الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فأما قدر الخراج المطلوب على الأرض السواد ، فقد روى قتادة عن أبي مجلز أن عثمان بن حنيف جعل على كل جريب من الكرم عشرة دراهم ، وقيل : على كل جريب من النخل ثمانية دراهم ، وعلى كل جريب من قصب السكر ستة دراهم ، وعلى كل جريب من الرطبة خمسة دراهم ، وعلى كل جريب من البر أربعة دراهم ، وعلى كل جريب من الشعير درهمين .

                                                                                                                                            [ ص: 263 ] وحكى الشعبي أن عثمان بن حنيف مسح السواد ، فوجده ستة وثلاثين ألف ألف جريب ، فوضع على كل جريب درهما وقفيزا .

                                                                                                                                            قال يحيى بن آدم وهو المختوم الحجاجي : قيل : إن وزنه ثمانية أرطال ، فكان خراجها سوى البر والشعير متفقا على قدره في الروايات كلها .

                                                                                                                                            واختلف في خراج البر والشعير ، فذهب أهل العراق إلى تقديره بقفيز ودرهم ، وهل المأخوذ منهم في الأيام العادلة من ممالك الفرس ، وقد ذكره زهير في شعره فقال :


                                                                                                                                            فتغلل لكم ما لا تغل لأهلها قرى بالعراق من قفيز ودرهم

                                                                                                                                            وذهب أبو حامد الإسفراييني ، وطائفة من أصحاب الشافعي إلى أن خراج البر أربعة دراهم ، وخراج الشعير درهمان ، تعويلا على رواية أبي مجلز .

                                                                                                                                            وكلا القولين على إطلاقه معلول عندي : لأن كل واحد منهما إسقاط للآخر ، والصحيح أن كلا الروايتين صحيحتان ، وإنما اختلفا لاختلاف النواحي ، فوضع على بعضها قفيز ودرهم ، وعلى بعضها أربعة دراهم على البر ودرهمان على الشعير ، فأخذ الدرهم والقفيز فما كان غالب زرعه برا وشعيرا ، وأخذ الأربعة دراهم عن البر ، والدرهمين على الشعير مما كان أقل منزرعه برا وشعيرا : لأن ما قل من ناحيته غلا ، وما كثر فيها رخص ، فزيد من خراج المال ، ونقص من خراج الرخيص ، والله أعلم .

                                                                                                                                            فكانت ذراع عثمان بن حنيف في مساحته ذراع اليد وقبضة وإبهاما ممدودة ، وكان مبلغ ارتفاع السواد في أيام عمر بن الخطاب مائة ألف ألف درهم ، وعشرين ألف ألف درهم ، وحياة زياد مائة ألف ألف وخمسة وعشرين ألف ألف ، وحياة عبيد الله بن زياد مائة ألف ألف ، وخمسة وثلاثين ألف ألف ، وحياة الحجاج ثمانية عشر ألف ألف ، لغشمه وإخرابه ، وحياة عمر بن عبد العزيز ثمانين ألف ألف ، ثم بلغ في آخر أيامه مائة ألف ألف وعشرين ألف ألف ، لعدله وعمارته .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية