الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وإن لاعن ونكلت الزوجة خلي سبيلها ، ولحقه الولد ، ذكره الخرقي ) ، إذا لاعن الزوج ، ونكلت المرأة : فلا حد عليها ، على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب ، وقطع به كثير منهم ، حتى قال الزركشي : أما انتفاء الحد عنها : فلا نعلم فيه خلافا في مذهبنا ، وقال الجوزجاني ، وأبو الفرج ، والشيخ تقي الدين رحمه الله : عليها الحد ، قال في الفروع : وهو قوي ، وقدم المصنف رحمه الله أنه يخلى سبيلها ، وهو إحدى الروايتين ، اختاره الخرقي ، وأبو بكر ، قال ابن منجا في شرحه : هذا المذهب ، وجزم به في الوجيز ، وقدمه في تجريد العناية ، وعن الإمام أحمد رحمه الله : تحبس حتى تقر أو تلاعن ، اختاره القاضي ، وابن البنا ، والشيرازي ، وصححه في المذهب ، ومسبوك الذهب ، وقدمه في الخلاصة ، والكافي ، والمحرر ، والنظم ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، وإدراك الغاية ، وجزم به الأدمي في منتخبه ، والمنور ، [ ص: 250 ] قلت : وهذا المذهب ، لاتفاق الشيخين ، وأطلقهما في الهداية ، والمستوعب ، والمغني ، والشرح ، والفروع بعنه وعنه .

فائدة :

قوله في الرواية الثانية " تحبس حتى تقر " ، ويكون إقرارها بالزنا أربع مرات ، ولا يقام نكولها مقام إقراره مرة ، على الصحيح من المذهب وهو اختيار الخرقي ، وغيره من الأصحاب ، وقدمه في المستوعب ، والرعايتين ، والفروع ، قال في المستوعب : ومن الأصحاب من أقام النكول مقام إقرارها مرة ، وقال : إذا أقرت بعد ذلك ثلاث مرات : لزمها الحد ، وهو ظاهر كلام أبي بكر في التنبيه ، قاله في المستوعب ، وأشكل توجيه هذا القول على الزركشي وابن نصر الله في حواشيه ; لأنهما لم يطلعا على كلامه في المستوعب .

فائدة :

مثل ذلك في الحكم : لو أقرت دون أربع مرات من غير تقدم نكول منها . قوله ( ولا يعرض للزوج حتى تطالبه الزوجة ) ، فلو كانت مجنونة ، أو محجورا عليها ، أو صغيرة أو أمة ، فإن أراد اللعان من غير طلبها ، فإن كان بينهما ولد يريد نفيه فله ذلك ، وإلا فلا ، وإن كان بينهما ولد ، فقال القاضي : يشرع له أن يلاعن ، وجزم المصنف أن له أن يلاعن ، فيحتمل ما قاله القاضي ، وقال المصنف ، والشارح : ويحتمل أن لا يشرع اللعان هنا ، قال : وهو المذهب ، قال في المحرر ، وتبعه الزركشي : لا يشرع مع وجود الولد على أكثر نصوص الإمام أحمد رحمه الله ; لأنه أحد موجبي القذف ، فلا يشرع مع عدم المطالبة كالحد ، [ ص: 251 ] ويحتمله كلام المصنف أيضا ، وقدمه في المحرر ، والنظم ، والرعايتين ، والحاوي ، والفروع .

التالي السابق


الخدمات العلمية