الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وأما الاسترقاق فمن علم أنه قوي البطش ذليل النفس فهو من أهل الاسترقاق ، وله حالتان :

                                                                                                                                            إحداهما : أن يكون ممن يجوز إقراره بالجزية كأهل الكتاب من اليهود والنصارى ، أو من له شبهة كتاب كالمجوس ، فيجوز أن يسترق ، ويقر على كفره بالرق كما يقر عليه بالجزية .

                                                                                                                                            والحال الثانية : أن يكون ممن لا يقر على كفره بالجزية كعبدة الأوثان ، ففي جواز إقراره على كفره بالاسترقاق وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : وهو الظاهر من مذهب الشافعي وسنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - يجوز أن يسترق ويقر على كفره بالرق ، وإن لم يقر عليه بالجزية : لأن كل من جاز إقراره بالأمان جاز إقراره بالاسترقاق ، كالكتابي طردا وكالمرتد عكسا .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : وهو قول أبي سعيد الإصطخري : إنه لا يجوز إقراره بالاسترقاق ، كما لا يجوز إقراره بالجزية ، ويبقى خيار الإمام فيه بين القتل أو الفداء أو المن ، ولا فرق على كلا الوجهين بين العرب منهم والعجم .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة : إن كانوا عجما جاز استرقاقهم ، وإن كانوا عربا وجب قتلهم ولا يجوز استرقاقهم لمبالغة العرب في عداوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإخراجه من بلده ، فصاروا بذلك أغلظ جرما وصار قتلهم محتما ، وهذا خطأ لأمرين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن الاسترقاق عقوبة تتعلق بالكفر ، فوجب أن يستوي فيها العربي والعجمي كالقتل .

                                                                                                                                            والثاني : أن كل كافر جاز استرقاقه إذا كان أعجميا ، جاز استرقاقه إذا كان عربيا كأهل الكتاب فهذا حكم الاسترقاق .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية