الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 28 ] باب الاستثناء في الطلاق

قوله ( حكي عن أبي بكر رحمه الله : أنه لا يصح الاستثناء في الطلاق ) وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله : قول أبي بكر رواية منصوصة عن الإمام أحمد رحمه الله ، ولكن أكثر أجوبته كقول الجمهور ، ولا تفريع عليه ، قال في القواعد الأصولية : وأكثر الأصحاب خصوا قول أبي بكر بالاستثناء في عدد الطلاق ، دون عدد المطلقات ، ومنهم من حكي عنه إبطال الاستثناء في الطلاق مطلقا ، قال : وهو ظاهر . انتهى . قلت : ويحتمله كلام المصنف هنا ، وقطع في الفروع بالأول ، وقال في الترغيب : لو قال " أربعتكن طوالق إلا فلانة " لم يصح على الأشبه ; لأنه صرح بالأربع وأوقع عليهن ، ولو قال " أربعتكن إلا فلانة طوالق " صح الاستثناء . انتهى .

قلت : وهو ضعيف . قوله ( والمذهب : أنه يصح استثناء ، ما دون النصف ) وهو المذهب ، كما قال بلا ريب ، وعليه الأصحاب ، وقطعوا به ، قوله ( ولا يصح فيما زاد عليه ) وهو المذهب أيضا كما قال المصنف ، وعليه جماهير الأصحاب ، ونص عليه ، قال صاحب الفروع في أصوله : واستثناء الأكثر باطل عند الإمام أحمد رحمه الله ، وأصحابه ، وقيل : يصح ، واختاره أبو بكر الخلال .

فائدة : يصح الاستثناء في الطلقات والمطلقات ، والأقارير ونحو ذلك ، إلا ما حكي عن أبي بكر ، وصاحب الترغيب كما تقدم قريبا ، [ ص: 29 ] قوله ( وفي النصف وجهان ) وأطلقهما في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والمغني ، والكافي ، والهادي ، والبلغة ، والشرح ، والمحرر ، والنظم ، والفروع ، والقواعد الأصولية . أحدهما : يصح ، وهو المذهب ، قال ابن هبيرة : الصحة ظاهر المذهب ، وصححه في التصحيح ، وتصحيح المحرر ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، واختاره ابن عبدوس في تذكرته ، وجزم به في الإرشاد ، والوجيز ، والمنور ، ومنتخب الأدمي ، وهو ظاهر كلام ابن عقيل في التذكرة في الطلاق والإقرار ، فإنه ذكر فيهما " لا يصح استثناء الأكثر " واقتصر عليه ، والوجه الثاني : لا يصح ، قال في تجريد العناية : لا يصح استثناء مثل على الأظهر ، قال الناظم : الفساد أجود ، ونقله أبو الطيب الشافعي عن الإمام أحمد رحمه الله ، قال الطوفي في مختصر الروضة : وهو الصحيح من مذهبنا ، ونصره شارحه الشيخ علاء الدين العسقلاني في مختصر الطوفي ، وهو صاحب تصحيح المحرر ، واختاره ابن عقيل في فصوله ، ويأتي نظير ذلك في باب الحكم فيما إذا وصل بإقراره ما يغيره .

تنبيه : أكثر الأصحاب حكوا الخلاف وجهين ، وقال أبو الفرج ، وصاحب الروضة والخلاصة : هما روايتان ، وذكر أبو الطيب الشافعي عن الإمام أحمد رحمه الله : رواية بالمنع كما تقدم .

التالي السابق


الخدمات العلمية