مسألة : قال
الشافعي : " وليس للإمام أن يصالح أحدا منهم على أن يسكن
الحجاز بحال ، ولا يبين أن يحرم أن يمر ذمي
بالحجاز مارا لا يقيم بها أكثر من ثلاث ليال وذلك مقام مسافر ، لاحتمال أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بإجلائهم عنها أن لا يسكنوها ولا بأس أن يدخلها الرسل لقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=6وإن أحد من المشركين استجارك الآية ولولا أن
عمر - رضي الله عنه - أجل من قدم
المدينة منهم تاجرا ثلاثة أيام لا يقيم فيها بعد ثلاث لرأيت أن لا يصالحوا على أن لا يدخلوها ولا يتركوا يدخلونها إلا بصلح كما كان
عمر - رضي الله عنه - يأخذ من أموالهم إذا دخلوا
المدينة " .
قال
الماوردي : اعلم أن بلاد الإسلام ثلاثة أقسام :
حرم ،
وحجاز ، وما عداهما .
فأما
nindex.php?page=treesubj&link=25510_8656الحرم ، فهو أشرفها ، لما خصه الله تعالى من بيته الحرام الذي علق عليه الصلاة والحج ، وشرفه بهاتين العبادتين ما ميزه من سائر البلاد بحكمين :
أحدهما :
nindex.php?page=treesubj&link=25506أن لا يدخله قادم إلا محرم بحج أو عمرة .
والثاني :
nindex.php?page=treesubj&link=25508تحريم صيده أن يصاد ، وشجره أن يعضد .
ولما كانت له هذه الحرمة ، فلا يجوز أن يدخله مشرك من كتابي ، ولا وثني لمقام ، ولا اجتياز .
وقال
أبو حنيفة : يجوز دخولهم إليه للتجارة وحمل الميرة من غير استيطان ، ويمنعون من الطواف
بالبيت ، احتجاجا بأن شرف البقاع لا يمنع من دخولهم إليها كالمساجد ، ولما لم تمنع الجنابة من دخوله لم يمنع منه المشرك .
وقال
جابر بن عبد الله ،
وقتادة : يجوز أن يقيم فيه الذمي دون الوثني ، والعبد المشرك إذا كان ملكا لمسلم :
لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذ الجزية من نصراني بمكة يقال له موهب ، ولا تؤخذ الجزية إلا من مستوطن ، وهذا خطأ ، لقول الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=28إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا [ التوبة : 28 ] . وفي قوله : نجس ثلاثة تأويلات :
أحدها : أنهم أنجاس الأبدان ، كنجاسة الكلب والخنزير ، وهذا قول
عمر بن عبد العزيز والحسن البصري ، حتى أوجب
الحسن البصري الوضوء على من ضاجعهم .
والثاني : أنه سماهم أنجاسا لأنهم يجنبون ، فلا يغتسلون ، فصاروا لوجوب الغسل عليهم كالأنجاس ، وإن لم يكونوا أنجاسا ، وهذا قول
قتادة .
[ ص: 335 ] والثالث : أنه لما كان علينا أن نجتنبهم كالأنجاس صاروا بالاجتناب في حكم الأنجاس ، وهذا قول جمهور أهل العلم .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=28فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا [ التوبة : 28 ] . يريد به الحرم ، فعبر عنه بالمسجد ، لحلوله فيه ، كما قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=1سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام [ الإسراء : 1 ] . يريد به
مكة : لأنه أسري به من منزل
أم هانئ ، وهكذا كل موضع ذكر الله تعالى ، فقال الله
المسجد الحرام ، فإنما أراد به
الحرم إلا في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=144فول وجهك شطر المسجد الحرام [ البقرة : 144 ] . يريد به
الكعبة .
وإذا كان كذلك ، وقد منع أن يقربه مشرك ، وجب أن يكون المنع محمولا على عمومه في الدخول والاستيطان .
وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=126وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا [ البقرة : 126 ] . يعني
مكة ، وحرمها ،
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=126وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر قال ومن كفر فأمتعه قليلا [ البقرة : 126 ] . يعني
بمكة ، وهو قبل فتحها ، فدل على تحريمها على الكافر بعد فتحها .
وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=925130ألا لا يحجن بعد هذا العام مشرك ، وهذا محمول على القصد ، فكان على عمومه ، ولأنه لما اختص
الحرم بما شرفه الله تعالى فيه على سائر البقاع تعظيما لحرمته ، كان أولى أن يصان ممن عانده ، وطاعنه ، ولأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما ذكر فضائل الأعمال في البقاع ، فضله على غيره ، فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=925131صلاة في مسجدي بألف صلاة ، وصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة في مسجدي هذا ، وهذا التفضيل يوجب فضل العبادة .
فأما الجواب عن أخذ الجزية من
موهب النصراني بمكة ، فهو أنه قبل نزول هذه الآية : لأنها نزلت سنة تسع .
وأما الجواب عن دخول المساجد ، فهو أن حرمة
الحرم أعظم ، لتقدم تحريمه ، ولوجوب الإحرام في دخوله ، وللمنع من قتل صيده .
وأما الجواب عن المسلم الجنب ، فهو أنه لما لم يمنع الجنب والحائض من الاستيطان لم يمنع من الدخول ، والمشرك ممنوع من الاستيطان ، فمنع من الدخول .
فإذا تقرر أنه لا يجوز أن يدخل
الحرم مشرك ، وورد المشرك رسولا إلى الإمام ، وهو في
الحرم ، خرج الإمام إليه ، ولم يأذن له في الدخول ، فلو
nindex.php?page=treesubj&link=8718_8656دخل مشرك إلى الحرم لم يقتل ، وعزر إن علم بالتحريم ، ولم يعزر إن جهل ، وأخرج ، فإن
nindex.php?page=treesubj&link=25513مات في الحرم لم يدفن فيه ، فلو دفن فيه نبش ، ونقل إلى الحل إلا أن يكون قد بلي ، فيترك كسائر الأموات في الجاهلية .
[ ص: 336 ] ولو
nindex.php?page=treesubj&link=8718أراد مشرك أن يدخل الحرم ، ليسلم به منع من دخوله ، حتى يسلم ، ثم يدخله بعد إسلامه ، فلو صالح الإمام مشركا على دخول
الحرم بمال بذله كان الصلح باطلا ، ويمنع المشرك من الدخول ، فإن دخل إليه أخرج منه ، ولزمه المال الذي بذله مع فساد الصلح ، لحصول ما أراد من الدخول ، واستحق عليه ما سماه دون أجرة المثل ، وإن فسد : لأنه لا أجرة لمثله لتحريمه .
nindex.php?page=treesubj&link=24108وحد الحرم من طريق
المدينة دون
التنعيم عند بيوت نفار على ثلاثة أميال .
ومن طريق
العراق على
ثنية خل بالمقطع على سبعة أميال .
ومن طريق
الجعرانة من شعب
آل عبد الله بن خالد على تسعة أميال .
ومن طريق
الطائف على
عرفة من بطن
نمرة على سبعة أميال .
ومن طريق
جدة منقطع الأعشاش على عشرة أميال .
مَسْأَلَةٌ : قَالَ
الشَّافِعِيُّ : " وَلَيْسَ لِلْإِمَامُ أَنْ يُصَالِحَ أَحَدًا مِنْهُمْ عَلَى أَنْ يَسْكُنَ
الْحِجَازَ بِحَالٍ ، وَلَا يَبِينُ أَنْ يَحْرُمَ أَنْ يَمُرَّ ذِمِّيٌّ
بِالْحِجَازِ مَارًّا لَا يُقِيمُ بِهَا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ لَيَالٍ وَذَلِكَ مَقَامُ مُسَافِرٍ ، لِاحْتِمَالِ أَمْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِإِجْلَائِهِمْ عَنْهَا أَنْ لَا يَسْكُنُوهَا وَلَا بَأْسَ أَنْ يَدْخُلَهَا الرُّسُلُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=6وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ الْآيَةَ وَلَوْلَا أَنَّ
عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَجَّلَ مَنْ قَدِمَ
الْمَدِينَةَ مِنْهُمْ تَاجِرًا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَا يُقِيمُ فِيهَا بَعْدَ ثَلَاثٍ لَرَأَيْتُ أَنْ لَا يُصَالَحُوا عَلَى أَنْ لَا يَدْخُلُوهَا وَلَا يُتْرَكُوا يَدْخُلُونَهَا إِلَّا بِصُلْحٍ كَمَا كَانَ
عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَأْخُذُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ إِذَا دَخَلُوا
الْمَدِينَةَ " .
قَالَ
الْمَاوَرْدِيُّ : اعْلَمْ أَنَّ بِلَادَ الْإِسْلَامِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ :
حَرَمٌ ،
وَحِجَازٌ ، وَمَا عَدَاهُمَا .
فَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=25510_8656الْحَرَمُ ، فَهُوَ أَشْرَفُهَا ، لِمَا خَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ بَيْتِهِ الْحَرَامِ الَّذِي عَلَّقَ عَلَيْهِ الصَّلَاةَ وَالْحَجَّ ، وَشَرَّفَهُ بِهَاتَيْنِ الْعِبَادَتَيْنِ مَا مَيَّزَهُ مِنْ سَائِرِ الْبِلَادِ بِحُكْمَيْنِ :
أَحَدُهُمَا :
nindex.php?page=treesubj&link=25506أَنْ لَا يَدْخُلَهُ قَادِمٌ إِلَّا مُحْرِمٌ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ .
وَالثَّانِي :
nindex.php?page=treesubj&link=25508تَحْرِيمُ صَيْدِهِ أَنْ يُصَادَ ، وَشَجَرِهِ أَنْ يُعْضَدَ .
وَلَمَّا كَانَتْ لَهُ هَذِهِ الْحُرْمَةُ ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَدْخُلَهُ مُشْرِكٌ مِنْ كِتَابِيٍّ ، وَلَا وَثَنِيٍّ لِمَقَامٍ ، وَلَا اجْتِيَازٍ .
وَقَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ : يَجُوزُ دُخُولُهُمْ إِلَيْهِ لِلتِّجَارَةِ وَحَمْلِ الْمِيرَةِ مِنْ غَيْرِ اسْتِيطَانٍ ، وَيُمْنَعُونَ مِنَ الطَّوَافِ
بِالْبَيْتِ ، احْتِجَاجًا بِأَنَّ شَرَفَ الْبِقَاعِ لَا يَمْنَعُ مِنْ دُخُولِهِمْ إِلَيْهَا كَالْمَسَاجِدِ ، وَلَمَّا لَمْ تَمْنَعِ الْجَنَابَةُ مِنْ دُخُولِهِ لَمْ يُمْنَعْ مِنْهُ الْمُشْرِكُ .
وَقَالَ
جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ،
وَقَتَادَةُ : يَجُوزُ أَنْ يُقِيمَ فِيهِ الذِّمِّيُ دُونَ الْوَثَنِيِّ ، وَالْعَبْدُ الْمُشْرِكُ إِذَا كَانَ مِلْكًا لِمُسْلِمٍ :
لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنْ نَصْرَانِيٍّ بِمَكَّةَ يُقَالُ لَهُ مَوْهَبٌ ، وَلَا تُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ إِلَّا مِنْ مُسْتَوْطِنٍ ، وَهَذَا خَطَأٌ ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=28إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا [ التَّوْبَةِ : 28 ] . وَفِي قَوْلِهِ : نَجَسٌ ثَلَاثَةُ تَأْوِيلَاتٍ :
أَحَدُهَا : أَنَّهُمْ أَنْجَاسُ الْأَبْدَانِ ، كَنَجَاسَةِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ ، وَهَذَا قَوْلُ
عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ ، حَتَّى أَوْجَبَ
الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ الْوُضُوءَ عَلَى مَنْ ضَاجَعَهُمْ .
وَالثَّانِي : أَنَّهُ سَمَّاهُمْ أَنْجَاسًا لِأَنَّهُمْ يَجْنُبُونَ ، فَلَا يَغْتَسِلُونَ ، فَصَارُوا لِوُجُوبِ الْغُسْلِ عَلَيْهِمْ كَالْأَنْجَاسِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا أَنْجَاسًا ، وَهَذَا قَوْلُ
قَتَادَةَ .
[ ص: 335 ] وَالثَّالِثُ : أَنَّهُ لَمَّا كَانَ عَلَيْنَا أَنْ نَجْتَنِبَهُمْ كَالْأَنْجَاسِ صَارُوا بِالِاجْتِنَابِ فِي حُكْمِ الْأَنْجَاسِ ، وَهَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ أَهْلِ الْعِلْمِ .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=28فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا [ التَّوْبَةِ : 28 ] . يُرِيدُ بِهِ الْحَرَمَ ، فَعَبَّرَ عَنْهُ بِالْمَسْجِدِ ، لِحُلُولِهِ فِيهِ ، كَمَا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=1سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ [ الْإِسْرَاءِ : 1 ] . يُرِيدُ بِهِ
مَكَّةَ : لِأَنَّهُ أُسْرِيَ بِهِ مِنْ مَنْزِلِ
أُمِّ هَانِئٍ ، وَهَكَذَا كُلُّ مَوْضِعٍ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى ، فَقَالَ اللَّهُ
الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ ، فَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ
الْحَرَمَ إِلَّا فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=144فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ [ الْبَقَرَةِ : 144 ] . يُرِيدُ بِهِ
الْكَعْبَةَ .
وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ ، وَقَدْ مَنَعَ أَنْ يَقْرَبَهُ مُشْرِكٌ ، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْمَنْعُ مَحْمُولًا عَلَى عُمُومِهِ فِي الدُّخُولِ وَالِاسْتِيطَانِ .
وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=126وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا [ الْبَقَرَةِ : 126 ] . يَعْنِي
مَكَّةَ ، وَحَرَمَهَا ،
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=126وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا [ الْبَقَرَةِ : 126 ] . يَعْنِي
بِمَكَّةَ ، وَهُوَ قَبْلَ فَتْحِهَا ، فَدَلَّ عَلَى تَحْرِيمِهَا عَلَى الْكَافِرِ بَعْدَ فَتْحِهَا .
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=925130أَلَا لَا يَحُجَّنَّ بَعْدَ هَذَا الْعَامِ مُشْرِكٌ ، وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى الْقَصْدِ ، فَكَانَ عَلَى عُمُومِهِ ، وَلِأَنَّهُ لَمَّا اخْتُصَّ
الْحَرَمُ بِمَا شَرَّفَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ عَلَى سَائِرِ الْبِقَاعِ تَعْظِيمًا لِحُرْمَتِهِ ، كَانَ أَوْلَى أَنْ يُصَانَ مِمَّنْ عَانَدَهُ ، وَطَاعَنَهُ ، وَلِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا ذَكَرَ فَضَائِلَ الْأَعْمَالِ فِي الْبِقَاعِ ، فَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ ، فَقَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=925131صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي بِأَلْفِ صَلَاةٍ ، وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِمِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ فِي مَسْجِدِي هَذَا ، وَهَذَا التَّفْضِيلُ يُوجِبُ فَضْلَ الْعِبَادَةِ .
فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْ
مَوْهَبٍ النَّصْرَانِيِّ بِمَكَّةَ ، فَهُوَ أَنَّهُ قَبْلَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ : لِأَنَّهَا نَزَلَتْ سَنَةَ تِسْعٍ .
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ دُخُولِ الْمَسَاجِدِ ، فَهُوَ أَنَّ حُرْمَةَ
الْحَرَمِ أَعْظَمُ ، لِتَقَدُّمِ تَحْرِيمِهِ ، وَلِوُجُوبِ الْإِحْرَامِ فِي دُخُولِهِ ، وَلِلْمَنْعِ مِنْ قَتْلِ صَيْدِهِ .
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ الْمُسْلِمِ الْجُنُبِ ، فَهُوَ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُمْنَعِ الْجُنُبُ وَالْحَائِضُ مِنْ الِاسْتِيطَانِ لَمْ يُمْنَعْ مِنَ الدُّخُولِ ، وَالْمُشْرِكُ مَمْنُوعٌ مِنْ الِاسْتِيطَانِ ، فَمُنِعَ مِنَ الدُّخُولِ .
فَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَدْخُلَ
الْحَرَمَ مُشْرِكٌ ، وَوَرَدَ الْمُشْرِكُ رَسُولًا إِلَى الْإِمَامِ ، وَهُوَ فِي
الْحَرَمِ ، خَرَجَ الْإِمَامُ إِلَيْهِ ، وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي الدُّخُولِ ، فَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=8718_8656دَخَلَ مُشْرِكٌ إِلَى الْحَرَمِ لَمْ يُقْتَلْ ، وَعُزِّرَ إِنْ عَلِمَ بِالتَّحْرِيمِ ، وَلَمْ يُعَزَّرْ إِنْ جَهِلَ ، وَأُخْرِجَ ، فَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=25513مَاتَ فِي الْحَرَمِ لَمْ يُدْفَنْ فِيهِ ، فَلَوْ دُفِنَ فِيهِ نُبِشَ ، وَنُقِلَ إِلَى الْحِلِّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ بَلِيَ ، فَيُتْرَكَ كَسَائِرِ الْأَمْوَاتِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ .
[ ص: 336 ] وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=8718أَرَادَ مُشْرِكٌ أَنْ يَدْخُلَ الْحَرَمَ ، لِيُسْلِمَ بِهِ مُنِعَ مِنْ دُخُولِهِ ، حَتَّى يُسْلِمَ ، ثُمَّ يَدْخُلَهُ بَعْدَ إِسْلَامِهِ ، فَلَوْ صَالَحَ الْإِمَامُ مُشْرِكًا عَلَى دُخُولِ
الْحَرَمِ بِمَالٍ بَذَلَهُ كَانَ الصُّلْحُ بَاطِلًا ، وَيُمْنَعُ الْمُشْرِكُ مِنَ الدُّخُولِ ، فَإِنْ دَخَلَ إِلَيْهِ أُخْرِجَ مِنْهُ ، وَلَزِمَهُ الْمَالُ الَّذِي بَذَلَهُ مَعَ فَسَادِ الصُّلْحِ ، لِحُصُولِ مَا أَرَادَ مِنَ الدُّخُولِ ، وَاسْتَحَقَّ عَلَيْهِ مَا سَمَّاهُ دُونَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ ، وَإِنْ فَسَدَ : لِأَنَّهُ لَا أُجْرَةَ لِمِثْلِهِ لِتَحْرِيمِهِ .
nindex.php?page=treesubj&link=24108وَحَدُّ الْحَرَمِ مِنْ طَرِيقِ
الْمَدِينَةِ دُونَ
التَّنْعِيمِ عِنْدَ بُيُوتِ نِفَارٍ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ .
وَمِنْ طَرِيقِ
الْعِرَاقِ عَلَى
ثَنِيَّةِ خَلٍّ بِالْمُقَطِّعِ عَلَى سَبْعَةِ أَمْيَالٍ .
وَمِنْ طَرِيقِ
الْجِعِرَّانَةِ مِنْ شِعْبِ
آلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ عَلَى تِسْعَةِ أَمْيَالٍ .
وَمِنْ طَرِيقِ
الطَّائِفِ عَلَى
عَرَفَةَ مِنْ بَطْنِ
نَمِرَةَ عَلَى سَبْعَةِ أَمْيَالٍ .
وَمِنْ طَرِيقِ
جَدَّةَ مُنْقَطَعُ الْأَعْشَاشِ عَلَى عَشَرَةِ أَمْيَالٍ .