مسألة : قال
الشافعي : " ويشترط عليهم أن
nindex.php?page=treesubj&link=8635_8636_8639_8641_8642_8643_8644من ذكر كتاب الله تعالى أو محمدا - صلى الله عليه وسلم - أو دين الله بما لا ينبغي ، أو زنى بمسلمة ، أو أصابها باسم نكاح ، أو فتن مسلما عن دينه ، أو قطع عليه الطريق ، أو أعان أهل الحرب بدلالة على المسلمين ، أو آوى عينا لهم : فقد نقض عهده ، وأحل دمه ، وبرئت منه ذمة الله تعالى وذمة رسوله عليه الصلاة والسلام ، ويشترط عليهم أن لا يسمعوا المسلمين شركهم وقولهم في
عزير والمسيح ، ولا يسمعونهم ضرب ناقوس ، وإن فعلوا عزروا ولا يبلغ بهم الحد " .
قال
الماوردي : وجملته أن
nindex.php?page=treesubj&link=8761_8763المقصود بعقد الجزية تقوية الإسلام ، وإعزازه ، وإضعاف الكفر وإذلاله : ليكون الإسلام أعلى والكفر أخفض ، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - :
الإسلام يعلو ولا يعلى ، فكل ما دعا إلى هذا كان الإمام مأمورا باشتراطه عليهم ، وما يؤخذون به من ذلك في عقد جزيتهم ينقسم خمسة أقسام :
أحدها : ما وجب بالعقد دون الشرط .
والثاني : ما وجب بالشرط ، واختلف في وجوبه بالعقد .
والثالث : ما لم يجب بالعقد ، ووجب بالشرط .
والرابع : ما لم يجب بالعقد ، واختلف في وجوبه بالشرط .
[ ص: 317 ] والخامس : ما لم يجب بعقد ولا شرط .
فأما القسم الأول : وهو ما وجب بالعقد ، وكان الشرط فيه مؤكدا لا موجبا فثلاثة أشياء :
أحدها : التزام الجزية ، لقول الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون [ التوبة : 29 ] . أي يضمنوها .
والثاني : التزام أحكامها بالإسلام فيما أجابوه من المسلمين ، لقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29وهم صاغرون والصغار : أن تجري أحكام الإسلام عليهم .
والثالث : أن لا يجتمعوا على قتال المسلمين ، ليكونوا آمنين منهم كما أمنوهم نقضا لعهدهم ، فلو قاتل المسلمين بعضهم ، وقعد عنهم بعضهم انتقض عقد المقاتل ، ونظر في القاعد ، فإن ظهر منه الرضا كان نقضا لعهده ، وإن لم يظهر منه الرضا كان على عهده ، ولو
nindex.php?page=treesubj&link=8633امتنعوا جميعا من بذل الجزية كان نقضا لعهدهم سواء امتنعوا جميعا من التزامها أو من أدائها ، وإن امتنع واحد منهم من بذلها نظر ، فإن امتنع من التزامها كان نقضا لعهده كالجماعة ، وإن امتنع من أدائها مع بقائه على التزامها لم يكن نقضا لعهده ، وأخذت منه بخلاف الجماعة : لأن إجبار الجماعة عليها متعذر ، وإجبار الواحد عليها ممكن .
وقال
أبو حنيفة : لا ينتقض عهدهم إذا امتنعوا من أدائها ، وينتقض إذا امتنعوا من بذلها كالآحاد ، وفيما ذكرنا من الفرق .
مَسْأَلَةٌ : قَالَ
الشَافِعِيُّ : " وَيَشْتَرِطُ عَلَيْهِمْ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=8635_8636_8639_8641_8642_8643_8644مَنْ ذَكَرَ كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ دِينَ اللَّهِ بِمَا لَا يَنْبَغِي ، أَوْ زَنَى بِمُسْلِمَةٍ ، أَوْ أَصَابَهَا بِاسْمِ نِكَاحٍ ، أَوْ فَتَنَ مُسْلِمًا عَنْ دِينِهِ ، أَوْ قَطَعَ عَلَيْهِ الطَّرِيقَ ، أَوْ أَعَانَ أَهْلَ الْحَرْبِ بِدَلَالَةٍ عَلَى الْمُسْلِمِينَ ، أَوْ آوَى عَيْنًا لَهُمْ : فَقَدْ نَقَضَ عَهْدَهُ ، وَأُحِلَّ دَمُهُ ، وَبَرِئَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ اللَّهِ تَعَالَى وَذِمَّةُ رَسُولِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، وَيَشْتَرِطُ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يُسْمِعُوا الْمُسْلِمِينَ شِرْكَهُمْ وَقَوْلَهُمْ فِي
عُزَيْرٍ وَالْمَسِيحِ ، وَلَا يُسْمِعُونَهُمْ ضَرْبَ نَاقُوسٍ ، وَإِنْ فَعَلُوا عُزِّرُوا وَلَا يُبْلَغُ بِهِمُ الْحَدُّ " .
