الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " وإذا دخل الحربي إلينا بأمان فأودع وترك مالا ثم قتل بدار الحرب ، فجميع ماله مغنوم ( وقال ) في كتاب المكاتب : مردود إلى ورثته : لأنه مال له أمان ( قال المزني ) - رحمه الله - هذا عندي أصح : لأنه إن كان حيا لا يغنم ماله في دار الإسلام لأنه مال له أمان فوارثه فيه بمثابته " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وصورتها في حربي دخل دار الإسلام بأمان ومعه مال وذرية فلا يخلو حال أمانه من ثلاثة أقسام :

                                                                                                                                            أحدها : أن يشرط له في أمان نفسه الأمان على ذريته وماله فيكون أمانه عاما في الجميع .

                                                                                                                                            والقسم الثاني : أن يخص بالأمان على نفسه ويستثني منه خروج ذريته وماله من أمانه ، فيكون الأمان مخصوصا على نفسه ، وتكون ذريته وماله غنيمة لأهل الفيء : لأنه واصل بغير قتال ولا يمنع أمانه على نفسه من غنيمته وذريته وماله لخصوصه فيه .

                                                                                                                                            والقسم الثالث : أن يكون الأمان مطلقا لم يسم فيه المال والذرية بالدخول فيه ولا بالخروج منه فيراعى لفظ الأمان .

                                                                                                                                            فإن قيل فيه : لك الأمان : اقتضى هذا الإطلاق عموم أمانه على ذريته وماله : لأن من خاف على ذريته وماله لم يكن آمنا ، وإن قيل في أمانه : لك الأمان على نفسك : اقتضى ذكر نفسه أن يكون الأمان مخصوصا فيها دون ما سواها من المال والذرية اعتبارا بخصوص التسمية ، وأطلق أبو حامد الإسفراييني جوابه في دخول ذريته وماله في أمانه ، وحمله على هذا التفصيل أصح ، وإن لم يتقدم به أحد من أصحابنا لما ذكرناه من التعليل .

                                                                                                                                            [ ص: 219 ]

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية