الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( شهد الوصي ) أي وصي الميت ( بحق للميت ) بعدما عزله القاضي عن الوصاية ونصب غيره أو بعد ما أدرك الورثة ( لا تقبل ) شهادته للميت في ماله أو غيره ( خاصم أو لا ) لحلول الوصي محل الميت ، ولذا لا يملك عزل نفسه بلا عزل قاض فكان كالميت نفسه فاستوى خصامه وعدمه ، بخلاف الوكيل فلذا قال ( ولو شهد الوكيل بعد عزله للموكل إن خاصم ) في مجلس القاضي ثم شهد بعد عزله ( لا تقبل ) اتفاقا للتهمة ( وإلا قبلت ) لعدمها خلافا للثاني فجعله [ ص: 485 ] كالوصي سراج . وفي قسامة الزيلعي : كل من صار خصما في حادثة لا تقبل شهادته فيها ومن كان بعرضية أن يصير خصما ولم ينتصب خصما بعد تقبل وهذان الأصلان متفق عليهما وتمامه فيه ، قيدنا بمجلس القاضي لأنه لو خاصم في غيره ثم عزله قبلت عندهما كما لو شهد في غير ما وكل فيه وعليه جامع الفتاوى . وفي البزازية : وكله بالخصومة عند القاضي فخاصم المطلوب بألف درهم عند القاضي ثم عزله فشهد أن لموكله على المطلوب مائة دينار تقبل بخلاف ما لو وكله عند غير القاضي وخاصم وتمامه فيها . ( ك ) ما قبلت عندهما خلافا للثاني ( شهادة اثنين بدين على الميت لرجلين ثم شهد المشهود لهما للشاهدين بدين على الميت ) لأن كل فريق يشهد بالدين في الذمة وهي تقبل حقوقا شتى فلم تقع الشركة له في ذلك ، [ ص: 486 ] بخلاف الوصية بغير عين كما في وصايا المجمع وشرحه وسيجيء ثمة ( و ) ك ( شهادة وصيين لوارث كبير ) على أجنبي ( في غير مال الميت ) فإنها مقبولة في ظاهر الرواية كما لو شهد الوصيان على إقرار الميت بشيء معين لوارث بالغ تقبل بزازية ( ولو ) شهدا ( في ماله ) أي الميت ( لا ) خلافا لهما ، ولو لصغير لم يجز اتفاقا ، وسيجيء في الوصايا .

التالي السابق


( قوله بعد ) وكذا قبله بالأولى ، فكان الأولى أن يقول ولو بعد ما عزله القاضي ودلت المسألة على أن القاضي إذا عزل الوصي ينعزل بزازية . ويمكن أن يقال عزله بجنحة .

( قوله ولو شهد إلخ ) أصل المسألة في البزازية حيث قال : وكله بطلب ألف درهم قبل فلان والخصومة فخاصم عند غير القاضي ثم عزل الوكيل قبل الخصومة في مجلس القضاء ثم شهد الوكيل بهذا المال لموكله يجوز . وقال الثاني لا يجوز بناء على أن نفس الوكيل قام مقام الموكل ا هـ فالمراد هنا أنه خاصم فيما وكل به ، فإن خاصم في غيره ففيه تفصيل أشار إليه الشارح فيما يأتي ا هـ . [ ص: 485 ] ونقل في الهامش فرعا هو : ادعى المشتري أنه باعه من فلان وفلان يجحد فشهد له البائع لم تقبل كذا في المحيط والبائع إذا شهد لغيره بما باع لا تقبل شهادته ، وكذا المشتري كذا في فتاوى قاضي خان فتاوى الهندية ا هـ .

( قوله كالوصي ) بناء على أن عنده بمجرد قبول الوكالة يصير خصما وإن لم يخاصم ، ولهذا لو أقر على موكله في غير مجلس القضاء نفذ إقراره عليه . وعندهما لا يصير خصما بمجرد القبول ولهذا لا ينفذ إقراره ذخيرة ملخصا .

( قوله وفي قسامة الزيلعي إلخ ) المسألة مبسوطة في الفصل السادس والعشرين من التتارخانية .

( قوله متفق عليهما ) فيه أن أبا يوسف جعل الوكيل كالوصي وإن لم يخاصم مع أنه بعرضة أن يخاصم .

( قوله عندهما ) أي خلافا للثاني كما تقدم ح .

( قوله أو عليه ) أي أو شهد عليه أي على الموكل .

( قوله وفي البزازية ) بيان لقوله في غير ما وكل فيه .

( قوله عند القاضي ) متعلق بوكل لا بالخصومة .

( قوله مائة دينار ) أي مال غير الموكل به ، بخلاف ما مر .

( قوله وتمامه فيها ) حيث قال : بخلاف ما لو وكله عند غير القاضي فخاصم مع المطلوب بألف وبرهن على الوكالة ثم عزله الموكل عنها فشهد له على المطلوب بمائة دينار ، فما كان للموكل على المطلوب بعد القضاء بالوكالة لا يقبل ، لأن الوكالة لما اتصل بها القضاء صار الوكيل خصما في حقوق الموكل على غرمائه فشهادته بعد العزل بالدنانير شهادة الخصم فلا تقبل ، بخلاف الأول لأن علم القاضي بوكالته ليس بقضاء فلم يصر خصما في غير ما وكل به وهو الدراهم فتجوز شهادته بعد العزل في حق آخر ا هـ بزيادة من جامع الفتاوى . وزاد في الذخيرة : إلا أن يشهد بمال حادث بعد تاريخ الوكالة فحينئذ تقبل شهادتهما عنده ا هـ ولهذا قال في البزازية بعدما مر : وهذا غير مستقيم فيما يحدث لأن الرواية محفوظة فيما إذا وكله بالخصومة في كل حق له وقبضه على رجل ، يعني أنه لا يتناول الحادث أما إذا وكله بطلب كل حق له قبل الناس أجمعين فالخصومة تنصرف إلى الحادث أيضا استحسانا فإذا تحمل المذكورة على الوكالة العامة .

ثم قال : والحاصل أنه في الوكالة العامة بعد الخصومة لا تقبل شهادته لموكله على المطلوب ولا على غيره في القائمة ولا في الحادثة إلا في الواجب بعد العزل ا هـ يعني وأما في الخاصة فلا تقبل فيما كان على المطلوب قبل الوكالة وتقبل في الحادث بعدها أو بعد العزل ، وإنما جاء عدم الاستقامة بالتقييد بقوله بما كان للموكل على المطلوب بعد القضاء بالوكالة ، ولذا لم يقيد بذلك في الذخيرة ، بل صرح بعده بأن الحادث تقبل فيه كما قدمناه ، فاغتنم هذا التحرير ا هـ . وذكر في الهامش عبارة جامع الفتاوى ونصها : لأنه في الفصل الثاني لما اتصل القضاء بها أي بالوكالة صار الوكيل خصما في جميع حقوق الموكل على غرمائه ، فإذا شهد بالدنانير فقد شهد بما هو خصم فيه ، وفي الأول : علم القاضي بوكالته ليس بقضاء فلم يصر خصما فكان في غير ما وكل به وهو الدراهم فتجوز شهادته بعد العزل في حق آخر ا هـ .

( قوله شهادة اثنين إلخ ) راجع الفصل الرابع والعشرين من التتارخانية .

( قوله في ذلك ) أي فيما في الذمة وإنما تثبت الشركة في المقبوض بعد القبض . ووجه قول [ ص: 486 ] أبي يوسف بعدم القبول أن أحد الفريقين إذا قبض شيئا من التركة بدينه شاركه الفريق الآخر فصار كل شاهدا لنفسه .

( قوله بخلاف الوصية بغير عين ) كما إذا شهدا أن الميت أوصى لرجلين بألف فادعى الشاهدان أن الميت أوصى لهما بألف وشهد الموصى لهما أن الميت أوصى للشاهدين بألف لا تقبل الشهادتان لأن حق الموصى له تعلق بعين التركة حتى لا يبقى بعد هلاك التركة فصار كل واحد من الفريقين مثبتا لنفسه حق المشاركة في التركة فلا تصح شهادتهما ، واحترز بالوصية بغير عين عن الوصية بها ، كما لو شهدا أنه أوصى لرجلين بعين وشهد المشهود لهما للشاهدين الأولين أنه أوصى لهما بعين أخرى فإنها تقبل الشهادتان اتفاقا لأنه لا شركة ولا تهمة ا هـ ح كذا في الهامش .

( قوله على أجنبي ) الظاهر أنه غير قيد تأمل .




الخدمات العلمية