فصل : فإذا ثبت أن فرض الجهاد الآن مستقر على الكفاية دون الأعيان
nindex.php?page=treesubj&link=7919فالذي يلزم من فرض الجهاد شيئان :
أحدهما :
nindex.php?page=treesubj&link=7921_7924كف العدو عن بلاد الإسلام أن يتخطفها لينتشر المسلمون فيها آمنين على نفوسهم وأموالهم ، فإن أظل العدو عليهم وخافوه على بلادهم تعين فرض الجهاد
[ ص: 113 ] على كل من أطاقه وقدر عليه من البلاد التي أظلها العدو ، وكان فرضه على غيرهم باقيا على الكفاية .
والثاني : أن
nindex.php?page=treesubj&link=7925_7922_7920يطلب المسلمون بلاد المشركين ليقاتلوهم على الدين حتى يسلموا أو يبذلوا الجزية إن لم يسلموا : لأن الله تعالى فرض الجهاد لنصرة دينه ، فقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=39وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله [ البقرة : 193 ] . وهذا مما لا يتعين فرض الجهاد فيه ، ولا يكون إلا على الكفاية ، وإن جاز أن يتعين في الأول ، ولا يجوز للإمام وكافة المسلمين أن يقتصروا في الجهاد على أحد هذين الأمرين حتى يجمعوا بينهما فيذبوا عن بلاد الإسلام ، ويقاتلوا على بلاد الشرك ، فإن وقع الاقتصار على أحدهما حرج أهل الجهاد لإخلالهم بفرض الكفاية .
nindex.php?page=treesubj&link=20509وفرض الكفاية ما إذا قام به بعضهم سقط فرضه عن الباقين ،
nindex.php?page=treesubj&link=28228وفرض الأعيان ما لا يسقط فرضه إلا عن فاعله ،
nindex.php?page=treesubj&link=7918والكفاية في الجهاد تكون من وجهين :
أحدهما : أن يتولاه الإمام بنفسه ويقوم فيه بحقه فيسقط فرضه عن الكافة لمباشرة الإمام له بأعوانه .
والثاني : أن تكون ثغور المسلمين مشحونة من المقاتلة بمن يذب عنها ويقاتل من يتصل بها : فيسقط بهم فرض الجهاد عمن خلفهم ، فإن ضعفوا واستنفروا وجب على من وراءهم من المسلمين أن يمدوهم من أنفسهم بمن يتقوون به على قتال عدوهم ، ويصير جميع من تخلف عن إمدادهم داخلا في فرض الكفاية حتى يمدوهم بأهل الكفاية لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924403المسلمون تتكافأ دماؤهم ، وهم يد على من سواهم ، ويسعى بذمتهم أدناهم وفي تسميته جهادا تأويلان :
أحدهما : لأنه يجهد في قهر عدوه .
والثاني : لأنه يبذل فيه جهد نفسه .
روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال وقد رجع من بعض غزواته :
رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر يعني : جهاد النفس .
فَصْلٌ : فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ فَرْضَ الْجِهَادِ الْآنَ مُسْتَقِرٌّ عَلَى الْكِفَايَةِ دُونَ الْأَعْيَانِ
nindex.php?page=treesubj&link=7919فَالَّذِي يَلْزَمُ مِنْ فَرْضِ الْجِهَادِ شَيْئَانِ :
أَحَدُهُمَا :
nindex.php?page=treesubj&link=7921_7924كَفُّ الْعَدُوِّ عَنْ بِلَادِ الْإِسْلَامِ أَنْ يَتَخَطَّفَهَا لِيَنْتَشِرَ الْمُسْلِمُونَ فِيهَا آمِنِينَ عَلَى نُفُوسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ ، فَإِنْ أَظَلَّ الْعَدُوُّ عَلَيْهِمْ وَخَافُوهُ عَلَى بِلَادِهِمْ تَعَيَّنَ فَرْضُ الْجِهَادِ
[ ص: 113 ] عَلَى كُلِّ مَنْ أَطَاقَهُ وَقَدَرَ عَلَيْهِ مِنَ الْبِلَادِ الَّتِي أَظَلَّهَا الْعَدُوُّ ، وَكَانَ فَرْضُهُ عَلَى غَيْرِهِمْ بَاقِيًا عَلَى الْكِفَايَةِ .
