الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( والمراعي ) أي الكلأ ( وإجارتها ) أما بطلان بيعها فلعدم الملك لحديث { الناس شركاء في ثلاث في الماء والكلأ والنار } [ ص: 67 ] وأما بطلان إجارتها فلأنها على استهلاك عين ابن كمال ، وهذا إذا نبت بنفسه وإن أنبته بسقي وتربية ملكه وجاز بيعه عيني ، وقيل لا

التالي السابق


( قوله والمراعي ) في المصباح : الرعي بالكسر والمرعى بمعنى واحد ، وهو ما ترعاه الدواب والجمع المراعي بحر ( قوله أي الكلأ ) فسرها بالكلإ دفعا لوهم أن يراد مكان الرعي فإنه جائز فتح : أي إذا كان مملوكا كما لا يخفى والكلأ كجبل : العشب رطبه ويابسه قاموس : قال في البحر : ويدخل فيه جميع أنواع ما ترعاه المواشي رطبا كان أو يابسا ، بخلاف الأشجار ; لأن الكلأ ما لا ساق له والشجر له ساق فلا تدخل فيه ، حتى يجوز بيعها إذا نبتت في أرضه لكونها ملكه والكمأة كالكلإ . ا هـ ( قوله أما بطلانها ) هذا مخالف لسوق كلام المصنف ; لأن كلامه في ذكر الفاسد ، فمراده أن بيعها فاسد ، وبه صرح في شرحه ، نعم قال بعد ذلك : وصرح منلا خسرو بفساد هذا البيع ، وصرح في شرح الوقاية ببطلانه وعلله بعدم الإحراز .

ا هـ فكان المناسب شرح كلامه على وفق مرامه مع بيان القول الآخر ، وكأن الشارح لما رأى القول بالفساد معللا بعدم الملك حمله على أن المراد به البطلان ; لأن بيع ما لا يملك باطل كما علم مما مر لكنه لا يوافق غرض المصنف كما علمت ( قوله فلعدم الملك ) لاشتراك الناس فيه اشتراك إباحة لا ملك ، ولأنه لا يحصل للمشتري فيه فائدة ; لأنه لا يتملكه بدون بيع فتح ( قوله لحديث : الناس شركاء في ثلاث ) أخرجه الطبراني بلفظ " المسلمون شركاء في ثلاث " إلخ ، وكذا أخرجه ابن ماجه وفي آخره " ثمنه حرام " أي ثمن كل واحد منها ، وأخرجه أبو داود وأحمد وابن أبي شيبة وابن عدي . قال الحافظ ابن حجر : ورجاله ثقات نوح أفندي ، ومعنى الشركة في النار الاصطلاء بها وتجفيف الثياب لا أخذ الجمر [ ص: 67 ] إلا بإذن صاحبه ، وفي الماء سقي الدواب والاستقاء من الآبار والحياض والأنهار المملوكة ، وفي الكلإ الاحتشاش ، ولو في أرض مملوكة غير أن لصاحب الأرض المنع من دخوله ، ولغيره أن يقول إن لي في أرضك حقا فإما أن توصلني إليه أو تحشه أو تستقي وتدفعه لي ، وصار كثوب رجل وقع في دار رجل إما أن يأذن للمالك في دخوله ليأخذه ، وإما أن يخرجه إليه فتح ملخصا .

( قوله وأما بطلان إجارتها ) ما ذكره عن ابن الكمال من بطلان إجارتها مخالف لسوق كلام المصنف أيضا : وقال في فتح القدير : وهل الإجارة فاسدة أو باطلة ذكر في الشرب أنها فاسدة حتى يملك الآجر الأجرة بالقبض وينفذ عتقه فيه . ا هـ قال في النهر : فيحتاج إلى الفرق بين البيع والإجارة ا هـ ( قوله وهذا ) أي بطلان بيع الكلإ ( قوله وقيل لا ) أي لا يملكه ، وهو اختيار القدوري ; لأن الشركة ثابتة ، وإنما تنقطع بالحيازة وسوق الماء ليس بحيازة وعلى الجواز أكثر المشايخ ، واختاره الشهيد . قال في الفتح : وعليه فلقائل أن يقول ينبغي أن حافر البئر يملك الماء بتكلفه الحفر والطي لتحصيل الماء كما يملك الكلأ بتكلفه سوق الماء إلى الأرض لينبت فله منع المستقي ، وإن لم يكن في أرض مملوكة له ا هـ . وأقول : يمكن أن يفرق بينهما بأن سقي الكلأ كان سببا في إنباته فنبت ، بخلاف الماء فإنه موجود قبل حفره فلا يملكه بالحفر نهر .

مطلب صاحب البئر لا يملك الماء وقال الرملي : إن صاحب البئر لا يملك الماء كما قدمه في البحر في كتاب الطهارة في شرح قوله : وانتفاخ حيوان عن الولوالجية فراجعه ، وهذا ما دام في البئر ، أما إذا أخرجه منها بالاحتيال كما في السواني فلا شك في ملكه له لحيازته له في الكيزان ثم صبه في البرك بعد حيازته . تأمل ، ثم حرر الفرق بين ما في البئر وما في الجباب والصهاريج الموضوعة في البيوت لجمع ماء الشتاء بأنها أعدت لإحراز الماء فيملك ما فيها ، فلو آجر الدار لا يباح للمستأجر ماؤها إلا بإباحة المؤجر ا هـ ملخصا




الخدمات العلمية