الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              قصة أخرى .

                                                                                                                                                                                                                              روى الشيخان من طريق سالم بن أبي الجعد ومن طريق الأعمش عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : عطش الناس يوم الحديبية ، وكان الذي بين يديه ركوة يتوضأ منها وجهش الناس نحوه ، قال : «ما لكم ؟ » قالوا : ليس عندنا ماء نتوضأ به ولا ماء نشربه إلا ما بين يديك ، فوضع يده في الركوة فجعل الماء يفور من بين أصابعه كأمثال العيون ، فشربنا وتوضأنا ، قال سالم : قلت لجابر : كم كنتم ؟ قال : لو كنا مائة ألف لكفانا ، كنا خمس عشرة مائة ، قال بعضهم : وحديث جابر هذا مخالف لما رواه البخاري عن البراء بن عازب قال : كنا يوم الحديبية أربع عشرة مائة ، والحديبية بئر فنزحناها فلم نترك فيها قطرة ماء فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 449 ] فأتاها فجلس على شفيرها ثم دعا بإناء من ماء فمضمض وبخ في البئر ، فمكث غير بعيد ثم استقينا حتى روينا وصررنا ركائبنا وجمع ابن حبان بينهما بأن ذلك في وقتين .

                                                                                                                                                                                                                              قال الحافظ : ويحتمل أن يكون الماء لما انفجر من بين أصابعه ويده في الركوة وتوضؤوا كلهم وشربوا أمر حينئذ بصب الماء الذي بقي في الركوة في البئر ، فتكاثر الماء فيها .

                                                                                                                                                                                                                              وفي صحيح البخاري عن عروة عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث الحديبية الطويل فعدل رسول الله صلى الله عليه وسلم على ثمد قليل الماء يتربص الماء تربصا فلم يلبثه الناس حتى نزحوه ، وشكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العطش ، فانتزع سهما من كنانته ، وأمرهم أن يجعلوه فيه ، فوالله ما زال يجيش لهم بالري حتى صدروا عنه .

                                                                                                                                                                                                                              والجمع بينه وبين حديث البراء بأن الأمرين وقعا معا .

                                                                                                                                                                                                                              وقد روى الواقدي من طريق أوس بن خولي أنه صلى الله عليه وسلم توضأ في الدلو ، ثم أفرغه فيها وانتزع السهم ، فوضعه فيها هكذا ذكر أبو الأسود في روايته عن عروة أنه صلى الله عليه وسلم توضأ في الدلو ، وصبه في البئر ، ونزع سهما من كنانته ، فألقاه فيها ودعا ففارت ، زاد ابن سعد «حتى اغترفوا بآنيتهم جلوسا على شفير البئر» كذا في رواية الأسود عن عروة .

                                                                                                                                                                                                                              قال الحافظ : وهذه القصة غير حديث جابر وكان ذلك قبل قصة البئر .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية