فصل : فإذا سقط قتلهم بعد الإسار بالإسلام ، فقد قال  الشافعي   هاهنا : فإن  أسلموا بعد الإسار   رقوا ، وإن أسلموا قبل الإسار فهم أحرار ، وظاهر هذا الكلام أنهم قد صاروا رقيقا بالإسلام من غير استرقاق ، وقال في موضع آخر : إنهم لا يصيرون رقيقا حتى يسترقوا ، فخرجه أصحابنا على قولين : أحدهما : أنهم قد رقوا بالإسلام : لأن كل أسير حرم قتله رق كالنساء والصبيان ، فعلى هذا يسقط خيار الإمام في الفداء والمن .  
والقول الثاني : وهو أصح أنهم لا يرقون إلا بالاسترقاق : لأن سقوط الخيار من القتل لا يوجب سقوطه في الباقي كالكفارة ، إذا سقط خياره في العتق لعدمه لم يسقط خياره فيما عداه ، فعلى هذا يكون الإمام على خياره فيه بين الاسترقاق أو الفداء أو المن ، لما روي  أن  العقيلي   أسر وأوثق في الحرة ، فمر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال يا رسول الله : بم أخذت وأخذت سابقة الحاج ، فقال : بجريرتك وجريرة حلفائك من  ثقيف   ، فقال : إني جائع فأطعمني ، وعطشان فأسقني ، فأطعمه وسقاه ، فقال له : أسلم ، فأسلم ، فقال : لو قلتها قبل هذا لأفلحت كل الفلاح ، وفاداه برجلين من المسلمين .  
فدل هذا الخبر على أنه لا يرق بالإسلام حتى يسترق ، وأنه لا يسقط خياره في الفداء والمن .  
 [ ص: 180 ] وقوله : وأخذت سابقة الحاج يعني بها ناقة كانت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - سابقة الحاج ، أخذها المشركون وصارت إلى  العقيلي   ، فأخذت منه بعد أسره ، فأراد بذلك أن سابقة الحاج قد أخذت مني ففيم أوخذ بعدها ، فقال له :  بجريرتك وجريرة قومك  ، يعني بجنايتك وجناية قومك : لأنهم نقضوا عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .  
فإن قيل : فكيف يؤخذ بجناية غيره من قومه .  
قيل : لما كان منهم ومشاركا لهم في أفعالهم صار مشاركا لهم في الأخذ بجنايتهم ، فأما إن سقط عنه القتل ، به الإسار ببذل الجزية على ما ذكرناه من الوجهين لم يرق ببذلها قولا واحدا ، حتى يسترق وكان الإمام فيه على خياره بين استرقاقه ومفاداته والمن عليه : بخلاف الإسلام في أحد القولين لأن بقاء كفره يوجب إبقاء أحكامه .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					