الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 601 ] ( أحد الورثة [ ص: 602 ] أقر بالدين ) المدعى به على مورثه وجحده الباقون ( يلزمه ) الدين ( كله ) يعني إن وفى ما ورثه به برهان وشرح مجمع ( وقيل حصته ) واختاره أبو الليث دفعا للضرر ، ولو شهد هذا المقر مع آخر أن الدين كان على الميت قبلت وبهذا علم أنه لا يحل الدين في نصيبه [ ص: 603 ] بمجرد إقراره بل بقضاء القاضي عليه بإقراره فلتحفظ هذه الزيادة درر .

التالي السابق


( قوله أحد الورثة ) وإن صدقوا جميعا لكن على التفاوت كرجل مات عن ثلاثة بنين وثلاثة آلاف فاقتسموها وأخذ كل واحد ألفا ، فادعى رجل على أبيهم ثلاثة آلاف فصدقه الأكبر في الكل والأوسط في الألفين والأصغر في الألف أخذ من الأكبر ألفا ومن الأوسط خمسة أسداس الألف ، ومن الأصغر ثلث ألف عند أبي يوسف وقال محمد في الأصغر والأكبر كذلك ، والأوسط يأخذ الألف ووجه كل في الكافي .

[ تنبيه ]

لو قال المدعى عليه عند القاضي كل ما يوجد في تذكرة المدعي بخطه فقد التزمته ليس بإقرار ، [ ص: 602 ] لأنه قيده بشرط لا يلائمه فإنه ثبت عن أصحابنا أن من قال : كل ما أقر به علي فلان فأنا مقر به فلا يكون إقرارا لأنه يشبه وعدا كذا في المحيط شرنبلالية .

في : رجل كان يستدين من زيد ويدفع له ثم تحاسبا على مبلغ دين لزيد بذمة الرجل ، وأقر الرجل بأن ذلك آخر كل قبض وحساب ، ثم بعد أيام يريد نقض ذلك وإعادة الحساب فهل ليس له ذلك ؟

الجواب : نعم لقول الدرر لا عذر لمن أقر سائحاني وفيها في شريكي تجارة حسب لهما جماعة الدفاتر فتراضيا وانفصل المجلس وقد ظنا صواب الجماعة في الحساب ، ثم تبين الخطأ في الحساب لدى جماعة أخرى ، فهل يرجع للصواب ؟ الجواب : نعم لقول الأشباه لا عبرة بالظن البين خطؤه .

في شريكي عنان تحاسبا ثم افترقا بلا إبراء أو بقيا على الشركة ثم تذكر أحدهما أنه كان أوصل لشريكه أشياء من الشركة غير ما تحاسبا عليه فأنكر الآخر ولا بينة ، فطلب المدعي يمينه على ذلك فهل له ذلك لأن اليمين على من أنكر ؟

الجواب نعم ا هـ ( قوله أقر بالدين ) سيأتي في الوصايا قبيل باب العتق في الأرض ( قوله : وقيل حصته ) عبر عنه بقيل لأن الأول ظاهر الرواية كما في فتاوى المصنف ، وسيجيء أيضا وهذا بخلاف الوصية لما في جامع الفصولين : أحد الورثة لو أقر بالوصية يؤخذ منه ما يخصه وفاقا ، وفي مجموعة منلا علي عن العمادية في الفصل التاسع والثلاثين أحد الورثة إذا أقر بالوصية يؤخذ منه ما يخصه بالاتفاق ، وإذا مات وترك ثلاثة بنين وثلاثة آلاف درهم ، فأخذ كل ابن ألفا فادعى رجل أن الميت أوصى له بثلث ماله وصدقه أحد الابنين فالقياس أن يؤخذ منه ثلاثة أخماس ما في يده ، وهو قول زفر . وفي الاستحسان يؤخذ منه ثلث ما في يده ، وهو قول علمائنا رحمهم الله . لنا أن المقر أقر بألف شائع في الكل ثلث ذلك في يده وثلثاه في يد شريكيه ، فما كان إقرارا فيما في يده يقبل ، وما كان إقرارا في يد غيره لا يقبل فوجب أن يسلم إليه أي إلى الموصى له ثلث ما في يده ا هـ ( قوله ولو شهد هذا المقر مع آخر ) وفي جامع الفصولين ح : ينبغي للقاضي أن يسأل المدعى عليه هل مات مورثك فإن قال : نعم يسأله عن دعوى المال ، فلو أقر وكذبه بقية الورثة ولم يقض بإقراره حتى شهد هذا المقر وأجنبي معه يقبل ويقضى على الجميع وشهادته بعد الحكم عليه بإقراره لا تقبل ، ولو لم يقم البينة أقر الوارث أو نكل ففي ظاهر الرواية يؤخذ كل الدين من حصة المقر ; لأنه مقر بأن الدين مقدم على إرثه وقال ث : هو القياس ولكن المختار عندي أن يلزمه ما يخصه ، وهو قول الشعبي والحسن البصري ومالك وسفيان وابن أبي ليلى وغيرهم ممن تابعهم . وهذا القول أعدل وأبعد من الضرر به ، ولو برهن لا يؤخذ منه إلا ما يخصه وفاقا انتهى . بقي ما لو برهنا على أحد الورثة بدينه بعد قسمة التركة : فهل للدائن أخذه كله من حصة الحاضر قال المصنف في فتاواه : واختلفوا فيه ، فقال بعضهم ؟ نعم : فإذا حضر الغائب يرجع عليه . وقال بعضهم : لا يأخذ منه إلا ما يخصه ا هـ ملخصا .

وفي جامع الفصولين أيضا : وكذا لو برهن الطالب على هذا المقر : تسمع البينة عليه كما في وكيل قبض العين [ ص: 603 ] لو أقر من عنده العين أنه وكيل بقبضها لا يكفي إقراره ، ويكلف الوكيل إقامة البينة على إثبات الوكالة حتى يكون له قبض ذلك فكذا هنا ا هـ ( قوله بمجرد إقراره ) ولو كان الدين يحل في نصيبه بمجرد الإقرار ما قبلت شهادته لما فيه من دفع المغرم عنه باقاني ودرر كذا في الهامش




الخدمات العلمية