الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " وما فعل المسلمون بعضهم ببعض في دار الحرب لزمهم حكمه : حيث كانوا إذا جعل ذلك لإمامهم لا تضع الدار عنهم حد الله ولا حقا لمسلم ، ( وقال ) في كتاب السير : ويؤخر الحكم عليهم حتى يرجعوا من دار الحرب " .

                                                                                                                                            [ ص: 210 ] قال الماوردي : وهذا كما قال : كل معصية وجب بها الحد في دار الحرب على مسلم أو ذمي ، وجب بها الحد في دار الحرب على المسلم أو الذمي ، سواء كان فيها الإمام أو لم يكن .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة : يجب بها الحد إن كان الإمام فيها ، ولا يجب إن لم يكن فيها : احتجاجا بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : منعت دار الإسلام ما فيها ، وأباحت دار الشرك ما فيها وفرق بين الدارين في الإباحة والحظر ، كما فرق بينهما في السبي والقتل : فأوجب ذلك وقوع الفرق بينهما في وجوب الحد .

                                                                                                                                            ودليلنا عموم الآيات في الحدود الموجبة للتسوية بين دار الإسلام ودار الحرب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : من أتى من هذه القاذورات شيئا فليستتر بستر الله : فإنه من يبد لنا صفحته نقم حد الله عليه ، فعم ولم يخص ، ولأنها حدود تجب في دار الإسلام : فاقتضى أن تجب في دار الحرب كما لو حضر الإمام ، ولأنها حدود تجب بحضور الإمام : فاقتضى أن تجب بغيبة الإمام كدار الإسلام ، ولأنه لما استوت الداران في تحريم المعاصي : وجب أن تستويا في لزوم الحدود ، ولأنه لما لم تختلف أحكام العبادات من الصلاة والزكاة ، والصيام باختلاف الدارين : وجب أن لا تختلف أحكام المعاصي باختلاف الدارين .

                                                                                                                                            فأما الخبر فمحمول على إباحة ما تصح استباحته من الأموال والدماء ، وليس بمحمول على ما لا يجوز استباحته من الكبائر والمعاصي .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية