الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              قصة أخرى .

                                                                                                                                                                                                                              روى البيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال كانت امرأة من دوس يقال لها أم شريك أسلمت فأقبلت تطلب من يصحبها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقيت رجلا من اليهود ، فقال : تعالي [ ص: 468 ] أنا أصحبك ، قالت : أنظرني حتى أملأ سقائي ماء ، قال : معي ماء فانطلقت معه ، فساروا حتى أمسوا ، فنزل اليهودي ووضع سفرته وتعشى ، وقال : يا أم شريك ، تعالي إلى العشاء ، قالت :

                                                                                                                                                                                                                              اسقني ، فإني عطشى ولا أستطيع أن آكل حتى أشرب ، قال : لا أسقيك قطرة حتى تهودي ، قالت : والله لا أتهود أبدا فأقبلت إلى بعيرها فعقلته ووضعت رأسها على ركبته ، قالت : فما أيقظني إلا برد دلو قد وقع على جبيني فرفعت رأسي فنظرت إلى ماء أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل فشربت حتى رويت ثم نضحت على سقائي حتى ابتل ثم ملأته ثم رفع بين يدي وأنا أنظر حتى توارى مني في السماء فلما أصبحت جاء اليهودي ، فقال : يا أم شريك قلت : والله قد سقاني الله . قال : من أين ؟ أنزل عليك من السماء ماء ؟ قالت : نعم ، والله لقد أنزل علي من السماء ماء ثم رفع بين يدي حتى توارى عني في السماء

                                                                                                                                                                                                                              ثم أقبلت حتى دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فوهبت نفسها له فزوجها زيدا وأمر لها بثلاثين صاعا وقال : «كلوا ولا تكيلوا» ، وكان معها عكة سمن هدية لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرت جاريتها أن تحملها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلقت فأخذوها ، فأفرغوها ، وأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ردتها أن تعلقها ولا توكئها فدخلت أم شريك فوجدتها ملأى ، فقالت : للجارية : ألم آمرك أن تذهبي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت : قد فعلت ثم أقبلت بها ما ينظر منها شيء ، ولكنه قال : «علقوها ولا توكئوها» ، فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرهم أن لا يوكئوها ،

                                                                                                                                                                                                                              فلم تزل حتى أوكأتها أم شريك ثم كالوا الشعير فوجدوه ثلاثين صاعا لم ينقص منه شيء .


                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية