الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " فأيهم أفلس أو مات فالإمام غريم يضرب مع غرمائه " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح ، إذا مات الذمي أو أفلس بعد الحول لم تسقط عنه الجزية بموته وفلسه ، وأسقطها أبو حنيفة بموته احتجاجا بأن الجزية عقوبة تسقط عن الميت كالحدود : لأنه يخرج بالموت من أهل القتال ، فوجب أن تسقط عنه الجزية كالنساء والصبيان .

                                                                                                                                            ودليلنا : هو أنه مال استقر قبوله في ذمته ، فلم يسقط بموته كالديون ، ولأن [ ص: 313 ] الجزية عوض عن حقن دمه ، وإقراره في دار الإسلام على كفره ، فلم يسقط ما وجب منها بموته كالأجور .

                                                                                                                                            فأما الجواب عن اعتبارهم بالحدود ، فهو أن الحد متعلق بالبدن ، فسقط بالموت كالقصاص ، والجزية متعلقة بالمال ، فلم تسقط بالموت كالدية .

                                                                                                                                            وأما الجواب عن استدلالهم بخروجه من أهل القتال ، فهو أنها تؤخذ على ما مضى في حياته ، وقد كان فيه من أهل القتال .

                                                                                                                                            فإذا تقرر أنها لا تسقط بالموت والفلس ، كانت كالديون المستقرة تقدم على الوصايا ، والورثة ، ويساهم فيها الغرماء بالحصص ، ويكون ما عجز المال عنها دينا في ذمة المفلس ، وثابتا على الميت .

                                                                                                                                            وهكذا لو زمن أو عمي أو جن لم يسقط عنه ، وأسقطها أبو حنيفة عنه ، ودليله ما قدمناه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية