الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              تنبيهات :

                                                                                                                                                                                                                              الأول : قال ابن أبي أسامة إسماعيل بن أبي إسماعيل ، عن إسماعيل بن عياش ، عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم ، عن سعد بن مسعود الليثي أن عثمان بن مظعون قال : يا رسول [ ص: 75 ] الله ، إني لا أحب أن أنظر إلى عورة امرأتي ولا أحب أن ترى ذلك مني ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ولم ذلك ؟ إن الله تعالى جعلك لباسا لها ، وجعلها لباسا لك ، وإني أرى ذلك من أهلي ويرونه مني» ، قال : فمن يعدل بك يا رسول الله ، ثم ولى ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن ابن مظعون حيي ستير .

                                                                                                                                                                                                                              في سنده عبيد بن أبي إسماعيل ، وهو ضعيف ، وإسماعيل بن عياش ضعيف في غير الشاميين ، وعبد الرحمن بن زياد ضعيف ، ليس بشامي .

                                                                                                                                                                                                                              الثاني : جمع ابن حيان بين حديثي طوافه على إحدى عشرة وتسع بأن حمل ذلك على حالتين .

                                                                                                                                                                                                                              الثالث : قال الحافظ ضياء الدين المقدسي : لم يجتمع عند النبي صلى الله عليه وسلم إحدى عشرة امرأة إلا أن يكون بالجواري .

                                                                                                                                                                                                                              الرابع : روى الترمذي وصححه عن أنس مرفوعا «يعطى المؤمن في الجنة قوة كذا وكذا من الجماع ، قلت : يا رسول الله ، أيطيق ذلك ؟ قال : يعطى قوة مائة» انتهى .

                                                                                                                                                                                                                              فإذا ضربنا أربعين في مائة بلغت أربعة آلاف ، وبهذا يندفع ما استشكل من كونه صلى الله عليه وسلم أعطي قوة أربعين فقط ، وأعطي سليمان بن داود قوة مائة رجل أو ألف ، على ما ورد ، وسيأتي لهذا وما بعده مزيد بيان في الخصائص .

                                                                                                                                                                                                                              الخامس : للأنبياء من ذلك ما ليس لغيرهم ، فقد قال الحكيم الترمذي في نوادره : الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- زيدوا في النكاح بفضل نبوتهم ، وذلك أن النور إذا امتلأ الصدر منه ففاض في العروق التذت النفس والعروق ، فأثارت الشهوة وقواه .

                                                                                                                                                                                                                              ثم روى عن سعيد بن المسيب قال : إن الأنبياء يفضلون بكثرة الجماع على الناس؛ وذلك لما فيه من اللذة .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الحافظ في (الفتح) قال : كل من كان أتقى لله كان أشد شهوة ، قال القاضي أبو بكر بن العربي في (سراج المريدين) قد آتى الله تعالى رسوله خصيصة عظمى وهي قلة الأمل والقدرة على الجماع ، فكان أقنع الناس في إلفه وتقنعه العلقة ، وتشبعه الحزة ، وكان أقوى الناس على الوطء .

                                                                                                                                                                                                                              وقال القاضي عياض : النكاح متفق على التمدح بكثرته ، والفخر بوفوره شرعا وعادة ، فإنه دليل الكمال ، وصحة الذكور به ، ولم يزل التفاخر بكثرته عادة معروفة ، والتمدح به سيرة ماضية .

                                                                                                                                                                                                                              وأما في الشرع فسنة مأثورة ، حتى لم يره العلماء مما يقدح في الزهد ، وسأل بلال بن أبي [ ص: 76 ] بردة محمد بن واسع : ما بال القرى أغلم الناس ؟ قال : لأنهم لا يزنون ، رواه ثعلب في «أماليه» .

                                                                                                                                                                                                                              وقيل لرقية بن مسلمة : ما بال القرى أكثر شيء نهمة وأكثر شيء غلمة ؟ قال : أما النهمة فإنهم يصومون ، وأما الغلمة فإنهم لا يزنون .

                                                                                                                                                                                                                              وقال الغزالي : أنكر بعض الناس حال الصوفية ، فقال له بعض ذوي الدين : ما الذي تنكر منهم ؟ قال : يأكلون كثيرا ، قال : وأنت أيضا لو جعت كما يجوعون لأكلت كما يأكلون ، قال : ينكحون كثيرا ، قال : وأنت أيضا لو حفظت عينيك وفرجك كما يحفظون لنكحت كثيرا كما ينكحون .

                                                                                                                                                                                                                              وقال الجنيد : يقولون : يحتاج إلى النكاح كما يحتاج إلى القوت ؟ قلت : فالزوجة على التحقيق سبب طهارة القلب .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية