فصل : ولما عاد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من بيعة
الأنصار في
العقبة إلى
مكة ، وذلك في ذي الحجة عادت الفتنة أشد مما كانت في فتنة الهجرة إلى
الحبشة ، واشتد
nindex.php?page=treesubj&link=29279الأذى بأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه :
إن الله تعالى قد جعل لكم إخوانا ودارا تأمنون فيها فخرجوا أرسالا ، وكان أول من هاجر إليها بعد بيعة
العقبة أبو سلمة بن عبد الأسد المخزومي ، وبعده
عامر بن ربيعة ، ثم
عبد الله بن جحش ، ثم تتابع الناس أرسالا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقيم
بمكة ينتظر إذن ربه ، واستأذنه
أبو بكر في الهجرة فاستوقفه .
وأسري برسول الله - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=treesubj&link=34026إلى بيت المقدس بين بيعتي
الأنصار في
العقبة .
قال
الزهري : قبل هجرته بسنة ، فأصبح وقص ذلك على
قريش ، وذكر لهم حديث المعراج ، فازداد المشركون تكذيبا ، وأسرعوا إلى
أبي بكر ، وقالوا له : إن صاحبك يزعم أنه قد ذهب إلى
بيت المقدس ، وعاد من ليلته ، فقال : إن قال ذلك فهو صادق : فلذلك سمي الصديق ، ووصف لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما رأى في طريقه ، فكان على ما وصفه . واختلف في إسرائه هل كان بجسمه ، أو بروحه ؟ فقال ابن عباس : أسرى بجسمه .
وقالت
عائشة : أسري بروحه وما زال جسمه عندي ، ولما صارت
المدينة دار هجرة وصار من بها من
الأوس والخزرج أنصارا امتنعت
قريش أن ينصروا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليهم : فاجتمعوا
nindex.php?page=treesubj&link=30665في دار الندوة ليتشاروا في أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسمي ذلك اليوم لكثرة زحامهم فيه يوم " الزحمة " فقال قائل منهم : احبسوه في الحديد وأغلقوا عليه بابا ، وتربصوا به .
وقال آخر : أخرجوه من بين أظهركم ، ولا عليكم ما أصابه بعدكم .
وقال
أبو جهل : لست أرى ما ذكرتم رأي كريم ، ولكن أرى أن تأخذوا من كل قبيلة فتى شابا نسيبا ، ويجتمعون عليه بأسيافهم ، فيضربوه ضربة رجل واحد فيقتلوه ، ويتفرق دمه في قبائلهم ، فلا يقدر
بنو عبد مناف على حرب جميعهم ، ويرضوا بالعقل فنعقله لهم ، فأجمعوا على هذا الرأي ، وتفرقوا عنه ليثبتوه من ليلته ، وتفرقوا ليجتمعوا على قتله ، فنزل قول الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=30وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين [ الأنفال : 130 ] . فعلم رسول
[ ص: 22 ] الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك ، فأعلم
أبا بكر بالهجرة ، وقد كان
nindex.php?page=treesubj&link=30664أعد للهجرة راحلتين ، واستخلف
عليا في منامه ، وأن يتشح ببرده الحضرمي الأخضر : لأن
قريشا ترى منامه فيه ، وأمر
عليا أن يرد ودائع الناس عليهم ، وخرج في الظلام مع
أبي بكر إلى
غار ثور ، وخرج معهما
عامر بن فهيرة لخدمتهما ، وليروح عليهما بغنم يرعاها
لأبي بكر ، وكان
عبد الله بن أبي بكر يأتي كل يوم بما يتجدد من أخبار
قريش بمكة ، وتأتي
nindex.php?page=showalam&ids=64أسماء بنت أبي بكر بطعام ، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
لعامر بن فهيرة :
ارتد لنا دليلا من الأزد : فإنهم أوفى بالعهد : فاستأجر
عبد الله بن أريقط الليثي ، وكان مشركا ، وأقاما في الغار ثلاثة أيام ، وكان خروجهما في يوم الاثنين في صفر ، وخرجت
قريش في طلبه ، وجعلوا لمن جاءهم به مائة ناقة حمراء ففاتهم .
وروي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما خرج من
مكة بكى وقال :
اللهم إنك أخرجتني من أحب البلاد إلي : فأسكني أحب البلاد إليك وقدموا
المدينة في يوم الاثنين الثاني عشر من شهر ربيع الأول ، فروي عن
ابن عباس أنه قال :
" ولد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الاثنين ، وبعث نبيا يوم الاثنين ، وهاجر من مكة يوم الاثنين ، ومات يوم الاثنين " وكان قدومه قبل قيام الظهيرة ، فنزل
بقباء على
بني عمرو بن عوف في دار
كلثوم بن الهدم ، وقيل في دار
سعد بن خيثمة ، فأقام بقية يوم الاثنين ويوم الثلاثاء ، ويوم الأربعاء ، ويوم الخميس ، وبنى
مسجد قباء ،
nindex.php?page=treesubj&link=29301وخرج يوم الجمعة متوجها إلى
المدينة ، فأدركته الصلاة في
بني سالم بن عوف في بطن واد لهم ، فصلى بهم الجمعة ، وهي أول جمعة صلاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما
nindex.php?page=treesubj&link=30673دخل المدينة ، أرخى زمام ناقته ، فجعل لا يمر بدار إلا سأله أهلها النزول عليهم ، وهو يقول :
خلوا زمامها ، فإنها مأمورة حتى انتهى إلى موضع المسجد اليوم ، فبركت على باب
nindex.php?page=treesubj&link=30673_29305مسجده ، وهي يومئذ مربد ليتيمين من
الأنصار سهل وسهيل ابني عمرو ، وكانا في حجر
معاذ بن عفراء ، فنزل عنها واحتمل
أبو أيوب رحله فوضعه في بيته ، فنزل عليه وقال :
المرء مع رحله وقال
للأنصار :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924856ثامنوني بهذا المربد ؟ فقالوا : لا نأخذ له ثمنا ، فبناه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنفسه وبأصحابه مسجدا وهو يقول :
اللهم لا عيش إلا عيش الآخره فارحم الأنصار والمهاجره
وأقام عند
أبي أيوب ، حتى فرغ من بنائه ، وهاجر
علي بن أبي طالب بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بثلاثة أيام ، قام فيهـا برد الودائع على أهلها . وكان آخر من قدم من
المهاجرين [ ص: 23 ] سعد بن أبي وقاص في عشرة من
المهاجرين ، وبنى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
بعائشة رضي الله عنها بعد سبعة أشهر من مقدمه
المدينة في شوال ، وكان قد تزوجها
بمكة قبل الهجرة بثلاث سنين في شوال بعد وفاة
nindex.php?page=showalam&ids=10640خديجة ، وهي ابنة ست سنين .
وقيل : ابنة سبع ، وكان قد تزوج قبلها بعد
nindex.php?page=showalam&ids=10640خديجة nindex.php?page=showalam&ids=93سودة بنت زمعة ، وقدمت عليه بعد هجرته .
واختلف أهل النقل في
nindex.php?page=treesubj&link=30721مدة مقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد النبوة فقال الأكثرون :
ثلاث عشرة سنة ، وقال آخرون عشر سنين ، ويشبه أن يكون هذا قول من زعم أنه قرن
بإسرافيل ثلاث سنين ، ثم قرن
بجبريل حتى نزل عليه الوحي .
فَصْلٌ : وَلَمَّا عَادَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ بَيْعَةِ
الْأَنْصَارِ فِي
الْعَقَبَةِ إِلَى
مَكَّةَ ، وَذَلِكَ فِي ذِي الْحِجَّةِ عَادَتِ الْفِتْنَةُ أَشَدَّ مِمَّا كَانَتْ فِي فِتْنَةِ الْهِجْرَةِ إِلَى
الْحَبَشَةِ ، وَاشْتَدَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29279الْأَذَى بِأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَصْحَابِهِ :
إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ جَعَلَ لَكُمْ إِخْوَانًا وَدَارًا تَأْمَنُونَ فِيهَا فَخَرَجُوا أَرْسَالًا ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهَا بَعْدَ بَيْعَةِ
الْعَقَبَةِ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الْأَسَدِ الْمَخْزُومِيُّ ، وَبَعْدَهُ
عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ ، ثُمَّ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ ، ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ أَرْسَالًا وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُقِيمٌ
بِمَكَّةَ يَنْتَظِرُ إِذْنَ رَبِّهِ ، وَاسْتَأْذَنَهُ
أَبُو بَكْرٍ فِي الْهِجْرَةِ فَاسْتَوْقَفَهُ .
وَأُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
nindex.php?page=treesubj&link=34026إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ بَيْنَ بَيْعَتَيِ
الْأَنْصَارِ فِي
الْعَقَبَةِ .
قَالَ
الزُّهْرِيُّ : قَبْلَ هِجْرَتِهِ بِسَنَةٍ ، فَأَصْبَحَ وَقَصَّ ذَلِكَ عَلَى
قُرَيْشٍ ، وَذَكَرَ لَهُمْ حَدِيثَ الْمِعْرَاجِ ، فَازْدَادَ الْمُشْرِكُونَ تَكْذِيبًا ، وَأَسْرَعُوا إِلَى
أَبِي بَكْرٍ ، وَقَالُوا لَهُ : إِنَّ صَاحِبَكَ يَزْعُمُ أَنَّهُ قَدْ ذَهَبَ إِلَى
بَيْتِ الْمَقْدِسِ ، وَعَادَ مِنْ لَيْلَتِهِ ، فَقَالَ : إِنْ قَالَ ذَلِكَ فَهُوَ صَادِقٌ : فَلِذَلِكَ سُمِّيَ الصِّدِّيقُ ، وَوَصَفَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا رَأَى فِي طَرِيقِهِ ، فَكَانَ عَلَى مَا وَصَفَهُ . وَاخْتُلِفَ فِي إِسْرَائِهِ هَلْ كَانَ بِجِسْمِهِ ، أَوْ بِرُوحِهِ ؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : أَسْرَى بِجِسْمِهِ .
وَقَالَتْ
عَائِشَةُ : أُسْرِيَ بِرُوحِهِ وَمَا زَالَ جِسْمُهُ عِنْدِي ، وَلَمَّا صَارَتِ
الْمَدِينَةُ دَارَ هِجْرَةٍ وَصَارَ مَنْ بِهَا مِنَ
الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ أَنْصَارًا امْتَنَعَتْ
قُرَيْشٌ أَنْ يَنْصُرُوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهِمْ : فَاجْتَمَعُوا
nindex.php?page=treesubj&link=30665فِي دَارِ النَّدْوَةِ لِيَتَشَارُوا فِي أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسُمِّيَ ذَلِكَ الْيَوْمُ لِكَثْرَةِ زِحَامِهِمْ فِيهِ يَوْمُ " الزَّحْمَةِ " فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ : احْبِسُوهُ فِي الْحَدِيدِ وَأَغْلِقُوا عَلَيْهِ بَابًا ، وَتَرَبَّصُوا بِهِ .
وَقَالَ آخَرُ : أَخْرِجُوهُ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِكُمْ ، وَلَا عَلَيْكُمْ مَا أَصَابَهُ بَعْدَكُمْ .
