[ ص: 216 ] باب ما أحرزه المشركون من المسلمين
قال
الشافعي - رحمه الله - : " لا يملك المشركون ما أحرزوه على المسلمين بحال أباح الله لأهل دينه ملك أحرارهم ونسائهم وذراريهم وأموالهم ، فلا يساوون المسلمين في شيء من ذلك أبدا : قد أحرزوا ناقة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأحرزتها منهم الأنصارية ، فلم يجعل لها النبي - عليه الصلاة والسلام - شيئا ، وجعلها على أصل ملكه فيها ، وأبق
لابن عمر عبد وعار له فرس فأحرزهما المشركون ، ثم أحرزهما عليهم المسلمون فردا عليه ، وقال
أبو بكر الصديق رضي الله عنه : مالكه أحق به قبل القسم وبعده ، ولا أعلم أحدا خالف في أن المشركين إذا أحرزوا عبدا لمسلم فأدركه وقد أوجف عليه قبل القسم أنه لمالكه بلا قيمة ، ثم اختلفوا بعدما وقع في المقاسم : فقال منهم قائل بقولنا ، وعلى الإمام أن يعوض من صار في سهمه من خمس الخمس ، وهو سهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذا يوافق الكتاب والسنة والإجماع ، وقال غيرنا : هو أحق به بالقيمة - إن شاء - ولا يخلو من أن يكون مال مسلم فلا يغنم ، أو مال مشرك فيغنم ، فلا يكون لربه فيه حق ، ومن زعم أنهم لا يملكون الحر ، ولا المكاتب ، ولا أم الولد ، ولا المدبر ، ويملكون ما سواهم فإنما يتحكم " .
قال
الماوردي : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=24007أحرز المشركون أموال المسلمين بغارة ، أو سرقة لم يملكوه ، سواء أدخلوه دار الحرب أو لم يدخلوه ، فإن باعوه على مسلم كان صاحبه أحق به من مشتريه بغير ثمن ، وإن غنمها المسلمون استرجعه صاحبه بغير بدل ، وسواء قبل القسمة وبعدها ، وعلى الإمام أن يعوض من حصل ذلك في سهمه بعد القسمة قيمته من سهم المصالح لما في نقص القسمة من لحوق المشقة ، فإن لم تلحق منه مشقة نقصها ولم يعوض .
وقال
أبو حنيفة : قد ملك المشركون ما أغار عليهم جماعتهم دون آحادهم من أموال المسلمين ، إذا أدخلوه دار الحرب ، فإن باعوه صح بيعه ، وكان لمالكه أن يأخذه من مشتريه بثمنه ، وإن غنمه المسلمون منهم استرجعه صاحبه قبل القسمة ، بغير عوض ولم يسترجعه بعد القسمة إلا بالقيمة احتجاجا بما روي
nindex.php?page=hadith&LINKID=925066أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قيل له يوم فتح [ ص: 217 ] مكة : ألا تنزل دارك ؟ فقال : وهل ترك لنا عقيل من ربع فلولا زوال ملكه عنها بغلبة
عقيل عليها لاستبقاها على ملكه ونزلها .
وروى
أبو يوسف في سير
الأوزاعي ، عن
الحسن بن عمارة ، عن
الحكم بن عتيبة ، عن
مقسم ، عن
ابن عباس ،
عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عبد وبعير أحرزهما العدو ثم ظفر بهما فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لصاحبتهما : إن أصبتهما قبل القسمة ، فهما لك بغير شيء ، وإن وجدتهما قبل القسمة فهما لك بالقيمة .
قالوا : وهذا نص ولأن كل سبب ملك به المسلمون على المشركين ، جاز أن يملك به المشركون على المسلمين كالبيوع ، ولأن كل مال أخذ قهرا على وجه التدين ، ملكه أخذه كالمسلم من المشرك ، ودليلنا قول الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=27وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضا لم تطئوها [ الأحزاب : 27 ] . فامتن علينا بأن جعل أموالهم لنا ولو جعل أموالنا لهم لساويناهم وبطل فيه الامتنان .
وروى
أبو قلابة ، عن
أبي المهلب ، عن
عمران بن الحصين nindex.php?page=hadith&LINKID=925068أن المشركين غاروا على سرح المدينة ، وأخذوا العضباء ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وامرأة من الأنصار ، فانفلتت ذات ليلة من الوثاق ، فركبت ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونجت من طلبهم حتى قدمتالمدينة ، وكانت قد نذرت إن نجاها الله عليها أن تنحرها ، فأخبر بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : بئس ما جازتها ، nindex.php?page=treesubj&link=4181لا نذر في معصية ، ولا فيما لا يملك ابن آدم ، وأخذ ناقته منها ، فلو ملكها المشركون بالغارة لملكتها الأنصارية بالأخذ ، ولما استجاز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استرجاعها ، ويدل عليه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923215لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه ، فلما لم يحل بهذا الخبر ماله لمسلم ، كان أولى أن لا يحل ماله لمشرك ، ويتحرر من استدلال هذا الخبر قياسان :
أحدهما : إنما منع الإسلام من غصبه ما لم يملك بغصبه كالمسلم مع المسلم .
والثاني : أنه تغلب لا يملك به المسلم على المسلم ، فلم يملك به المشرك على المسلم كالسبي ، ولأن ما لم يملك على المسلم قبل القسمة لم يملك عليه بعد القسمة كالمدبر ، والمكاتب ، وأم الولد .
فأما الجواب عن قوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924906وهل ترك لنا عقيل من ربع ؟ ، فرسول الله - صلى الله عليه وسلم - نشأ في دار
أبي طالب حين كفله بعد موت
عبد المطلب ، فورثها
عقيل دون
علي لكفر
عقيل وإسلام
علي ، وعندنا
nindex.php?page=treesubj&link=13667لا يرث المسلم الكافر ، ولا الكافر المسلم فباعها
عقيل بميراثه لا بغصبه وحكى
ابن شهاب الزهري قال : أخبرنا
علي بن الحسين أن
أبا طالب ورثه ابناه
عقيل وطالب دون
علي ، فلذلك تركنا حقنا من الشعب .
[ ص: 218 ] وأما الجواب عن حديث
ابن عباس فهو أن راويه
الحسن بن عمارة وهو ضعيف كثير الوهم والغلط ، ثم لو صح لكان بدليلنا أشبه : لأنه جعله له قبل القسمة ولو زال ملكه عنه لما استحقه قبل القسمة ، وإن كان له أخذه بعد القسمة بالقيمة .
فإن قيل : فقد أوجب القيمة بعد القسمة ، وأنتم لا توجبوها بعد القسمة ؟ قيل : نحن نوجبها بعد القسمة إذا تعذر نقض القسمة ، لكن من بيت المال من سهم المصالح لا على المال فصار الخبر دليلنا .
وأما الجواب عن قياسهم على البيوع ، فهو جواز أن يملك بها المسلم على المسلم .
وأما الجواب عن قياسهم على قهر المسلم المشرك فهو أنه قهر مباح ، وذلك محظور مع انتقاضه بالمدبر والمكاتب وأم الولد وبالسبي .
[ ص: 216 ] بَابُ مَا أَحْرَزَهُ الْمُشْرِكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ
قَالَ
الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - : " لَا يَمْلِكُ الْمُشْرِكُونَ مَا أَحْرَزُوهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِحَالٍ أَبَاحَ اللَّهُ لِأَهْلِ دِينِهِ مِلْكَ أَحْرَارِهِمْ وَنِسَائِهِمْ وَذَرَارِيهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ ، فَلَا يُسَاوُونَ الْمُسْلِمِينَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ أَبَدًا : قَدْ أَحْرَزُوا نَاقَةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَحْرَزَتْهَا مِنْهُمُ الْأَنْصَارِيَّةُ ، فَلَمْ يَجْعَلْ لَهَا النَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - شَيْئًا ، وَجَعَلَهَا عَلَى أَصْلِ مِلْكِهِ فِيهَا ، وَأَبَقَ
لِابْنِ عُمَرَ عَبْدٌ وَعَارَ لَهُ فَرَسٌ فَأَحْرَزَهُمَا الْمُشْرِكُونَ ، ثُمَّ أَحْرَزَهُمَا عَلَيْهِمُ الْمُسْلِمُونَ فَرُدَّا عَلَيْهِ ، وَقَالَ
أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : مَالِكُهُ أَحَقُّ بِهِ قَبْلَ الْقَسْمِ وَبَعْدَهُ ، وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا خَالَفَ فِي أَنَّ الْمُشْرِكِينَ إِذَا أَحْرَزُوا عَبْدًا لِمُسْلِمٍ فَأَدْرَكَهُ وَقَدْ أَوْجَفَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْقَسْمِ أَنَّهُ لِمَالِكِهِ بِلَا قِيمَةٍ ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا بَعْدَمَا وَقَعَ فِي الْمَقَاسِمِ : فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلٌ بِقَوْلِنَا ، وَعَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُعَوِّضَ مَنْ صَارَ فِي سَهْمِهِ مِنْ خُمُسِ الْخُمْسِ ، وَهُوَ سَهْمُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَذَا يُوَافِقُ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَالْإِجْمَاعَ ، وَقَالَ غَيْرُنَا : هُوَ أَحَقُّ بِهِ بِالْقِيمَةِ - إِنْ شَاءَ - وَلَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ مَالَ مُسْلِمٍ فَلَا يُغْنَمُ ، أَوْ مَالَ مُشْرِكٍ فَيُغْنَمُ ، فَلَا يَكُونُ لِرَبِّهِ فِيهِ حَقٌّ ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَ الْحُرَّ ، وَلَا الْمُكَاتَبَ ، وَلَا أُمَّ الْوَلَدِ ، وَلَا الْمُدْبِرَ ، وَيَمْلِكُونَ مَا سِوَاهُمْ فَإِنَّمَا يَتَحَكَّمُ " .
قَالَ
الْمَاوَرْدِيُّ : إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=24007أَحْرَزَ الْمُشْرِكُونَ أَمْوَالَ الْمُسْلِمِينَ بِغَارَةٍ ، أَوْ سَرِقَةٍ لَمْ يَمْلِكُوهُ ، سَوَاءٌ أَدْخَلُوهُ دَارَ الْحَرْبِ أَوْ لَمْ يُدْخِلُوهُ ، فَإِنْ بَاعُوهُ عَلَى مُسْلِمٍ كَانَ صَاحِبُهُ أَحَقَّ بِهِ مِنْ مُشْتَرِيهِ بِغَيْرِ ثَمَنٍ ، وَإِنْ غَنِمَهَا الْمُسْلِمُونَ اسْتَرْجَعَهُ صَاحِبُهُ بِغَيْرِ بَدَلٍ ، وَسَوَاءٌ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَبَعْدَهَا ، وَعَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُعَوِّضَ مَنْ حَصَلَ ذَلِكَ فِي سَهْمِهِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ قِيمَتَهُ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ لِمَا فِي نَقْصِ الْقِسْمَةِ مِنْ لُحُوقِ الْمَشَقَّةِ ، فَإِنْ لَمْ تُلْحَقْ مِنْهُ مَشَقَّةٌ نَقَصَهَا وَلَمْ يُعَوِّضْ .
وَقَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ : قَدْ مَلَكَ الْمُشْرِكُونَ مَا أَغَارَ عَلَيْهِمْ جَمَاعَتُهُمْ دُونَ آحَادِهِمْ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ ، إِذَا أَدْخَلُوهُ دَارَ الْحَرْبِ ، فَإِنْ بَاعُوهُ صَحَّ بَيْعُهُ ، وَكَانَ لِمَالِكِهِ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ مُشْتَرِيهِ بِثَمَنِهِ ، وَإِنْ غَنِمَهُ الْمُسْلِمُونَ مِنْهُمُ اسْتَرْجَعَهُ صَاحِبُهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ ، بِغَيْرِ عِوَضٍ وَلَمْ يَسْتَرْجِعْهُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ إِلَّا بِالْقِيمَةِ احْتِجَاجًا بِمَا رُوِيَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=925066أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قِيلَ لَهُ يَوْمَ فَتْحِ [ ص: 217 ] مَكَّةَ : أَلَا تَنْزِلُ دَارَكَ ؟ فَقَالَ : وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مِنْ رَبْعٍ فَلَوْلَا زَوَالُ مُلْكِهِ عَنْهَا بِغَلَبَةِ
عَقِيلٍ عَلَيْهَا لَاسْتَبْقَاهَا عَلَى مِلْكِهِ وَنَزَلَهَا .
وَرَوَى
أَبُو يُوسُفَ فِي سِيَرِ
الْأَوْزَاعِيِّ ، عَنِ
الْحَسَنِ بْنِ عِمَارَةَ ، عَنِ
الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ ، عَنْ
مِقْسَمٍ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ،
عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي عَبْدٍ وَبَعِيرٍ أَحْرَزَهُمَا الْعَدُوُّ ثُمَّ ظَفِرَ بِهِمَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِصَاحِبَتِهِمَا : إِنْ أَصَبْتِهِمَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ ، فَهُمَا لَكِ بِغَيْرِ شَيْءٍ ، وَإِنْ وَجَدْتِهِمَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَهُمَا لَكِ بِالْقِيمَةِ .
قَالُوا : وَهَذَا نَصٌّ وَلِأَنَّ كُلَّ سَبَبٍ مَلَكَ بِهِ الْمُسْلِمُونَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ، جَازَ أَنْ يَمْلِكَ بِهِ الْمُشْرِكُونَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ كَالْبُيُوعِ ، وَلِأَنَّ كُلَّ مَالٍ أُخِذَ قَهْرًا عَلَى وَجْهِ التَّدَيُّنِ ، مِلْكُهُ أَخْذُهُ كَالْمُسْلِمِ مِنَ الْمُشْرِكِ ، وَدَلِيلُنَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=27وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا [ الْأَحْزَابِ : 27 ] . فَامْتَنَّ عَلَيْنَا بِأَنْ جَعَلَ أَمْوَالَهُمْ لَنَا وَلَوْ جَعَلَ أَمْوَالَنَا لَهُمْ لَسَاوَيْنَاهُمْ وَبَطَلَ فِيهِ الِامْتِنَانُ .
وَرَوَى
أَبُو قِلَابَةَ ، عَنْ
أَبِي الْمُهَلَّبِ ، عَنْ
عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ nindex.php?page=hadith&LINKID=925068أَنَّ الْمُشْرِكِينَ غَارُوا عَلَى سَرْحِ الْمَدِينَةِ ، وَأَخَذُوا الْعَضْبَاءَ نَاقَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَامْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ ، فَانْفَلَتَتْ ذَاتَ لَيْلَةٍ مِنَ الْوَثَاقِ ، فَرَكِبَتْ نَاقَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَجَتْ مِنْ طَلَبِهِمْ حَتَّى قَدِمَتِالْمَدِينَةَ ، وَكَانَتْ قَدْ نَذَرَتْ إِنْ نَجَّاهَا اللَّهُ عَلَيْهَا أَنْ تَنْحَرَهَا ، فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ : بِئْسَ مَا جَازَتْهَا ، nindex.php?page=treesubj&link=4181لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ ، وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ ، وَأَخَذَ نَاقَتَهُ مِنْهَا ، فَلْوَ مَلَكَهَا الْمُشْرِكُونَ بِالْغَارَةِ لِمَلَكَتْهَا الْأَنْصَارِيَّةُ بِالْأَخْذِ ، وَلَمَا اسْتَجَازَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتِرْجَاعَهَا ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923215لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِطِيبٍ نَفْسٍ مِنْهُ ، فَلَمَّا لَمْ يَحِلَّ بِهَذَا الْخَبَرِ مَالُهُ لِمُسْلِمٍ ، كَانَ أَوْلَى أَنْ لَا يَحِلَّ مَالُهُ لِمُشْرِكٍ ، وَيَتَحَرَّرُ مِنَ اسْتِدْلَالِ هَذَا الْخَبَرِ قِيَاسَانِ :
أَحَدُهُمَا : إِنَّمَا مَنَعَ الْإِسْلَامُ مِنْ غَصْبِهِ مَا لَمْ يُمَلَّكْ بِغَصْبِهِ كَالْمُسْلِمِ مَعَ الْمُسْلِمِ .
وَالثَّانِي : أَنَّهُ تَغَلُّبٌ لَا يُمَلَّكُ بِهِ الْمُسْلِمُ عَلَى الْمُسْلِمِ ، فَلَمْ يُمَلَّكْ بِهِ الْمُشْرِكُ عَلَى الْمُسْلِمِ كَالسَّبْيِ ، وَلِأَنَّ مَا لَمْ يُمَلَّكْ عَلَى الْمُسْلِمِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ لَمْ يُمَلَّكْ عَلَيْهِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ كَالْمُدَبَّرِ ، وَالْمُكَاتَبِ ، وَأُمِّ الْوَلَدِ .
فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924906وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مِنْ رَبْعٍ ؟ ، فَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَشَأَ فِي دَارِ
أَبِي طَالِبٍ حِينَ كَفَلَهُ بَعْدَ مَوْتِ
عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، فَوَرِثَهَا
عَقِيلٌ دُونَ
عَلِيٍّ لِكُفْرِ
عَقِيلٍ وَإِسْلَامِ
عَلِيٍّ ، وَعِنْدَنَا
nindex.php?page=treesubj&link=13667لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ ، وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ فَبَاعَهَا
عَقِيلٌ بِمِيرَاثِهِ لَا بِغَصْبِهِ وَحَكَى
ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ قَالَ : أَخْبَرَنَا
عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ أَنَّ
أَبَا طَالِبٍ وَرِثَهُ ابْنَاهُ
عَقِيلٌ وَطَالِبٌ دُونَ
عَلِيٍّ ، فَلِذَلِكَ تَرَكْنَا حَقَّنَا مِنَ الشَّعْبِ .
[ ص: 218 ] وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ فَهُوَ أَنَّ رَاوِيَهُ
الْحَسَنُ بْنُ عِمَارَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ كَثِيرُ الْوَهْمِ وَالْغَلَطِ ، ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَكَانَ بِدَلِيلِنَا أَشْبَهَ : لِأَنَّهُ جَعَلَهُ لَهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَلَوْ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ لَمَا اسْتَحَقَّهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ ، وَإِنْ كَانَ لَهُ أَخَذَهُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ بِالْقِيمَةِ .
فَإِنْ قِيلَ : فَقَدْ أَوْجَبَ الْقِيمَةَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ ، وَأَنْتُمْ لَا تُوجِبُوهَا بَعْدَ الْقِسْمَةِ ؟ قِيلَ : نَحْنُ نُوجِبُهَا بَعْدَ الْقِسْمَةِ إِذَا تَعَذَّرَ نَقْضُ الْقِسْمَةِ ، لَكِنْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ لَا عَلَى الْمَالِ فَصَارَ الْخَبَرُ دَلِيلَنَا .
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قِيَاسِهِمْ عَلَى الْبُيُوعِ ، فَهُوَ جَوَازُ أَنْ يُمَلَّكَ بِهَا الْمُسْلِمُ عَلَى الْمُسْلِمِ .
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قِيَاسِهِمْ عَلَى قَهْرِ الْمُسْلِمِ الْمُشْرِكَ فَهُوَ أَنَّهُ قَهْرٌ مُبَاحٌ ، وَذَلِكَ مَحْظُورٌ مَعَ انْتِقَاضِهِ بِالْمُدَبَّرِ وَالْمُكَاتَبِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَبِالسَّبْيِ .