الخدمات العلمية