وَقَالَ
أَبُو جَهْلٍ : لَسْتُ أَرَى مَا ذَكَرْتُمْ رَأْيَ كَرِيمٍ ، وَلَكِنْ أَرَى أَنْ تَأْخُذُوا مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ فَتًى شَابًّا نَسِيبًا ، وَيَجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ بِأَسْيَافِهِمْ ، فَيَضْرِبُوهُ ضَرْبَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَيَقْتُلُوهُ ، وَيَتَفَرَّقُ دَمُهُ فِي قَبَائِلِهِمْ ، فَلَا يَقْدِرُ
بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ عَلَى حَرْبِ جَمِيعِهِمْ ، وَيَرْضَوْا بِالْعَقْلِ فَنَعْقِلُهُ لَهُمْ ، فَأَجْمَعُوا عَلَى هَذَا الرَّأْيِ ، وَتَفَرَّقُوا عَنْهُ لِيُثْبِتُوهُ مِنْ لَيْلَتِهِ ، وَتَفَرَّقُوا لِيَجْتَمِعُوا عَلَى قَتْلِهِ ، فَنَزَلَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=30وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ [ الْأَنْفَالِ : 130 ] . فَعَلِمَ رَسُولُ
[ ص: 22 ] اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ ، فَأَعْلَمَ
أَبَا بَكْرٍ بِالْهِجْرَةِ ، وَقَدْ كَانَ
nindex.php?page=treesubj&link=30664أَعَدَّ لِلْهِجْرَةِ رَاحِلَتَيْنِ ، وَاسْتَخْلَفَ
عَلِيًّا فِي مَنَامِهِ ، وَأَنْ يَتَّشِحَ بِبُرْدِهِ الْحَضْرَمِيِّ الْأَخْضَرِ : لِأَنَّ
قُرَيْشًا تَرَى مَنَامَهُ فِيهِ ، وَأَمَرَ
عَلِيًّا أَنْ يَرُدَّ وَدَائِعَ النَّاسِ عَلَيْهِمْ ، وَخَرَجَ فِي الظَّلَامِ مَعَ
أَبِي بَكْرٍ إِلَى
غَارِ ثَوْرٍ ، وَخَرَجَ مَعَهُمَا
عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ لِخِدْمَتِهِمَا ، وَلِيَرُوحَ عَلَيْهِمَا بِغَنَمٍ يَرْعَاهَا
لِأَبِي بَكْرٍ ، وَكَانَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ يَأْتِي كُلَّ يَوْمٍ بِمَا يَتَجَدَّدُ مِنْ أَخْبَارِ
قُرَيْشٍ بِمَكَّةَ ، وَتَأْتِي
nindex.php?page=showalam&ids=64أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ بِطَعَامٍ ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
لِعَامِرِ بْنِ فُهَيْرَةَ :
ارْتَدْ لَنَا دَلِيلًا مِنَ الْأَزْدِ : فَإِنَّهُمْ أَوْفَى بِالْعَهْدِ : فَاسْتَأْجَرَ
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُرَيْقِطٍ اللَّيْثِيَّ ، وَكَانَ مُشْرِكًا ، وَأَقَامَا فِي الْغَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ، وَكَانَ خُرُوجُهُمَا فِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ فِي صَفَرٍ ، وَخَرَجَتْ
قُرَيْشٌ فِي طَلَبِهِ ، وَجَعَلُوا لِمَنْ جَاءَهُمْ بِهِ مِائَةَ نَاقَةٍ حَمْرَاءَ فَفَاتَهُمْ .
وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا خَرَجَ مِنْ
مَكَّةَ بَكَى وَقَالَ :
اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَخْرَجْتَنِي مِنْ أَحَبِّ الْبِلَادِ إِلَيَّ : فَأَسْكِنِّي أَحَبَّ الْبِلَادِ إِلَيْكَ وَقَدِمُوا
الْمَدِينَةَ فِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ الثَّانِي عَشَرَ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ ، فَرُوِيَ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ :
" وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الِاثْنَيْنِ ، وَبُعِثَ نَبِيًّا يَوْمَ الِاثْنَيْنِ ، وَهَاجَرَ مِنْ مَكَّةَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ ، وَمَاتَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ " وَكَانَ قُدُومُهُ قَبْلَ قِيَامِ الظَّهِيرَةِ ، فَنَزَلَ
بِقُبَاءَ عَلَى
بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ فِي دَارِ
كُلْثُومِ بْنِ الْهِدْمِ ، وَقِيلَ فِي دَارِ
سَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ ، فَأَقَامَ بَقِيَّةَ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الثُّلَاثَاءِ ، وَيَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ ، وَيَوْمَ الْخَمِيسِ ، وَبَنَى
مَسْجِدَ قُبَاءَ ،
nindex.php?page=treesubj&link=29301وَخَرَجَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مُتَوَجِّهًا إِلَى
الْمَدِينَةِ ، فَأَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فِي
بَنِي سَالِمِ بْنِ عَوْفٍ فِي بَطْنِ وَادٍ لَهُمْ ، فَصَلَّى بِهِمُ الْجُمُعَةَ ، وَهِيَ أَوَّلُ جُمُعَةٍ صَلَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=30673دَخَلَ الْمَدِينَةَ ، أَرْخَى زِمَامَ نَاقَتِهِ ، فَجَعَلَ لَا يَمُرُّ بِدَارٍ إِلَّا سَأَلَهُ أَهْلُهَا النُّزُولَ عَلَيْهِمْ ، وَهُوَ يَقُولُ :
خَلُّوا زِمَامَهَا ، فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَوْضِعِ الْمَسْجِدِ الْيَوْمَ ، فَبَرَكَتْ عَلَى بَابِ
nindex.php?page=treesubj&link=30673_29305مَسْجِدِهِ ، وَهِيَ يَوْمَئِذٍ مِرْبَدٌ لِيَتِيمَيْنِ مِنَ
الْأَنْصَارِ سَهْلٍ وَسُهَيْلٍ ابْنَيْ عَمْرٍو ، وَكَانَا فِي حِجْرِ
مُعَاذِ بْنِ عَفْرَاءَ ، فَنَزَلَ عَنْهَا وَاحْتَمَلَ
أَبُو أَيُّوبَ رَحْلَهُ فَوَضَعَهُ فِي بَيْتِهِ ، فَنَزَلَ عَلَيْهِ وَقَالَ :
الْمَرْءُ مَعَ رَحْلِهِ وَقَالَ
لِلْأَنْصَارِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924856ثَامِنُونِي بِهَذَا الْمِرْبَدِ ؟ فَقَالُوا : لَا نَأْخُذُ لَهُ ثَمَنًا ، فَبَنَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِنَفْسِهِ وَبِأَصْحَابِهِ مَسْجِدًا وَهُوَ يَقُولُ :
اللَّهُمَّ لَا عَيْشَ إِلَّا عَيْشُ الْآخِرَهْ فَارْحَمِ الْأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَهْ
وَأَقَامَ عِنْدَ
أَبِي أَيُّوبَ ، حَتَّى فَرَغَ مِنْ بِنَائِهِ ، وَهَاجَرَ
عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ، قَامَ فِيهَـا بِرَدِّ الْوَدَائِعِ عَلَى أَهْلِهَا . وَكَانَ آخِرَ مَنْ قَدِمَ مِنَ
الْمُهَاجِرِينَ [ ص: 23 ] سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ فِي عَشَرَةٍ مِنَ
الْمُهَاجِرِينَ ، وَبَنَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
بِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا بَعْدَ سَبْعَةِ أَشْهُرٍ مِنْ مَقْدَمِهِ
الْمَدِينَةَ فِي شَوَّالٍ ، وَكَانَ قَدْ تَزَوَّجَهَا
بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ فِي شَوَّالٍ بَعْدَ وَفَاةِ
nindex.php?page=showalam&ids=10640خَدِيجَةَ ، وَهِيَ ابْنَةُ سِتِّ سِنِينَ .
وَقِيلَ : ابْنَةُ سَبْعٍ ، وَكَانَ قَدْ تَزَوَّجَ قَبْلَهَا بَعْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=10640خَدِيجَةَ nindex.php?page=showalam&ids=93سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ ، وَقَدِمَتْ عَلَيْهِ بَعْدَ هِجْرَتِهِ .
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ النَّقْلِ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=30721مُدَّةِ مَقَامِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ النُّبُوَّةِ فَقَالَ الْأَكْثَرُونَ :
ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً ، وَقَالَ آخَرُونَ عَشْرُ سِنِينَ ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا قَوْلُ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ قُرِنَ
بِإِسْرَافِيلَ ثَلَاثَ سِنِينَ ، ثُمَّ قُرِنَ
بِجِبْرِيلَ حَتَّى نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ .