الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 561 ] آ. (209) قوله : ذكرى : يجوز فيها أوجه، أحدها: أنها مفعول من أجله. وإذا كانت مفعولا من أجله ففي العامل فيه وجهان، أحدهما: "منذرون"، على أن المعنى: منذرون لأجل الموعظة والتذكرة. الثاني: "أهلكنا". قال الزمخشري: "والمعنى: وما أهلكنا من أهل قرية ظالمين إلا بعدما ألزمناهم الحجة بإرسال المنذرين إليهم ليكون [إهلاكهم] تذكرة وعبرة لغيرهم فلا يعصوا مثل عصيانهم" ثم قال: "وهذا الوجه عليه المعول".

                                                                                                                                                                                                                                      قال الشيخ "وهذا لا معول عليه; فإن مذهب الجمهور أن ما قبل "إلا" لا يعمل فيما بعدها، إلا أن يكون مستثنى، أو مستثنى منه، أو تابعا له غير معتمد على الأداة نحو: "ما مررت بأحد إلا زيد من عمرو"، والمفعول له ليس واحدا من هذه. ويتخرج مذهبه على مذهب الكسائي والأخفش، وإن كانا لم ينصا على المفعول له بخصوصيته". قلت: والجواب ما تقدم قبل ذلك من أنه يختار مذهب الأخفش.

                                                                                                                                                                                                                                      الثاني: من الأوجه الأول: أنها في محل رفع خبرا لمبتدأ محذوف أي: هذه ذكرى. وتكون الجملة اعتراضية. الثالث: أنها صفة لـ منذرون: إما على المبالغة، وإما على الحذف أي: منذرون ذوو ذكرى، أو على وقوع المصدر وقوع اسم الفاعل أي: منذرون مذكرون. وقد تقدم تقرير ذلك. الرابع: أنها في محل نصب على الحال أي: مذكرين، أو ذوي ذكرى، أو جعلوا نفس الذكرى مبالغة. الخامس: أنها منصوبة على المصدر المؤكد.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 562 ] وفي العامل فيها حينئذ وجهان، أحدهما: لفظ "منذرون" لأنه من معناها فهما كـ "قعدت جلوسا". والثاني: أنه محذوف من لفظها أي: تذكرون ذكرى. وذلك المحذوف صفة لـ "منذرون".

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية