الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وكذا إن أراد ظالم أن يحلفه بطلاق أو عتاق أن لا يفعل ما يجوز له فعله أو أن يفعل ما لا يجوز له فعله ، أو أنه لم يفعل كذا لشيء لا يلزمه الإقرار به ، فحلف ونوى شيئا مما ذكرنا : لم يحنث ، وكذا إن قال له " قل : زوجتي ، أو كل زوجة لي طالق ، إن فعلت كذا " ، أو " إن كنت فعلت كذا ، أو إن لم أفعل كذا " فقال : ونوى زوجته العمياء ، أو اليهودية ، أو كل زوجة له عمياء ، أو يهودية ، أو نصرانية ، أو عوراء ، أو خرساء ، أو حبشية ، أو رومية ، أو مكية ، أو مدنية ، أو خراسانية ، أو نوى كل امرأة تزوجتها بالصين ، أو بالبصرة ، أو بغيرها من المواضع ، فمتى لم يكن له زوجة على الصفة التي نواها ، وكان له زوجات على غيرها من الصفات : لم يحنث . وكذا حكم العتاق ، وكذلك إن قال " نساؤه طوالق " ونوى بنسائه بناته ، أو عماته ، أو خالاته للآية ، على ما تقدم أول الباب ، وكذا إن قال " إن كنت فعلت كذا " ونوى : إن كنت فعلته بالصين ، ونحوه من الأماكن التي لم يفعله فيها : لم يحنث ، فإن أحلفه مع الطلاق بصدقة جميع ما يملك ، فحلف ونوى جنسا من الأموال ليس في ملكه منه شيء : لم يحنث ، وكذا إن أحلفه بالمشي إلى بيت الله الحرام الذي بمكة ، فقال " عليه المشي إلى بيت الله الحرام الذي بمكة " ونوى بقوله " بيت الله " مسجد الجامع ، وبقوله " الحرام الذي بمكة " المحرم الذي بمكة لحج أو عمرة ، ثم وصله بقوله " يلزمه تمام حجة وعمرة " فله نيته ، ولا يلزمه شيء .

فإن ابتدأ إحلافه بالله تعالى ، فقال له " قل : والله " فالحيلة أن يقول " هو [ ص: 132 ] الله الذي لا إله إلا هو " ويدغم الهاء في الواو حتى لا يفهم محلفه ذلك ، فإن قال له المحلف : أنا أحلفك بما أريد ، وقل أنت " نعم " كلما ذكرت أنا فصلا ووقفت ، فقل : أنت " نعم " وكتب له نسخة اليمين بالطلاق والعتاق والمشي إلى بيت الله الحرام ، وصدقة جميع ما يملكه ، فالحيلة : أن ينوي بقوله " نعم " بهيمة الأنعام ، ولا يحنث ، فإن قال له : اليمين التي أحلفك بها لازمة لك قل " نعم " أو قال له : قل " اليمين التي تحلفني بها لازمة لي " فقال ، ونوى باليمين يده ، فله نيته ، وكذا إن قال له " أيمان البيعة لازمة لك " أو قال له : قل " أيمان البيعة لازمة لي " فقال ، ونوى بالأيمان الأيدي التي تنبسط عند أخذ الأيدي ، ويصفق بعضها على بعض ، فله نيته ، وكذا إن قال له " واليمين يميني ، والنية نيتك " فقال ، ونوى بيمينه : يده ، وبالنية : البضعة من اللحم ، فله نيته ، فإن قال له : قل " إن كنت فعلت كذا ، فامرأتي علي كظهر أمي " ، فالحيلة : أن ينوي بالظهر ما يركب من الخيل والبغال والحمير والإبل ، فإذا نوى ذلك : لم يلزمه شيء .

ذكره القاضي في كتاب إبطال الحيل ، وقال : هذا من الحيل المباحة ، قال : وكذلك إن قال له " قل : فأنا مظاهر من زوجتي " فالحيلة : أن ينوي بقوله " مظاهر " مفاعل من ظهر الإنسان ، كأنه يقول " ظاهرتها فنظرت أينا أشد ظهرا " قال " والمظاهر " أيضا : الذي قد لبس حريرة بين درعين ، وثوبا بين ثوبين ، فأي ذلك نوى فله نيته ، فإن قال له : قل " وإلا فقعيدة بيتي التي يجوز عليها أمري طالق " أو " هي حرام " فقال ، ونوى بالقعيدة : نسيجة تنسج كهيئة العباءة ، فله نيته ، [ ص: 133 ] فإن قال : قل " وإلا فمالي على المساكين صدقة " فالحيلة : أن ينوي بقوله " ماله على المساكين " من دين ، ولا دين عليهم ، فلا يلزمه شيء ، فإن قال : قل " وإلا فكل مملوك لي حر " فالحيلة : أن ينوي بالمملوك الدقيق الملتوت بالزيت والسمن .

التالي السابق


الخدمات العلمية