قَالَ
الْمَاوَرْدِيُّ : وَجُمْلَتُهُ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=8761_8763الْمَقْصُودَ بِعَقْدِ الْجِزْيَةِ تَقْوِيَةُ الْإِسْلَامِ ، وَإِعْزَازُهُ ، وَإِضْعَافُ الْكُفْرِ وَإِذْلَالُهُ : لِيَكُونَ الْإِسْلَامُ أَعْلَى وَالْكُفْرُ أَخْفَضَ ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
الْإِسْلَامُ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى ، فَكُلُّ مَا دَعَا إِلَى هَذَا كَانَ الْإِمَامُ مَأْمُورًا بِاشْتِرَاطِهِ عَلَيْهِمْ ، وَمَا يُؤْخَذُونَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ فِي عَقْدِ جِزْيَتِهِمْ يَنْقَسِمُ خَمْسَةَ أَقْسَامٍ :
أَحَدُهَا : مَا وَجَبَ بِالْعَقْدِ دُونَ الشَّرْطِ .
وَالثَّانِي : مَا وَجَبَ بِالشَّرْطِ ، وَاخْتُلِفَ فِي وُجُوبِهِ بِالْعَقْدِ .
وَالثَّالِثُ : مَا لَمْ يَجِبْ بِالْعَقْدِ ، وَوَجَبَ بِالشَّرْطِ .
وَالرَّابِعُ : مَا لَمْ يَجِبْ بِالْعَقْدِ ، وَاخْتُلِفَ فِي وُجُوبِهِ بِالشَّرْطِ .
[ ص: 317 ] وَالْخَامِسُ : مَا لَمْ يَجِبْ بِعَقْدٍ وَلَا شَرْطٍ .
فَأَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ : وَهُوَ مَا وَجَبَ بِالْعَقْدِ ، وَكَانَ الشَّرْطُ فِيهِ مُؤَكَّدًا لَا مُوجَبًا فَثَلَاثَةُ أَشْيَاءٍ :
أَحَدُهَا : الْتِزَامُ الْجِزْيَةِ ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ [ التَّوْبَةِ : 29 ] . أَيْ يَضْمَنُوهَا .
وَالثَّانِي : الْتِزَامُ أَحْكَامِهَا بِالْإِسْلَامِ فِيمَا أَجَابُوهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29وَهُمْ صَاغِرُونَ وَالصَّغَارُ : أَنْ تَجْرِيَ أَحْكَامُ الْإِسْلَامِ عَلَيْهِمْ .
وَالثَّالِثُ : أَنْ لَا يَجْتَمِعُوا عَلَى قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ ، لِيَكُونُوا آمِنِينَ مِنْهُمْ كَمَا أَمِنُوهُمْ نَقْضًا لِعَهْدِهِمْ ، فَلَوْ قَاتَلَ الْمُسْلِمِينَ بَعْضُهُمْ ، وَقَعَدَ عَنْهُمْ بَعْضُهُمُ انْتَقَضَ عَقْدُ الْمُقَاتِلِ ، وَنُظِرَ فِي الْقَاعِدِ ، فَإِنْ ظَهَرَ مِنْهُ الرِّضَا كَانَ نَقْضًا لِعَهْدِهِ ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ الرِّضَا كَانَ عَلَى عَهْدِهِ ، وَلَوِ
nindex.php?page=treesubj&link=8633امْتَنَعُوا جَمِيعًا مِنْ بَذْلِ الْجِزْيَةِ كَانَ نَقْضًا لِعَهْدِهِمْ سَوَاءٌ امْتَنَعُوا جَمِيعًا مِنِ الْتِزَامِهَا أَوْ مِنْ أَدَائِهَا ، وَإِنِ امْتَنَعَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ مِنْ بَذْلِهَا نُظِرَ ، فَإِنِ امْتَنَعَ مِنِ الْتِزَامِهَا كَانَ نَقْضًا لِعَهْدِهِ كَالْجَمَاعَةِ ، وَإِنِ امْتَنَعَ مِنْ أَدَائِهَا مَعَ بَقَائِهِ عَلَى الْتِزَامِهَا لَمْ يَكُنْ نَقْضًا لِعَهْدِهِ ، وَأُخِذَتْ مِنْهُ بِخِلَافِ الْجَمَاعَةِ : لِأَنَّ إِجْبَارَ الْجَمَاعَةِ عَلَيْهَا مُتَعَذِّرٌ ، وَإِجْبَارَ الْوَاحِدِ عَلَيْهَا مُمْكِنٌ .
وَقَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ : لَا يَنْتَقِضُ عَهْدُهُمْ إِذَا امْتَنَعُوا مِنْ أَدَائِهَا ، وَيَنْتَقِضُ إِذَا امْتَنَعُوا مِنْ بَذْلِهَا كَالْآحَادِ ، وَفِيمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْفَرْقِ .