ثم بدأ به  مرضه الذي مات فيه   في يوم الأربعاء الثاني والعشرين من صفر ، وهو في بيت   ميمونة بنت الحارث  فحم وصدع .  
قال  أبو سعيد الخدري      : وكان عليه صالب الحمى ، ما تكاد تقر يد أحدنا عليه من شدتها ، فجعلنا نسبح فقال لنا رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : ليس أحد أشد بلاء من الأنبياء ، كما يشتد علينا البلاء كذلك يضاعف لنا الأجر .  
وروى  سعد   قال : سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أشد الناس بلاء قال :  النبيون ثم الأمثل فالأمثل  ولما اشتد به المرض صاحت   أم سلمة  فقال : مه ، إنه لا يصيح إلا كافر ، وكان إذا عاد مريضا أو مرض هو مسح بيده على وجهه قال :  أذهب البأس رب الناس ، واشف أنت الشافي ، لا شفاء إلا شفاؤك ، شفاء لا يغادر سقما  ، فلما كان في مرض موته تساند إلى  عائشة     : فأخذت بيده ، وجعلت تمسحها على وجهه ، وتقول هؤلاء الكلمات ، فانتزع يده منها وقال :  ارفعي عني فإنها إنما كانت تنفع في المرة أسأل الله      [ ص: 92 ] الرفيق الأعلى ، اللهم أدخلني جنة الخلد مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصدقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا     .  
وكان  جبريل      - عليه السلام - ينزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا مرض قبل مرض موته فيقول :  بسم الله أرقيك ، من كل شيء يؤذيك ، وعين الله تشفيك ، ولم يقل له ذلك في مرض موته  ، وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يسد كل باب إلى المسجد إلا باب  أبي بكر   ، فقال له  العباس      : ما بالك فتحت أبواب رجال وسددت أبواب رجال في المسجد فقال : يا  عباس   ما فتحت عن أمري وما سددت عن أمري .  
واستأذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نساءه أن يحللنه من القسم ليمرض في بيت  عائشة     : فأذن له ، وحللنه ، فانتقل من بيت  ميمونة  إلى بيت  عائشة  رضي الله عنها ، وأغمي عليه في مرضه فلدوه ، فأفاق ، وأحس بخشونة اللدود ، فقال : ما صنعتم : قالوا لددناك ، قال بماذا : قالوا : بالعود الهندي وشيء من ورس ، وقطرات من زيت فقال : من أمركم بهذا : قالوا :   أسماء بنت عميس  ، قال هذا رطب أصابته بأرض  الحبشة      : لا يبقين أحد في البيت إلا لد إلا عمي  العباس   فجعل بعضهم يلد بعضا والتدت  ميمونة  ، وكانت صائمة لقسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان ذلك منه عقوبة لهم .  
				
						
						
