الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        [ ص: 337 ] 23 - باب قتل كعب بن الأشرف

                                                                                        4259 \ 1 - قال إسحاق : أخبرنا وهب بن جرير ، حدثنا أبي ، قال : سمعت محمد بن إسحاق ، يقول : حدثني ثور بن يزيد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : إنهم اجتمعوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فمشى معهم حتى بلغ بقيع الغرقد في ليلة مقمرة ، فقال : انطلقوا على اسم الله ، اللهم أعنهم ، ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيته ، قال : فأقبلوا حتى انتهوا إلى حصنه ، يعني : كعب بن الأشرف ، فهتف أبو نائلة به ، فنزل إليه وهو حديث عهد بعرس ، فقالت له امرأته : إنك محارب ، وإن صاحب الحرب لا ينزل في مثل هذه الساعة ، فقال لها : إنه أبو نائلة ، والله لو وجدني نائما ما أيقظني ، فقالت : والله إني لأعرف في صوته الشر ، فقال لها : لو يدعى الفتى لطعنه لأجاب ، فنزل إليهم ، فتحدثوا ساعة ، ثم قالوا : لو مشينا إلى شعب العجوز فتحدثنا ليلتنا هذه ، فإنه لا عهد لنا بذلك ، قال : نعم ، فخرجوا يمشون ثم إن أبا نائلة [ ص: 338 ] شام يده في فود رأسه ، فقال : ما رأيت كالليلة عطرا أطيب ، ثم مشى ساعة ، ثم عاد بمثلها حتى اطمأن ، فأدخل يده في فود رأسه ، فأخذ شعره ، ثم قال : اضربوا عدو الله قال : فاختلفت عليه أسيافهم ، قال : وصاح عدو الله صيحة فلم يبق حصن إلا أوقدت عليه نار ، قال : وأصيبت رجل الحارث ، قال محمد بن مسلمة : فلما رأيت السيوف لا تغني شيئا ذكرت مغولا في سيفي ، فأخذته فوضعته على سرته فتحاملت عليه حتى بلغ عانته فوقع ، ثم خرجنا فسلكنا على بني أمية ، ثم على بني قريظة ، ثم على بعاث ، ثم أسرينا في حرة العريض ، وأبطأ الحارث ونزف الدم فوقفنا له ، ثم احتملناه حتى جئنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم من آخر الليل وهو يصلي ، فخرج علينا فأخبرناه بقتل عدو الله ، فتفل صلى الله عليه وسلم على جرح الحارث ، فرجعنا به إلى بيته ، وتفرق القوم إلى رحالهم ، فلما أصبحنا خافت يهود لوقعتنا بعدو الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من وجدتموه من رجال يهود فاقتلوه ، فوثب محيصة بن مسعود على ابن سنينة رجل من تجار يهود ، وكان يبايعهم ويخالطهم فقتله ، قال : فجعل حويصة بن مسعود وهو يومئذ مشرك ، وكان أسن منه يضربه ويقول : أي عدو الله أقتلته ، والله لرب شحم في بطنك من ماله ، فقال : والله ، لقد أمرني بقتله رجل لو أمرني بقتلك لضربت عنقك ، قال : آلله لو أمرك محمد بقتلي لقتلتني ؟ قال : نعم ، [ ص: 339 ] والله فقال : والله ، إن دينا بلغ بك هذا لدين عجب ، فكان أول إسلام حويصة من قبل قول أخيه ، فقال محيصة في ذلك شعرا .

                                                                                        هذا إسناد حسن متصل ، أخرج أحمد منه إلى قوله : اللهم أعنهم فقط ، وهو المرفوع منه الموصول ، والباقي مدرج ، وله شاهد في الصحيح من حديث عمرو عن جابر رضي الله عنه .

                                                                                        [ ص: 340 ] [ ص: 341 ] [ ص: 342 ]

                                                                                        4259 \ 2 - وقال الحميدي : حدثنا سفيان ، حدثنا العبسي ، عن عكرمة ، قال : قالت امرأته : إني أسمع صوتا أجد منه ريح الدم ؟ قال : إنما هو أبو نائلة أخ لي ، لو وجدني نائما ما أيقظني ، وإن الكريم إذا دعي إلى طعنة لأجاب .

                                                                                        وسمى الذين أتوه مع أبي نائلة : محمد بن مسلمة ، وعباد بن بشر ، والحارث بن معاذ ، وأبو عبيس بن جابر
                                                                                        .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية