[ ص: 3 ] بسم الله الرحمن الرحيم
جماع أبواب سيرته -صلى الله عليه وسلم- في المعاملات وما يلتحق بها
الباب الأول
في
nindex.php?page=treesubj&link=5491الكلام على النقود التي كانت تستعمل في زمانه صلى الله عليه وسلم
قال
الإمام أبو سليمان أحمد بن الخطابي -رحمه الله تعالى- : كان أهل
المدينة يتعاملون بالدرهم عددا وقت مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويدل عليه قول
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة -رضي الله عنها- في قصة شرائها
بريرة : إن شاء أهلك أن أعدها لهم عدة واحدة ، فقلت : تريد الدراهم التي هي ثمنها ، فأرشدهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى الوزن ، وجعل العيار وزن أهل
مكة ، وكان الوزن الجاري بينهم في الدرهم ستة دوانق وهو درهم الإسلام في جميع البلدان ، وكانت
nindex.php?page=treesubj&link=5389الدراهم قبل الإسلام مختلفة الأوزان في البلدان ، فمنها البغلي ، وهو ثمانية دوانق ، والطبري وهو أربعة دوانق ، وكانوا يستعملونها (مناصفة) مائة بغلية ومائة طبرية ، فكان في المائتين منها خمسة دراهم زكاة ، فلما كان زمن
بني أمية ، قالوا : إن ضربنا البغلية ظن الناس أنها التي تعتبر للزكاة ضد الفقراء ، وإن ضربنا الطبرية ضر أرباب الأموال ، فجمعوا الدراهم البغلي والطبري وجعلوهما درهمين ، كل درهم ستة دوانق .
وأما الدنانير : فكانت تحمل إليهم من بلاد الروم ، فلما أراد
nindex.php?page=showalam&ids=16491عبد الملك بن مروان ضرب الدنانير والدراهم سأل عن أوزان الجاهلية ، فأجمعوا له على أن المثقال ثمان وعشرون قيراطا إلا حبة بالشامي ، وأن كل عشرة من الدراهم سبعة مثاقيل فضربها . انتهى كلام الخطابي .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي (في الأحكام السلطانية) :
nindex.php?page=treesubj&link=5389استقر في الإسلام وزن الدرهم ستة دوانق ، كل عشرة سبعة مثاقيل ، واختلف في سبب استقرارها على هذا الوزن ، فقيل : كانت في الفرس ثلاثة أوزان ، منها درهم على وزن المثقال عشرون قيراطا ، ودرهم اثنا عشر ، ودرهم عشرة ، فلما احتيج في الإسلام إلى تقدير أخذ الوسط من جميع الأوزان الثلاثة ، وهو اثنان وأربعون قيراطا من قيراط المثقال .
وقيل : إن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رأى الدراهم مختلفة ، منها : البغلي ثمانية دوانق ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935والطبري أربعة دوانق ، واليمني دانق واحد ، فقال : انظروا أغلب ما يتعامل الناس به من أعلاها وأدناها ، فكان البغلي والطبري ، فجمعهما فكانا اثني عشر دانقا ، فأخذ نصفهما ، فكان ستة
[ ص: 4 ] دوانق ، فجعله درهم الإسلام .
واختلف في أول من ضربها في الإسلام ، فحكي عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب أن
nindex.php?page=treesubj&link=34020أول من ضربها في الإسلام عبد الملك بن
قال
أبو الزناد : أمر
عبد الملك الحجاج بضربها في
العراق سنة أربعة وسبعين من الهجرة .
وقال
المدايني : بل ضربها في آخر سنة خمس وسبعين ، ثم أمر بضربها في النواحي سنة ست وسبعين ، وقال : وقيل : أول من ضربها
nindex.php?page=showalam&ids=17095مصعب بن الزبير بأمر أخيه عبد الله بن الزبير سنة سبعين على ضرب الأكاسرة ، ثم غيرها
الحجاج . انتهى كلام
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض : لا يصح أن تكون الأوقية والدرهم مجهولة في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو موجب الزكاة في أعداد منها ، وتقع بها المبايعات والأنكحة ، كما ثبت في الأحاديث الصحيحة ، قال : وهذا يبين في الأحاديث أن قول من زعم أن الدراهم لم تكن معلومة إلى زمن
nindex.php?page=showalam&ids=16491عبد الملك بن مروان ، وأنه جمعها برأي العلماء ، وأنه جعل كل عشرة وزن سبعة مثاقيل ، ووزن الدرهم ستة دوانق - قول باطل ، وأن معنى ما نقل من ذلك أنه لم يكن منها شيء من ضرب الإسلام ، وعلى صفة لا تختلف ، بل كانت مجموعات من ضرب فارس والروم ، وصغارا وكبارا ، وقطع فضة غير مضروبة ولا منقوشة ويمنية ومغربية ، فزاد صرفها في الإسلام ، ونقصها وتصييرها وزنا واحدا أو أعيانا يستغنى بها عن الموازين ، فجمعوا أكبرها وأصغرها ، وضربوه على وزنهم .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي : أجمع أهل العصر الأول على التقدير على هذا الوزن ، وهو أن الدرهم ستة دوانق ، كل عشرة دراهم سبعة مثاقيل ، ولم يتغير المثقال في الجاهلية ولا الإسلام .
وقال
النووي في [شرح] المهذب : الصحيح الذي يتعين اعتماده واعتقاده أن الدراهم المطلقة في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت معلومة الوزن معروفة المقدار ، وهي السابقة إلى الأفهام عند الإطلاق ، وبها تتعلق الزكاة وغيرها من الحقوق والمقادير الشرعية ، ولا يمنع من هذا كونه كان هناك دراهم أخرى أقل أو أكثر من هذا القدر ، فإطلاق النبي صلى الله عليه وسلم الدراهم محمول على المفهوم عند الإطلاق ، وهو كل درهم ستة دوانق ، كل عشرة سبعة مثاقيل ، وأجمع أهل العصر الأول فمن بعدهم إلى يومنا هذا على هذا .
ولا يجوز أن يجمعوا على خلاف ما كان في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين ، وأما مقدار الدراهم والدنانير فقال الحافظ أبو محمد عبد الحق في كتاب (الأحكام) : قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم : بحثت غاية البحث عن من وثقت بتمييزه ، فكل اتفق على أن دينار الذهب بمكة وزنه اثنتان وثمانون حبة وثلاثة أعشار حبة من حب الشعير المطلق ، والدراهم سبعة أعشار المثقال ، فوزن الدرهم المكي سبع وخمسون حبة وستة
[ ص: 5 ] أعشار حبة ، والرطل مائة درهم وثمانية وعشرون درهما بالدراهم المذكورة ، هذا كلام ابن حزم .
قال
النووي -بعد إيراده- في شرح المهذب : وقال غير هؤلاء : وزن الرطل البغدادي مائة وثمانية وعشرون درهما وأربعة أسباع درهم ، وهو تسعون مثقالا . انتهى .
قال
ابن سعد في الطبقات : حدثنا
محمد بن عمر الواقدي ، حدثنا
عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن أبيه ، قال : ضرب
nindex.php?page=showalam&ids=16491عبد الملك بن مروان الدنانير والدراهم سنة خمسة وسبعين «وهو أول من أحدث ضربها ، ونقش عليها» .
وفي (الأوائل)
للعسكري : أنه نقش عليها اسمه ، وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر في تاريخه من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=14171الحميدي عن
سفيان ، قال : سمعت أبي يقول : أول من وضع وزن سبعة
الحارث بن ربيعة ، يعني : العشرة عدها سبعة وزنا .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر عن
مغيرة ، وقال :
nindex.php?page=treesubj&link=34020أول من ضرب الدراهم الزيوف عبيد الله بن زياد ، وهو قاتل
nindex.php?page=showalam&ids=17الحسين .
وفي تاريخ
الذهبي : nindex.php?page=treesubj&link=34020أول من ضرب الدراهم في بلاد العرب عبد الرحمن بن الحكم الأموي القائم
بالأندلس في القرن الثالث ، وإنما كانوا يتعاملون بما يحمل إليهم من دراهم المشرق .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم في تفسيره عن
أبي جعفر ، قال : القنطار خمسة عشر ألف مثقال ، والمثقال أربعة وعشرون قيراطا .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير في تفسيره عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=14والقناطير المقنطرة [آل عمران : 14] يعني المضروبة حتى صارت دنانير أو دراهم . انتهى .
[ ص: 3 ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
جُمَّاعُ أَبْوَابِ سِيرَتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْمُعَامَلَاتِ وَمَا يَلْتَحِقُ بِهَا
الْبَابُ الْأَوَّلُ
فِي
nindex.php?page=treesubj&link=5491الْكَلَامِ عَلَى النُّقُودِ الَّتِي كَانَتْ تُسْتَعْمَلُ فِي زَمَانِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ
الْإِمَامُ أَبُو سُلَيْمَانَ أَحْمَدُ بْنُ الْخَطَّابِيِّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- : كَانَ أَهْلُ
الْمَدِينَةِ يَتَعَامَلُونَ بِالدِّرْهَمِ عَدَدًا وَقْتَ مَقْدَمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- فِي قِصَّةِ شِرَائِهَا
بَرِيرَةَ : إِنْ شَاءَ أَهْلُكِ أَنْ أُعِدَّهَا لَهُمْ عِدَّةً وَاحِدَةً ، فَقُلْتُ : تُرِيدُ الدَّرَاهِمَ الَّتِي هِيَ ثَمَنُهَا ، فَأَرْشَدَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْوَزْنِ ، وَجَعَلَ الْعِيَارَ وَزْنَ أَهْلِ
مَكَّةَ ، وَكَانَ الْوَزْنُ الْجَارِي بَيْنَهُمْ فِي الدِّرْهَمِ سِتَّةَ دَوَانِقَ وَهُوَ دِرْهَمُ الْإِسْلَامِ فِي جَمِيعِ الْبُلْدَانِ ، وَكَانَتِ
nindex.php?page=treesubj&link=5389الدَّرَاهِمُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ مُخْتَلِفَةَ الْأَوْزَانِ فِي الْبُلْدَانِ ، فَمِنْهَا الْبَغْلِيُّ ، وَهُوَ ثَمَانِيَةُ دَوَانِقَ ، وَالطَّبَرِيُّ وَهُوَ أَرْبَعَةُ دَوَانِقَ ، وَكَانُوا يَسْتَعْمِلُونَهَا (مُنَاصَفَةً) مِائَةٌ بِغَلِيَّةٌ وَمِائَةٌ طَبَرِيَّةٌ ، فَكَانَ فِي الْمِائَتَيْنِ مِنْهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ زَكَاةً ، فَلَمَّا كَانَ زَمَنُ
بَنِي أُمَيَّةَ ، قَالُوا : إِنْ ضَرَبْنَا الْبَغْلِيَّةَ ظَنَّ النَّاسُ أَنَّهَا الَّتِي تُعْتَبَرُ لِلزَّكَاةِ ضِدَّ الْفُقَرَاءِ ، وَإِنْ ضَرَبْنَا الطَّبَرِيَّةَ ضُرَّ أَرْبَابُ الْأَمْوَالِ ، فَجَمَعُوا الدَّرَاهِمَ الْبَغْلِيَّ وَالطَّبَرِيَّ وَجَعَلُوهُمَا دِرْهَمَيْنِ ، كُلُّ دِرْهَمٍ سِتَّةُ دَوَانِقَ .
وَأَمَّا الدَّنَانِيرُ : فَكَانَتْ تُحْمَلُ إِلَيْهِمْ مِنْ بِلَادِ الرُّومِ ، فَلَمَّا أَرَادَ
nindex.php?page=showalam&ids=16491عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ ضَرْبَ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ سَأَلَ عَنْ أَوْزَانِ الْجَاهِلِيَّةِ ، فَأَجْمَعُوا لَهُ عَلَى أَنَّ الْمِثْقَالَ ثَمَانٍ وَعِشْرُونَ قِيرَاطًا إِلَّا حَبَّةً بِالشَّامِيِّ ، وَأَنَّ كُلَّ عَشَرَةٍ مِنَ الدَّرَاهِمِ سَبْعَةُ مَثَاقِيلَ فَضَرَبَهَا . انْتَهَى كَلَامُ الْخَطَّابِيُّ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15151الْمَاوَرْدِيُّ (فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ) :
nindex.php?page=treesubj&link=5389اسْتَقَرَّ فِي الْإِسْلَامِ وَزْنُ الدِّرْهَمِ سِتَّةَ دَوَانِقَ ، كُلُّ عَشَرَةٍ سَبْعَةُ مَثَاقِيلَ ، وَاخْتُلِفَ فِي سَبَبِ اسْتِقْرَارِهَا عَلَى هَذَا الْوَزْنِ ، فَقِيلَ : كَانَتْ فِي الْفُرْسِ ثَلَاثَةَ أَوْزَانٍ ، مِنْهَا دِرْهَمٌ عَلَى وَزْنِ الْمِثْقَالِ عِشْرُونَ قِيرَاطًا ، وَدِرْهَمٌ اثْنَا عَشَرَ ، وَدِرْهَمٌ عَشَرَةٌ ، فَلَمَّا احْتِيجَ فِي الْإِسْلَامِ إِلَى تَقْدِيرٍ أُخِذَ الْوَسَطُ مِنْ جَمِيعِ الْأَوْزَانِ الثَّلَاثَةِ ، وَهُوَ اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ قِيرَاطًا مِنْ قِيرَاطِ الْمِثْقَالِ .
وَقِيلَ : إِنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَأَى الدَّرَاهِمَ مُخْتَلِفَةً ، مِنْهَا : الْبَغْلِيُّ ثَمَانِيَةُ دَوَانِقَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وَالطَّبَرِيُّ أَرْبَعَةُ دَوَانِقَ ، وَالْيَمَنِيُّ دَانَقٌ وَاحِدٌ ، فَقَالَ : انْظُرُوا أَغْلَبَ مَا يَتَعَامَلُ النَّاسُ بِهِ مِنْ أَعْلَاهَا وَأَدْنَاهَا ، فَكَانَ الْبَغْلِيَّ وَالطَّبَرِيَّ ، فَجَمَعَهُمَا فَكَانَا اثْنَيْ عَشَرَ دَانَقًا ، فَأَخَذَ نِصْفَهُمَا ، فَكَانَ سِتَّةَ
[ ص: 4 ] دَوَانِقَ ، فَجَعَلَهُ دِرْهَمَ الْإِسْلَامِ .
وَاخْتُلِفَ فِي أَوَّلِ مَنْ ضَرَبَهَا فِي الْإِسْلَامِ ، فَحُكِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15990سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=34020أَوَّلَ مَنْ ضَرَبَهَا فِي الْإِسْلَامِ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ
قَالَ
أَبُو الزِّنَادِ : أَمَرَ
عَبْدُ الْمَلِكِ الْحَجَّاجَ بِضَرْبِهَا فِي
الْعِرَاقِ سَنَةَ أَرْبَعَةٍ وَسَبْعِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ .
وَقَالَ
الْمَدَايِنِيُّ : بَلْ ضَرَبَهَا فِي آخِرِ سَنَةِ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ ، ثُمَّ أَمَرَ بِضَرْبِهَا فِي النَّوَاحِي سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِينَ ، وَقَالَ : وَقِيلَ : أَوَّلُ مَنْ ضَرَبَهَا
nindex.php?page=showalam&ids=17095مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ بِأَمْرِ أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ سَنَةَ سَبْعِينَ عَلَى ضَرْبِ الْأَكَاسِرَةِ ، ثُمَّ غَيَّرَهَا
الْحَجَّاجُ . انْتَهَى كَلَامٌ
nindex.php?page=showalam&ids=15151الْمَاوَرْدِيُّ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14961الْقَاضِي عِيَاضٌ : لَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ الْأُوقِيَّةُ وَالدِّرْهَمُ مَجْهُولَةً فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُوجَبُ الزَّكَاةِ فِي أَعْدَادٍ مِنْهَا ، وَتَقَعُ بِهَا الْمُبَايَعَاتُ وَالْأَنْكِحَةُ ، كَمَا ثَبَتَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ ، قَالَ : وَهَذَا يُبَيِّنُ فِي الْأَحَادِيثِ أَنَّ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الدَّرَاهِمَ لَمْ تَكُنْ مَعْلُومَةً إِلَى زَمَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=16491عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ ، وَأَنَّهُ جَمَعَهَا بِرَأْيِ الْعُلَمَاءِ ، وَأَنَّهُ جَعَلَ كُلَّ عَشَرَةٍ وَزْنَ سَبْعَةِ مَثَاقِيلَ ، وَوَزْنَ الدِّرْهَمِ سِتَّةَ دَوَانِقَ - قَوْلٌ بَاطِلٌ ، وَأَنَّ مَعْنَى مَا نُقِلَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْهَا شَيْءٌ مِنْ ضَرْبِ الْإِسْلَامِ ، وَعَلَى صِفَةٍ لَا تَخْتَلِفُ ، بَلْ كَانَتْ مَجْمُوعَاتٍ مِنْ ضَرْبِ فَارِسَ وَالرُّومِ ، وَصِغَارًا وَكِبَارًا ، وَقِطَعَ فِضَّةٍ غَيْرَ مَضْرُوبَةٍ وَلَا مَنْقُوشَةٍ وَيَمَنِيَّةً وَمَغْرِبِيَّةً ، فَزَادَ صَرْفَهَا فِي الْإِسْلَامِ ، وَنَقَصَهَا وَتَصْيِيرَهَا وَزْنًا وَاحِدًا أَوْ أَعْيَانًا يُسْتَغْنَى بِهَا عَنِ الْمَوَازِينِ ، فَجَمَعُوا أَكْبَرَهَا وَأَصْغَرَهَا ، وَضَرَبُوهُ عَلَى وَزْنِهِمْ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14345الرَّافِعِيُّ : أَجْمَعَ أَهْلُ الْعَصْرِ الْأَوَّلِ عَلَى التَّقْدِيرِ عَلَى هَذَا الْوَزْنِ ، وَهُوَ أَنَّ الدِّرْهَمَ سِتَّةُ دَوَانِقَ ، كُلُّ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ سَبْعَةُ مَثَاقِيلَ ، وَلَمْ يَتَغَيَّرِ الْمِثْقَالُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَلَا الْإِسْلَامِ .
وَقَالَ
النَّوَوِيُّ فِي [شَرْحِ] الْمُهَذَّبِ : الصَّحِيحُ الَّذِي يَتَعَيَّنُ اعْتِمَادُهُ وَاعْتِقَادُهُ أَنَّ الدَّرَاهِمَ الْمُطْلَقَةَ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ مَعْلُومَةَ الْوَزْنِ مَعْرُوفَةَ الْمِقْدَارِ ، وَهِيَ السَّابِقَةُ إِلَى الْأَفْهَامِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ ، وَبِهَا تَتَعَلَّقُ الزَّكَاةُ وَغَيْرُهَا مِنَ الْحُقُوقِ وَالْمَقَادِيرِ الشَّرْعِيَّةِ ، وَلَا يَمْنَعُ مِنْ هَذَا كَوْنُهُ كَانَ هُنَاكَ دَرَاهِمُ أُخْرَى أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا الْقَدْرِ ، فَإِطْلَاقُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّرَاهِمَ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَفْهُومِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ ، وَهُوَ كُلُّ دِرْهَمٍ سِتَّةُ دَوَانِقَ ، كُلُّ عَشَرَةٍ سَبْعَةُ مَثَاقِيلَ ، وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعَصْرِ الْأَوَّلِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا عَلَى هَذَا .
وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُجْمِعُوا عَلَى خِلَافِ مَا كَانَ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ ، وَأَمَّا مِقْدَارُ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْحَقِّ فِي كِتَابِ (الْأَحْكَامِ) : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064ابْنُ حَزْمٍ : بَحَثْتُ غَايَةَ الْبَحْثِ عَنْ مَنْ وَثِقْتُ بِتَمْيِيزِهِ ، فَكُلٌّ اتَّفَقَ عَلَى أَنَّ دِينَارَ الذَّهَبِ بِمَكَّةَ وَزْنُهُ اثْنَتَانِ وَثَمَانُونَ حَبَّةً وَثَلَاثَةُ أَعْشَارِ حَبَّةٍ مِنْ حَبِّ الشَّعِيرِ الْمُطْلَقِ ، وَالدَّرَاهِمُ سَبْعَةُ أَعْشَارِ الْمِثْقَالِ ، فَوَزْنُ الدِّرْهَمِ الْمَكِّيِّ سَبْعٌ وَخَمْسُونَ حَبَّةً وَسِتَّةُ
[ ص: 5 ] أَعْشَارِ حَبَّةٍ ، وَالرِّطْلُ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا بِالدَّرَاهِمِ الْمَذْكُورَةِ ، هَذَا كَلَامُ ابْنِ حَزْمٍ .
قَالَ
النَّوَوِيُّ -بَعْدَ إِيرَادِهِ- فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ : وَقَالَ غَيْرُ هَؤُلَاءِ : وَزْنُ الرِّطْلِ الْبَغْدَادِيِّ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ ، وَهُوَ تِسْعُونَ مِثْقَالًا . انْتَهَى .
قَالَ
ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ : حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْوَاقِدِيُّ ، حَدَّثَنَا
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : ضَرَبَ
nindex.php?page=showalam&ids=16491عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ سَنَةَ خَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ «وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَ ضَرْبَهَا ، وَنَقَشَ عَلَيْهَا» .
وَفِي (الْأَوَائِلِ)
لِلْعَسْكَرِيِّ : أَنَّهُ نَقَشَ عَلَيْهَا اسْمَهُ ، وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَارِيخِهِ مِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=14171الْحُمَيْدِيِّ عَنْ
سُفْيَانَ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ : أَوَّلُ مَنْ وَضَعَ وَزْنَ سَبْعَةٍ
الْحَارِثُ بْنُ رَبِيعَةَ ، يَعْنِي : الْعَشَرَةُ عَدَّهَا سَبْعَةً وَزْنًا .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ
مُغِيرَةَ ، وَقَالَ :
nindex.php?page=treesubj&link=34020أَوَّلُ مَنْ ضَرَبَ الدَّرَاهِمَ الزُّيُوفَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ ، وَهُوَ قَاتِلُ
nindex.php?page=showalam&ids=17الْحُسَيْنِ .
وَفِي تَارِيخِ
الذَّهَبِيِّ : nindex.php?page=treesubj&link=34020أَوَّلُ مَنْ ضَرَبَ الدَّرَاهِمَ فِي بِلَادِ الْعَرَبِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَكَمِ الْأُمَوِيُّ الْقَائِمُ
بِالْأَنْدَلُسِ فِي الْقَرْنِ الثَّالِثِ ، وَإِنَّمَا كَانُوا يَتَعَامَلُونَ بِمَا يُحْمَلُ إِلَيْهِمْ مِنْ دَرَاهِمِ الْمَشْرِقِ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=11970ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ
أَبِي جَعْفَرٍ ، قَالَ : الْقِنْطَارُ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفَ مِثْقَالٍ ، وَالْمِثْقَالُ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ قِيرَاطًا .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=14وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ [آلِ عِمْرَانَ : 14] يَعْنِي الْمَضْرُوبَةَ حَتَّى صَارَتْ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ . انْتَهَى .