الباب الثالث عشر في وفائه بالعهد والوعد- صلى الله عليه وسلم-  
روى  البخاري  عن  أبي سفيان بن حرب-  رضي الله تعالى عنه- أن هرقل  أرسل إليه في ركب من قريش ،  الحديث ، وفيه : وسألتك : هل يغدر ؟ فذكرت أن لا ، وكذلك الرسل لا تغدر . وروى ابن أبي خيثمة   وأبو داود   والخرائطي  عن عبد الله بن أبي الحسماء-  رضي الله تعالى عنه- قال : بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ببيع قبل أن يبعث ، وبقيت له بقية فوعدته أن آتيه بها في مكانه ، فنسيت ، ثم ذكرت بعد ثلاث ، فجئت فإذا هو في مكانه فقال : يا أخي وفي لفظ : يا فتى ، «لقد شفقت علي أنا ها هنا من منذ ثلاث أنتظرك»  . 
وروى  ابن العربي   والحاكم ،  وقال على شرطهما وأقره الذهبي  عن  عائشة-  رضي الله تعالى عنها- قالت : جاءت عجوز إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو عندي ، فقال لها : من أنت ؟ فقالت : أنا جثامة المزنية ،  قال : «بل أنت حسانة المزنية  كيف أنتم ؟ كيف حالكم ؟ كيف كنتم بعدنا ؟ » قالت : بخير بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، فلما خرجت ، قلت : يا رسول الله ، تقبل على هذه العجوز هذا الإقبال ؟ فقال : «إنها كانت تأتينا زمن  خديجة ،  وإن حسن العهد من الإيمان»  . 
وروى الشيخان  والترمذي  عنها قالت : ما غرت على أحد من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ما غرت على  خديجة ،  وما رأيتها ولقد هلكت قبل أن يتزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاث سنين لما كنت أسمعه يذكرها ، وفي لفظ «وما بي أن أكون أدركتها ، وما ذاك إلا لكثرة ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم لها» وقد أمره ربه- تبارك وتعالى- أن يبشرها ببيت في الجنة من قصب  وإن كان ليذبح الشاة ثم يهديها إلى خلائلها ، وفي لفظ : «في صدائقها» ، وفي لفظ : «فيتبع بها صدائق  خديجة  فيهديها لهن» فربما قلت : كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة فيقول : 
إنها كانت وكانت ، وكان لي منها ولد فأغضبته يوما فقلت : «لقد أبلغك الله» وفي لفظ «لقد أعقبك الله من عجوز من عجائز قريش  حمراء الشدقين هلكت في الدهر الأول ، قالت : فتغير وجهه ما كنت أراه إلا عند نزول الوحي وإذا رأى مخيلة الرعد حين ينظر أرحمة هي أم عذاب ؟ وفي لفظ : «كأن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكر  خديجة  أحسن الثناء عليها  فقلت : ما تريحني منها ، وقد أبدلك الله خيرا منها ، قال صلى الله عليه وسلم : «ما أبدلني الله خيرا منها آمنت بي إذ كفر بي الناس وصدقتني إذ كذبني الناس ، وواستني بمالها إذ حرمني الناس ، ورزقني منها الله الولد ، إذ لم يكن لي من غيرها»  .  [ ص: 387 ] 
وروى  الحاكم  وصححه عن  أنس-  رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أتى بشيء يقول : «اذهبوا به إلى فلانة ، فإنها كانت صديقة  خديجة  اذهبوا به إلى فلانة فإنها كانت تحب  خديجة»   . 
«وروى  البخاري  عن  عائشة-  رضي الله تعالى عنها- أنها قالت : استأذنت هالة بنت خويلد»   - أخت  خديجة-  على رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرف النبي صلى الله عليه وسلم استئذان  خديجة ،  فارتاع لذلك ، وفي لفظ «فارتاح لذلك» فقال : اللهم ، هالة بنت خويلد  
قالت : فغرت فقلت : ما تذكر من عجوز من عجائز قريش  حمراء الشدقين هلكت في الدهر ، قد أبدلك الله خيرا منها .  [ ص: 388 ] 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					