وَالثَّانِي : أَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=7925_7922_7920يَطْلُبَ الْمُسْلِمُونَ بِلَادَ الْمُشْرِكِينَ لِيُقَاتِلُوهُمْ عَلَى الدِّينِ حَتَّى يُسْلِمُوا أَوْ يَبْذُلُوا الْجِزْيَةَ إِنْ لَمْ يُسْلِمُوا : لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَضَ الْجِهَادَ لِنُصْرَةِ دِينِهِ ، فَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=39وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ [ الْبَقَرَةِ : 193 ] . وَهَذَا مِمَّا لَا يَتَعَيَّنُ فَرْضُ الْجِهَادِ فِيهِ ، وَلَا يَكُونُ إِلَّا عَلَى الْكِفَايَةِ ، وَإِنْ جَازَ أَنْ يَتَعَيَّنَ فِي الْأَوَّلِ ، وَلَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ وَكَافَّةُ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَقْتَصِرُوا فِي الْجِهَادِ عَلَى أَحَدِ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ حَتَّى يَجْمَعُوا بَيْنَهُمَا فَيَذُبُّوا عَنْ بِلَادِ الْإِسْلَامِ ، وَيُقَاتِلُوا عَلَى بِلَادِ الشِّرْكِ ، فَإِنْ وَقَعَ الِاقْتِصَارُ عَلَى أَحَدِهِمَا حُرِّجَ أَهْلُ الْجِهَادِ لِإِخْلَالِهِمْ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ .
nindex.php?page=treesubj&link=20509وَفَرْضُ الْكِفَايَةُ مَا إِذَا قَامَ بِهِ بَعْضُهُمْ سَقَطَ فَرْضُهُ عَنِ الْبَاقِينَ ،
nindex.php?page=treesubj&link=28228وَفَرْضُ الْأَعْيَانِ مَا لَا يَسْقُطُ فَرْضُهُ إِلَّا عَنْ فَاعِلِهِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=7918وَالْكِفَايَةُ فِي الْجِهَادِ تَكُونُ مِنْ وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : أَنْ يَتَوَلَّاهُ الْإِمَامُ بِنَفْسِهِ وَيَقُومَ فِيهِ بِحَقِّهِ فَيَسْقُطَ فَرْضُهُ عَنِ الْكَافَّةِ لِمُبَاشَرَةِ الْإِمَامِ لَهُ بِأَعْوَانِهِ .
وَالثَّانِي : أَنْ تَكُونَ ثُغُورُ الْمُسْلِمِينَ مَشْحُونَةً مِنَ الْمُقَاتِلَةِ بِمَنْ يَذُبُّ عَنْهَا وَيُقَاتِلُ مَنْ يَتَّصِلُ بِهَا : فَيَسْقُطَ بِهِمْ فَرْضُ الْجِهَادِ عَمَّنْ خَلْفَهُمْ ، فَإِنْ ضَعُفُوا وَاسْتَنْفَرُوا وَجَبَ عَلَى مَنْ وَرَاءَهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَمُدُّوهُمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ بِمَنْ يَتَقَوَّوْنَ بِهِ عَلَى قِتَالِ عَدُوِّهُمْ ، وَيَصِيرُ جَمِيعُ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْ إِمْدَادِهِمْ دَاخِلًا فِي فَرْضِ الْكِفَايَةِ حَتَّى يَمُدُّوهُمْ بِأَهْلِ الْكِفَايَةِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924403الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ ، وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ ، وَيَسْعَى بِذِمَتِهِمْ أَدْنَاهُمْ وَفِي تَسْمِيَتِهِ جِهَادًا تَأْوِيلَانِ :
أَحَدُهُمَا : لِأَنَّهُ يَجْهَدُ فِي قَهْرِ عَدُوِّهِ .
وَالثَّانِي : لِأَنَّهُ يَبْذُلُ فِيهِ جَهْدَ نَفْسِهِ .
رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ وَقَدْ رَجَعَ مِنْ بَعْضِ غَزَوَاتِهِ :
رَجَعْنَا مِنَ الْجِهَادِ الْأَصْغَرِ إِلَى الْجِهَادِ الْأَكْبَرِ يَعْنِي : جِهَادَ النَّفْسِ .