فصل :  
وإذا  أكره المسلم على كلمة الكفر   لم يصر بها كافرا ، وكان على إسلامه باقيا ، ولم تبن زوجته . ووافق  أبو حنيفة   على بقائه على الإسلام ، وخالف في نكاح زوجته فأبطله استحسانا لا قياسا .  
والدليل على بقائه على إسلامه : قول الله تعالى :  من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان   ولكن من شرح بالكفر صدرا      [ النحل : 106 ] الآية وفي الآية تقديم وتأخير ، فترتيبها : من كفر بالله من بعد إيمانه وشرح بالكفر صدره فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ، فاستثناء المكره على الكفر من جملة من حكم عليه بالكفر ، فاقتضى أن يكون على إيمانه .  
وقيل : إن هذه الآية نزلت في  عمار بن ياسر   حين أكرهته  قريش   بمكة   مع أبويه على الكفر ، فامتنع أبواه فقتلا ، وأجاب إليه  عمار   فأطلق . والدليل على بقاء نكاحه على      [ ص: 449 ] الصحة : أنه لما لم يؤثر الإكراه في إيمانه وهو أصل ، فأولى أن لا يؤثر في نكاحه وهو فرع . فأما إذا  أظهر المسلم كلمة الكفر ولم يعلم إكراهه عليها ولا اعتقاده لها      : فإن كان في دار الإسلام حكم بكفره وردته : لأن دار الإسلام لا إكراه فيها ، وإن كان في دار الحرب روعيت حاله : فإن تلفظ بها وهو على صفة الإكراه في قيد أو حبس ، فالظاهر من حاله : أنه تلفظ بكلمة الكفر مكرها ، فلا يحكم بردته إلا أن يعلم اعتقاده للكفر . وإن كان على صفة الاختيار مخلى السبيل ، فالظاهر من حاله : أنه تلفظ بكلمة الكفر مختارا ، فيحكم بردته إلا أن يعلم أنه قالها مكرها .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					