الخامس : في رده صلى الله عليه وسلم هدية المشركين  
وروى  الإمام أحمد   وأبو داود   والترمذي  وصححه وأبو بكر  وأحمد بن عمر بن أبي عاصم  في كتاب (الهدايا) عن عياض بن حمار المجاشعي   -رضي الله تعالى عنه- وكان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم معرفة قبل أن يبعث ، فلما بعث أهدى إليه هدية أحسبها إبلا ، فأبى أن يقبلها ، وقال : إنا لا نقبل زبد المشركين ، قال : قلت : وما زبد المشركين ؟ قال : رفدهم ، هديتهم . 
 [ ص: 30 ] وفي لفظ : أهديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ناقة أو هدية ، فقال لي : أسلمت ؟ قلت : لا ، قال : إني نهيت أن أقبل زبد المشركين . 
وروى  موسى بن عقبة   -رضي الله تعالى عنه- بسند رجاله ثقات ، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك ،  ورجاله من أهل الكتاب مرسلا ، أن عامر بن مالك  الذي يدعى ملاعب الأسنة ، قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مشرك فأهدى له فقال : إني لا أقبل هدية المشركين . 
وروى  البزار  عن عامر بن مالك  الذي يدعى ملاعب الأسنة رضي الله تعالى عنه قال : قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بهدية فقال : إنا لا نقبل هدية المشرك . 
وروى  الإمام أحمد   والطبراني  برجال ثقات عن عراك بن مالك  أن  حكيم بن حزام   -رضي الله تعالى عنه- قال : كان محمد  أحب رجل في الناس إلي في الجاهلية ، فلما تنبأ وخرج إلى المدينة  شهد  حكيم بن حزام  الموسم وهو كافر ، فوجد حلة لذي يزن تباع فاشتراها بخمسين دينارا؛ ليهديها لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقدم بها عليه المدينة ،  فأراده على قبضها هدية فأبى ، قال عبيد الله :  حسبت أنه قال : إنا لا نقبل شيئا من المشركين ، ولكن إن شئت أخذناها بالثمن ، فأعطيته إياها حين أبى الهدية . 
زاد  الطبراني :  فلبسها فرأيتها عليه على المنبر فلم أر شيئا أحسن منه فيها يومئذ ، ثم أعطاها  أسامة بن زيد ،  فرآها حكيم على أسامة ،  فقال : يا أسامة ،  أنت تلبس حلة ذي يزن ؟ فقال : نعم ، والله لأنا خير من ذي يزن ،  ولأبي خير من أبيه ، فانطلقت إلى أهل مكة  أعجبهم بقول أسامة .  
السادس : في امتناعه من قبول الهدية من غير قريش والأنصار وثقيف ودوس وأسلم ،  وأمره- صلى الله عليه وسلم بعد قصة الشاة المسمومة من أهدى له هدية ولم يثق به أن يأكل منها ، وسؤاله بعض أصحابه أن يهب له دابة أو رقيقا 
روى  الإمام أحمد   والترمذي  والحارث بن أبي أسامة   والبخاري  في الأدب عن  أبي هريرة   -رضي الله تعالى عنه- قال : أهدى رجل من بني فزارة ،  وفي لفظ : إن أعرابيا أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم ناقة ، وفي لفظ : بكرة فعوضه ، فسخطه ، وفي لفظ : فعوضه منها ست بكرات فسخطه ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : إن فلانا أهدى إلي ناقة  [ ص: 31 ] أعرفها كما أعرف (بعض) أهلي ، ذهبت مني يوم زغابات ، فعوضته ست بكرات ، فظل ساخطا ، لقد هممت أن لا أقبل هدية إلا من قرشي أو أنصاري أو ثقفي أو دوسي . 
وفي لفظ : فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر يقول «يهدي أحدكم فأعوضه بقدر ما عندي ، ثم يسخطه ، وايم الله لا أقبل بعد عامي هذا هدية إلا من قرشي أو أنصاري أو ثقفي أو دوسي» ورواه  أبو داود   والنسائي  مختصرا . 
وروى  أبو يعلى  عن  عائشة   -رضي الله تعالى عنها- قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «لا أقبل هدية من أعرابي» فجاءته أم سنبلة الأعرابية ، الحديث المتقدم أول الباب . 
وروى  الإمام أحمد   والطبراني   وابن أبي شيبة  عن يعلى بن مرة الثقفي -رضي  الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل : «هب لي هذا البعير أو بعنيه» قال : هو لك يا رسول الله ، فوسمه سمة الصدقة ، ثم بعث به . 
				
						
						
