الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الباب الثاني في محبته- صلى الله عليه وسلم- للفأل الحسن وتركه الطيرة

                                                                                                                                                                                                                              روى الإمام أحمد وأبو داود والنسائي عن بريدة- رضي الله تعالى عنه- قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتطير من شيء ، ولكنه كان إذا أراد أن يأتي أرضا سأل عن اسمها ، فإن كان حسنا فرح به ، ورؤي البشر في وجهه ، وإن كان قبيحا رؤي كراهية ذلك في وجهه ، فكان إذا بعث رجلا وفي لفظ عاملا سأل عن اسمه فإن كان حسن فرح له ، ورؤي البشر في وجهه ، وإن كان قبيحا رؤي كراهية ذلك في وجهه .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما- قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتفاءل ولا يتطير ، ويعجبه كل اسم حسن .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو داود وابن حبان عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع كلمة فأعجبته فقال : «أخذنا فألك من فيك» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الترمذي وصححه عن أنس- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعجبه إذا خرج لحاجة أن يسمع يا راشد ، يا نجيح .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البخاري في الأدب عن أبي حدرة- رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من يسوق إبلنا هذه ؟ أو قال : من يبلغ هذه ؟ قال رجل : أنا فقال ما اسمك ؟

                                                                                                                                                                                                                              قال : فلان . قال : اجلس ثم قام آخر ، فقال فلان فقال اجلس ثم قام آخر ، فقال : ما اسمك ؟ قال : ناجية ، قال : أنت لها فسقها .


                                                                                                                                                                                                                              وروى محمد بن يحيى بن أبي عمر عن الحضرمي بن لاحق والبزار عن عبد الله بن بريدة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «إذا أبردتم بريدا ، فأبردوه حسن الوجه حسن الاسم» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني - رحمه الله تعالى- برجال ثقات غير سعيد بن أسد بن موسى فيحرر حاله عن عقبة بن عامر- رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من يبلغنا من لقاحنا ؟ » فقام رجل ، فقال : أنا ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما اسمك ؟ قال : صخر أو جندل ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : اجلس ، ثم قال : «من يبلغنا من لقاحنا ؟ » فقام رجل آخر ، فقال : أنا ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما اسمك ؟ قال : يعيش ، قال : «بلغنا من لقاحنا» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام مالك في الموطأ عن يحيى بن سعيد موقوفا عليه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا ناقة يوما فقال من يحلب هذه ؟ فقام رجل ، فقال : أنا ، فقال له : ما اسمك ؟ فقال الرجل : مرة فقال له : اجلس ، ثم قال : «من يحلب هذه ؟ » فقال رجل آخر : أنا ، فقال : «ما اسمك ؟ » فقال : [ ص: 356 ] جمرة ، فقال له : اجلس ، ثم قال : «من يحلب هذه ؟ » فقال رجل : أنا فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما اسمك ؟ فقال : يعيش ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم «احلبها» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الحكيم الترمذي والقاسم بن أصبع عن عبد الله بن بريدة نحوه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتطير ولكن يتفاءل ، وكانت قريش جعلت مائة من الإبل لمن يأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث توجه إلى المدينة ، فرد إليهم ، فركب بريدة في سبعين راكبا من قريش ، فتلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له نبي الله صلى الله عليه وسلم : من أنت ؟ قال : أنا بريدة ، فالتفت إلى أبي بكر- رضي الله تعالى عنه- فقال : يا أبا بكر ، برد أمرنا وصلح قال : وممن أنت ؟ قال : من أسلم ، فقال لأبي بكر : سلمنا ، قال : وممن ؟ قال : من بني سهم ، قال : خرج سهمك ، فأسلم بريدة ، وأسلم الذين معه ، وتقدمت القصة في حديث الهجرة .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني برجال ثقات غير كثير بن عبد الله ضعيف ، وحسن له الترمذي عن عمرو بن عوف المزني- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول : هاكها خضرة ، فقال رسول الله : «يا لبيك ، نحن أخذنا ذلك من فيك اخرجوا بنا إلى خضرة» ، فخرجوا إليها فما سل فيها سيف ورواه أبو نعيم في الطب من حديث عبد الله بن كثير المزني عن أبيه عن جده .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الشيخان عن أنس- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «لا عدوى ولا طيرة ، ويعجبني الفأل الصالح ، والكلمة الطيبة» .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية