الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              تنبيهات :

                                                                                                                                                                                                                              الأول : إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم ثانيا للزبير : «اسق ثم احبس الماء حتى يبلغ» لأنه- عليه الصلاة والسلام- ندب الزبير أولا إلى إسقاط بعض حقه رعيا للمجاورة ، وليس على وجه الحكم ، فلما تكلم الأنصاري بما تكلم استوفى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم للزبير حقه ، فقضى- عليه الصلاة والسلام- أن يمسك الأهل الماء إلى الكعبين ، ثم يرسله إلى الأسفل .

                                                                                                                                                                                                                              الثاني : إنما «نهى عن عسيب الفحل» لأنه إجارة مجهول؛ إذ قد تحمل في زمن قريب فيغبن صاحب الأنثى ، وقد تحمل فيغبن صاحب الذكر . واختلف في العسيب والعسب ، فقال القاضي عياض : عسيب الفحل المنهي عنه إنما هو كراء ضرابه ، والعسيب نفسه هو الضراب . قاله أبو عبيدة ، وقال غيره : لا يكون العسيب إلا الضراب بالكراء عليه ، وقيل : العسيب ماؤه .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 179 ] وقال الجوهري : العسيب الكراء الذي يؤخذ على ضراب الفحل ، يقال : عسب فحله يعسبه ، أي أكراه ، وعسب الفحل أيضا ضرابه ، وقيل ، ماؤه ، والعسيب يقال بالياء مع الباء الموحدة ، ويقال بالباء الموحدة فقط .

                                                                                                                                                                                                                              الثالث : المراد «ببيعتين في بيعة» أن يبيعها بعشرة نقدا ، وعشرين إلى أجل ، أو أن يبيع سلعتين مختلفتين بثمن واحد على سبيل اللزوم .

                                                                                                                                                                                                                              الرابع : قال الماوردي في السلم : اختلف في تفسير بيع الحصاة ، فقيل : المراد أن يبيع من أرضه قدر ما انتهى إليه رمي الحصاة .

                                                                                                                                                                                                                              وقيل : معناه : أي ثوب وقعت عليه الحصاة فهو المبيع . وقيل : معناه : متى وقعت الحصاة وجب البيع .

                                                                                                                                                                                                                              وقيل : معناه : ارم الحصاة فما خرج فلك بعدده دراهم أو دنانير .

                                                                                                                                                                                                                              الخامس : قال في الموطأ «المضامين» بيع ما في بطون إناث الإبل .

                                                                                                                                                                                                                              والملاقيح : ما في ظهور الفحول .

                                                                                                                                                                                                                              وحبل الحبلة : بيع الجزور إلى أن ينتج نتاج الناقة .

                                                                                                                                                                                                                              السادس : قوله «أن يبيع حاضر لباد» لأن سلعهم ليس لها غالبا عليهم مشقة ، وهم جاهلون في الأسعار ، وقد قال عليه الصلاة والسلام : «دع الناس في غفلاتهم يرزق الله بعضهم من بعض» .

                                                                                                                                                                                                                              السابع : الكلأ مهموز من الكلأة بالكسر ، وهي الحفظ ، وإطلاق هذا الاسم على الدين مجاز ، لأنه يكلأ لا كالئ ، وإنما الكالئ صاحبه؛ لأن كلا من المتبايعين يكلأ صاحبه ، أي : يحرضه لأجل ماله قبله؛ ولهذا وقع النهي عنه؛ لأنه يؤدي إلى كثرة المنازعة والمشاجرة .

                                                                                                                                                                                                                              وقد ورد فاعل بمعنى مفعول ، كقوله تعالى : من ماء دافق [الطارق : 6] أي : مدفوق .

                                                                                                                                                                                                                              ويحتمل أن يكون المجاز في الإسناد إلى ملابس الفعل ، أي : كالئ صاحبه كـ عيشة راضية [القارعة : 7] ويقدر الإضمار في الحديث ، أي : نهى عليه الصلاة والسلام عن بيع مال الكالئ بمال الكالئ .

                                                                                                                                                                                                                              وحقيقته أن يكون لشخص على آخر دين فيطالبه به ، فلا يجد معه شيئا ، أو يجد معه ولكن يبيعه به شيئا يتأخر قبضه ، كأن يبيعه دارا غائبة أو أن يبيع الدين بمنافع دابة معينة ونحوها ، أو أن يبيع ماله من الدين لشخص بدين لذلك الشخص على آخر ، وبدين على ذلك الشخص نفسه ، أو أن يؤخر شخص رأس مال السلم بشرط أكثر من ثلاثة أيام .

                                                                                                                                                                                                                              الثامن : إنما خص التفرقة بين الأم؛ لأن الولد لا يستغني عنها في أكله وشربه وقيامه وهو خاص بالآدميات ، وينتهي زمن الإسفار ، ومنتهاه عشر سنين .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 180 ] التاسع : اختلف في علة النهي عن التلقي ، فقال الشافعي : لحق الطالب .

                                                                                                                                                                                                                              وقال مالك : الحق منه لأهل السوق .

                                                                                                                                                                                                                              وقال ابن العربي : لهما .

                                                                                                                                                                                                                              واختلف في حد القدر المنهي عنه إذا زاد عليه في البعد لا يتناوله النهي عن التلقي .

                                                                                                                                                                                                                              فقيل : لا حد في القرب والبعد ، ولا في الزمان ولا في المكان .

                                                                                                                                                                                                                              وقيل : الميل .

                                                                                                                                                                                                                              وقيل : الفرسخان .

                                                                                                                                                                                                                              وقيل اليومان .

                                                                                                                                                                                                                              النجش : الزيادة ليغري غيره .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية