الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ 9281 ] وأخبرنا أبو الحسين بن بشران ، أخبرنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن السماك ، حدثنا الحارث بن محمد التميمي ، حدثنا يزيد بن هارون ، أخبرنا شعبة ، عن قتادة ، عن أنس ، عن أسيد بن حضير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للأنصار : "إنكم سترون بعدي أثرة " قالوا : فماذا تأمرنا يا رسول الله ؟ قال : "اصبروا حتى تلقوني على الحوض " .

أخرجاه في الصحيح من حديث شعبة .

[ ص: 204 ] قال الحليمي رحمه الله : قال الله عز وجل : ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ) فأخبر أن ما يصيب من زوال نعمة عليهم فإنما سببه حادث وقع منهم ، إما ترك الشكر ، وإما ارتكاب معصية ، وقد يجوز أن يكون هذا الكلام خارجا على الأغلب والأكثر ، فإذا كان هكذا فلا تجزعوا من المصيبة إذا وقعت ، فارجعوا باللوم على أنفسكم ، أو تحفظوا من الأسباب المؤدية إلى المصائب التي يمكن بحكم العادة أن تدوم كالصحة والثروة والذكر الحسن والعلم والحكمة ونحوها ، وقال : ( ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها ) فيحتمل - والله أعلم - ما أصاب من مصيبة عامة ولا خاصة إلا وقد كتبها الله في اللوح المحفوظ من قبل أن يوقعها وينزلها ، فقد أعلمكم ذلك ، وبينه لكم : ( لكيلا تأسوا على ما فاتكم ) وتعلموا أن العطية كانت مقدرة بالوقت الذي جاورتكم فيه ، ومن أعطى شيئا إلى وقت لم ينبغي له إذا استرجع منه بعد ذلك الوقت أن يحزن ( ولا تفرحوا بما آتاكم ) أي لا تأشروا وتبطروا به ، وتتكبروا على من لم يؤت مثل ما أوتيتم ؛ لأنه عارية عندكم ، وليست بملك ، فإن حقيقة الملك لله عز وجل ، وليس للمستعير أن يتمتع بالعارية ؛ لأنه لا يأمن في كل لحظة أن يسترجعها منه صاحبها ، فنعيم الدنيا كلها هكذا .

قال الإمام أحمد رحمه الله : وقد ورد في هذا ما .

[ ص: 205 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية