فصل : [
nindex.php?page=treesubj&link=29336غزوة حنين ]
ثم غزا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غزوة
حنين إلى
هوازن ، خرج إليها من
مكة بعد مقامه بها
[ ص: 71 ] خمسة عشر يوما ، في
nindex.php?page=treesubj&link=30808يوم السبت السادس من شوال ، في اثني عشر ألفا ، منهم العشرة آلاف الذين فتح بهم
مكة ، وألفان من أهل
مكة .
وحنين واد إلى جنب ذي المجاز ، بينه وبين
مكة ثلاث ليال .
وخرج معه ناس من المشركين ، منهم
صفوان بن أمية : لأنه كان في مدة خياره ، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
أعرنا سلاحك فقال : أغصبا يا
محمد قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924925بل عارية مضمونة مؤداة فقال : ليس بهذا بأس ، فأعطاه مائة درع بما يصلحها من السلاح ، فسأله أن يكفيه حملها ففعل .
وسبب هذه الغزوة : أن
هوازن لما رأوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد فتح
مكة ، اجتمع أشرافهم وأشراف
ثقيف على جمع الناس لمحاربته ، فلما عرف ذلك وقد اجتمعوا "
بأوطاس " سار إليهم من
مكة حتى نزل
بحنين في يوم الثلاثاء ، العاشر من شوال عشاء ، فعبأ أصحابه في السحر وعقد الرايات والألوية في أهلها ، فدفع ألوية
المهاجرين إلى ثلاثة : دفع إلى
علي بن أبي طالب لواء ، وإلى
عمر بن الخطاب لواء ، وإلى
سعد بن أبي وقاص لواء ، ودفع ألوية
الأنصار إلى ثلاثة : فدفع إلى
الحباب بن المنذر لواء ، ودفع إلى
سعد بن عبادة لواء ، وإلى
أسيد بن حضير لواء ، وفرق في القبائل الألوية يحملها زعماؤهم وعبأ الناس صفوفا ، فقال
أبو بكر : لن نغلب اليوم من قلة ، وظاهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين درعين ، ولبس المغفر والبيضة ، وركب بغلته دلدل والشهباء .
فأما
هوازن وثقيف فاجتمعوا
بأوطاس ، وعلى جميعهم
مالك بن عوف النضيري وهو المدبر لهم ، وكان قد أمرهم بحمل ذراريهم وأموالهم ؛ ليحتموا بها ويقاتلوا عنها ، وكان في الناس
دريد بن الصمة ، شيخا كبيرا ، لا فضل فيه إلا التيمن برأيه ، وكان يقاد في شجار ، وهو سيد
بني جشم ، فقال للناس : في أي واد أنتم ؟ قالوا :
بأوطاس قال : نعم مجال الخيل : لا حزن ضرس ولا سهل دهس ما لي أسمع رغاء البعير ، ونهاق الحمير ، وبكاء الصغير ؟ قالوا : ساق
مالك بن عوف مع الناس بنسائهم وأبنائهم وأموالهم ، فدعى
مالكا ، وقال له : سقت مع الناس بنسائهم وأبنائهم وأموالهم ، وأنه لا ينفعك إلا رجل بسيفه ورمحه ، فارفعهم إلى علياء بلادهم ، ثم الق
[ ص: 72 ] الحرب على متون الخيل ، فإن كانت لك لحق بك من وراءك ، وإن كانت عليك ألفاك وقد أحرزت أهلك ومالك ، ولم تفضح قومك ، فلم يطعه
مالك بن عوف : فقال
دريد بن الصمة : هذا يوم لم أشهده : ولم يفتني :
يا ليتني فيها جذع أخب فيها وأضع
ثم التقى الجمعان ، وخرجت الكتائب في غلس الصبح من مضيق الوادي ، وخرج كمين
هوازن من شعابه ، فانهزم من المسلمين في أول اللقاء
بنو سليم ، ثم تبعهم في الهزيمة
أهل مكة ، ثم تبعهم الناس في الهزيمة أفواجا حتى بقي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في نفر من أصحابه وأهل بيته ،
العباس بن عبد المطلب ،
وعلي بن أبي طالب ،
وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ،
وربيعة بن الحارث بن عبد المطلب ،
وأبو بكر ،
وعمر ،
وأسامة بن زيد ،
والفضل بن العباس بن عبد المطلب ،
وأيمن بن عبيد أخو أسامة من أمه ، وتكلم جفاة
أهل مكة حين رأوا الهزيمة بما في نفوسهم من الضغين ، وضرب
أبو سفيان بن حرب بأزلام كانت في كنانته ، وقال : قتل
محمد وغلبت
هوازن ، وقال
كلدة بن الحنبل : ألا بطل السحر اليوم ! فقال له
صفوان بن أمية - كان أخاه لأمه - : اسكت فض الله فاك قال : فوالله لأن يربيني رجل من
قريش أحب إلي من أن يربيني رجل من
هوازن ،
وصفوان يومئذ مشرك في شهور خياره ، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد انحاز ذات اليمين ، فنادى إلى عباد الله
nindex.php?page=hadith&LINKID=924926أنا رسول الله ، أنا محمد بن عبد الله ، أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب : فما رئي في الناس أشجع منه ، وأمر
العباس بن عبد المطلب - وكان آخذا بلجام بغلته الشهباء وهو رجل جهير الصوت - أن ينادي في الناس :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924927يا معشر الأنصار ، يا أصحاب السمرة ، يا أهل سورة البقرة ، فأجابه من سمعه : لبيك لبيك ، وتبعوا الصوت : فلما اجتمع منهم مائة رجل استقبلوا الناس ، فاقتتلوا ، وتلاحق بهم الناس ، فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كف تراب ألقاه عليهم ، وقال :
nindex.php?page=treesubj&link=30809شاهت الوجوه ( حا ميم ) لا يبصرون واجتلد القوم ، فلما أشرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على مجتلدهم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924928الآن حمى الوطيس فولت هوازن منهزمة ، وثبت بعدهم
ثقيف : فقتل منهم سبعون رجلا عدة من قتل
ببدر ، وقال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923681من قتل قتيلا فله سلبه فقتل
أبو طلحة عشرين
[ ص: 73 ] قتيلا أعطاه أسلابهم ، حكاه
أنس بن مالك ، وعسكر ناس
بأوطاس ، فأنفذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليهم
أبا عامر الأشعري في جيش فهزمهم ، وأدرك
دريد بن الصمة في شجاره فقتله : فبرز ابنه
سلمة بن دريد مرتجزا يقول :
إن تسألوا عني فإني سلمه ابن سمادير لمن توسمه
أضرب بالسيف رءوس المسلمه
ورمى
أبا عامر بسهم فقتله : فأدركه
أبو موسى الأشعري فقتله ، وكان
أبو عامر حين رمي بالسهم استخلف على الجيش
أبا موسى ووصاه إذا لقي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقرئه منه السلام ، وسأله أن يستغفر له ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924929اللهم اغفر لأبي عامر ، واجعله من أعلى أمتي في الجنة .
وكان
أبو عامر قد قتل منهم في يومه بنفسه تسعة مبارزة حتى قتله العاشر : ولما انهزموا لحق
مالك بن عوف وهو رئيس القوم
بالطائف : فتحصن بها ، وحاز المسلمون السبايا والأموال فكان السبي ستة آلاف رأس ، والإبل أربعة وعشرين ألف بعير ، والغنم أربعين ألف شاة ، والفضة أربعة آلاف أوقية ، وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحمل السبي والأموال إلى
الجعرانة ، وولى عليه
مسعود بن عمرو القارئ .
فَصْلٌ : [
nindex.php?page=treesubj&link=29336غَزْوَةُ حُنَيْنٍ ]
ثُمَّ غَزَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَزْوَةَ
حُنَيْنٍ إِلَى
هَوَازِنَ ، خَرَجَ إِلَيْهَا مِنْ
مَكَّةَ بَعْدَ مَقَامِهِ بِهَا
[ ص: 71 ] خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ، فِي
nindex.php?page=treesubj&link=30808يَوْمِ السَّبْتِ السَّادِسِ مِنْ شَوَّالٍ ، فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا ، مِنْهُمُ الْعَشَرَةُ آلَافٍ الَّذِينَ فَتَحَ بِهِمْ
مَكَّةَ ، وَأَلْفَانِ مِنْ أَهْلِ
مَكَّةَ .
وَحُنَيْنٌ وَادٍ إِلَى جَنْبِ ذِي الْمَجَازِ ، بَيْنَهُ وَبَيْنَ
مَكَّةَ ثَلَاثُ لَيَالٍ .
وَخَرَجَ مَعَهُ نَاسٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ، مِنْهُمْ
صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ : لِأَنَّهُ كَانَ فِي مُدَّةِ خِيَارِهِ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
أَعِرْنَا سِلَاحَكَ فَقَالَ : أَغَصْبًا يَا
مُحَمَّدُ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924925بَلْ عَارِيَةٌ مَضْمُونَةٌ مُؤَدَّاةٌ فَقَالَ : لَيْسَ بِهَذَا بَأْسٌ ، فَأَعْطَاهُ مِائَةَ دِرْعٍ بِمَا يُصْلِحُهَا مِنَ السِّلَاحِ ، فَسَأَلَهُ أَنْ يَكْفِيَهُ حَمْلَهَا فَفَعَلَ .
وَسَبَبُ هَذِهِ الْغَزْوَةِ : أَنَّ
هَوَازِنَ لَمَّا رَأَوْا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ فَتَحَ
مَكَّةَ ، اجْتَمَعَ أَشْرَافُهُمْ وَأَشْرَافُ
ثَقِيفٍ عَلَى جَمْعِ النَّاسِ لِمُحَارَبَتِهِ ، فَلَمَّا عَرَفَ ذَلِكَ وَقَدِ اجْتَمَعُوا "
بِأَوْطَاسٍ " سَارَ إِلَيْهِمْ مِنْ
مَكَّةَ حَتَّى نَزَلَ
بِحُنَيْنٍ فِي يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ ، الْعَاشِرِ مِنْ شَوَّالٍ عِشَاءً ، فَعَبَّأَ أَصْحَابَهُ فِي السَّحَرِ وَعَقَدَ الرَّايَاتِ وَالْأَلْوِيَةَ فِي أَهْلِهَا ، فَدَفَعَ أَلْوِيَةَ
الْمُهَاجِرِينَ إِلَى ثَلَاثَةٍ : دَفَعَ إِلَى
عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ لِوَاءً ، وَإِلَى
عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ لِوَاءً ، وَإِلَى
سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ لِوَاءً ، وَدَفَعَ أَلْوِيَةَ
الْأَنْصَارِ إِلَى ثَلَاثَةٍ : فَدَفَعَ إِلَى
الْحُبَابِ بْنِ الْمُنْذِرِ لِوَاءً ، وَدَفَعَ إِلَى
سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ لِوَاءً ، وَإِلَى
أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ لِوَاءً ، وَفَرَّقَ فِي الْقَبَائِلِ الْأَلْوِيَةَ يَحْمِلُهَا زُعَمَاؤُهُمْ وَعَبَّأَ النَّاسَ صُفُوفًا ، فَقَالَ
أَبُو بَكْرٍ : لَنْ نُغْلَبَ الْيَوْمَ مِنْ قِلَّةٍ ، وَظَاهَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ دِرْعَيْنِ ، وَلَبِسَ الْمِغْفَرَ وَالْبَيْضَةَ ، وَرَكِبَ بَغْلَتَهُ دُلْدُلَ وَالشَّهْبَاءَ .
فَأَمَّا
هَوَازِنُ وَثَقِيفٌ فَاجْتَمَعُوا
بِأَوْطَاسٍ ، وَعَلَى جَمِيعِهِمْ
مَالِكُ بْنُ عَوْفٍ النَّضِيرِيُّ وَهُوَ الْمُدَبِّرُ لَهُمْ ، وَكَانَ قَدْ أَمَرَهُمْ بِحَمْلِ ذَرَّارِيِّهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ ؛ لِيَحْتَمُوا بِهَا وَيُقَاتِلُوا عَنْهَا ، وَكَانَ فِي النَّاسِ
دُرَيْدُ بْنُ الصِّمَّةِ ، شَيْخًا كَبِيرًا ، لَا فَضْلَ فِيهِ إِلَّا التَّيَمُّنُ بِرَأْيِهِ ، وَكَانَ يُقَادُ فِي شِجَارٍ ، وَهُوَ سَيِّدُ
بَنِي جُشَمَ ، فَقَالَ لِلنَّاسِ : فِي أَيِّ وَادٍ أَنْتُمْ ؟ قَالُوا :
بِأَوْطَاسٍ قَالَ : نِعْمَ مَجَالُ الْخَيْلِ : لَا حَزْنٌ ضَرِسٌ وَلَا سَهْلٌ دَهْسٌ مَا لِي أَسْمَعُ رُغَاءَ الْبَعِيرِ ، وَنُهَاقَ الْحَمِيرِ ، وَبُكَاءَ الصَّغِيرِ ؟ قَالُوا : سَاقَ
مَالِكُ بْنُ عَوْفٍ مَعَ النَّاسِ بِنِسَائِهِمْ وَأَبْنَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ ، فَدَعَى
مَالِكًا ، وَقَالَ لَهُ : سُقْتَ مَعَ النَّاسِ بِنِسَائِهِمْ وَأَبْنَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ ، وَأَنَّهُ لَا يَنْفَعُكَ إِلَّا رَجُلٌ بِسَيْفِهِ وَرُمْحِهِ ، فَارْفَعْهُمْ إِلَى عَلْيَاءِ بِلَادِهِمْ ، ثُمَّ الْقَ
[ ص: 72 ] الْحَرْبَ عَلَى مُتُونِ الْخَيْلِ ، فَإِنْ كَانَتْ لَكَ لَحِقَ بِكَ مَنْ وَرَاءَكَ ، وَإِنْ كَانَتْ عَلَيْكَ أَلْفَاكَ وَقَدْ أَحْرَزْتَ أَهْلَكَ وَمَالَكَ ، وَلَمْ تَفْضَحْ قَوْمَكَ ، فَلَمْ يُطِعْهُ
مَالِكُ بْنُ عَوْفٍ : فَقَالَ
دُرَيْدُ بْنُ الصِّمَّةَ : هَذَا يَوْمٌ لَمْ أَشْهَدْهُ : وَلَمْ يَفُتْنِي :
يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعْ أَخُبُّ فِيهَا وَأَضَعْ
ثُمَّ الْتَقَى الْجَمْعَانِ ، وَخَرَجَتِ الْكَتَائِبُ فِي غَلَسِ الصُّبْحِ مِنْ مَضِيقِ الْوَادِي ، وَخَرَجَ كَمِينُ
هَوَازِنَ مِنْ شِعَابِهِ ، فَانْهَزَمَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي أَوَّلِ اللِّقَاءِ
بَنُو سُلَيْمٍ ، ثُمَّ تَبِعَهُمْ فِي الْهَزِيمَةِ
أَهْلُ مَكَّةَ ، ثُمَّ تَبِعَهُمُ النَّاسُ فِي الْهَزِيمَةِ أَفْوَاجًا حَتَّى بَقِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ ،
الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ،
وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ،
وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ،
وَرَبِيعَةُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ،
وَأَبُو بَكْرٍ ،
وَعُمَرُ ،
وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ ،
وَالْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ،
وَأَيْمَنُ بْنُ عُبَيْدٍ أَخُو أُسَامَةَ مِنْ أُمِّهِ ، وَتَكَلَّمَ جُفَاةُ
أَهْلِ مَكَّةَ حِينَ رَأَوُا الْهَزِيمَةَ بِمَا فِي نُفُوسِهِمْ مِنَ الضَّغِينِ ، وَضَرَبَ
أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ بِأَزْلَامٍ كَانَتْ فِي كِنَانَتِهِ ، وَقَالَ : قُتِلَ
مُحَمَّدٌ وَغُلِبَتْ
هَوَازِنُ ، وَقَالَ
كَلَدَةُ بْنُ الْحَنْبَلِ : أَلَا بَطَلَ السِّحْرُ الْيَوْمَ ! فَقَالَ لَهُ
صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ - كَانَ أَخَاهُ لِأُمِّهِ - : اسْكُتْ فَضَّ اللَّهُ فَاكَ قَالَ : فَوَاللَّهِ لَأَنْ يُرَبَّيَنِي رَجُلٌ مِنْ
قُرَيْشٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يُرَبِّيَنِي رَجُلٌ مِنْ
هَوَازِنَ ،
وَصَفْوَانُ يَوْمَئِذٍ مُشْرِكٌ فِي شُهُورِ خِيَارِهِ ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدِ انْحَازَ ذَاتَ الْيَمِينِ ، فَنَادَى إِلَى عِبَادِ اللَّهِ
nindex.php?page=hadith&LINKID=924926أَنَا رَسُولُ اللَّهِ ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ : فَمَا رُئِيَ فِي النَّاسِ أَشْجَعُ مِنْهُ ، وَأَمَرَ
الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ - وَكَانَ آخِذًا بِلِجَامِ بَغْلَتِهِ الشَّهْبَاءِ وَهُوَ رَجُلٌ جَهِيرُ الصَّوْتِ - أَنْ يُنَادِيَ فِي النَّاسِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924927يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ ، يَا أَصْحَابَ السَّمُرَةِ ، يَا أَهْلَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ ، فَأَجَابَهُ مَنْ سَمِعَهُ : لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ ، وَتَبِعُوا الصَّوْتَ : فَلَمَّا اجْتَمَعَ مِنْهُمْ مِائَةُ رَجُلٍ اسْتَقْبَلُوا النَّاسَ ، فَاقْتَتَلُوا ، وَتَلَاحَقَ بِهِمُ النَّاسُ ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَفَّ تُرَابٍ أَلْقَاهُ عَلَيْهِمْ ، وَقَالَ :
nindex.php?page=treesubj&link=30809شَاهَتِ الْوُجُوهُ ( حَا مِيمْ ) لَا يُبْصِرُونَ وَاجْتَلَدَ الْقَوْمُ ، فَلَمَّا أَشْرَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مُجْتَلَدِهِمْ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924928الْآنَ حَمَى الْوَطِيسُ فَوَلَّتْ هَوَازِنُ مُنْهَزِمَةً ، وَثَبَتَ بَعْدَهُمْ
ثَقِيفٌ : فَقُتِلَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ رَجُلًا عِدَّةَ مَنْ قُتِلَ
بِبَدْرٍ ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923681مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ فَقَتَلَ
أَبُو طَلْحَةَ عِشْرِينَ
[ ص: 73 ] قَتِيلًا أَعْطَاهُ أَسْلَابَهُمْ ، حَكَاهُ
أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ ، وَعَسْكَرَ نَاسٌ
بِأَوْطَاسٍ ، فَأَنْفَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَيْهِمْ
أَبَا عَامِرٍ الْأَشْعَرِيَّ فِي جَيْشٍ فَهَزَمَهُمْ ، وَأَدْرَكَ
دُرَيْدَ بْنَ الصِّمَّةِ فِي شِجَارِهِ فَقَتَلَهُ : فَبَرَزَ ابْنُهُ
سَلَمَةُ بْنُ دُرَيْدٍ مُرْتَجِزًا يَقُولُ :
إِنْ تَسْأَلُوا عَنِّي فَإِنِّي سَلَمَهْ ابْنُ سَمَادِيرَ لِمَنْ تَوَسَّمَهْ
أَضْرِبُ بِالسَّيْفِ رُءُوسَ الْمُسْلِمَهْ
وَرَمَى
أَبَا عَامِرٍ بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ : فَأَدْرَكَهُ
أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ فَقَتَلَهُ ، وَكَانَ
أَبُو عَامِرٍ حِينَ رُمِيَ بِالسَّهْمِ اسْتَخْلَفَ عَلَى الْجَيْشِ
أَبَا مُوسَى وَوَصَّاهُ إِذَا لَقِيَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُقْرِئَهُ مِنْهُ السَّلَامَ ، وَسَأَلَهُ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924929اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَبِي عَامِرٍ ، وَاجْعَلْهُ مِنْ أَعْلَى أُمَّتِي فِي الْجَنَّةِ .
وَكَانَ
أَبُو عَامِرٍ قَدْ قَتَلَ مِنْهُمْ فِي يَوْمِهِ بِنَفْسِهِ تِسْعَةً مُبَارَزَةً حَتَّى قَتَلَهُ الْعَاشِرُ : وَلَمَّا انْهَزَمُوا لَحِقَ
مَالِكُ بْنُ عَوْفٍ وَهُوَ رَئِيسُ الْقَوْمِ
بِالطَّائِفِ : فَتَحَصَّنَ بِهَا ، وَحَازَ الْمُسْلِمُونَ السَّبَايَا وَالْأَمْوَالَ فَكَانَ السَّبْيُ سِتَّةَ آلَافِ رَأْسِ ، وَالْإِبِلُ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ أَلْفَ بَعِيرِ ، وَالْغَنَمُ أَرْبَعِينَ أَلْفَ شَاةٍ ، وَالْفِضَّةُ أَرْبَعَةَ آلَافِ أُوقِيَّةٍ ، وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَحُمِلَ السَّبْيُ وَالْأَمْوَالُ إِلَى
الْجِعْرَانَةَ ، وَوَلَّى عَلَيْهِ
مَسْعُودَ بْنَ عَمْرٍو الْقَارِئَ .