الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية

                                                                                        ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        14 - باب مبدأ الفتن وقصة استخلاف عثمان بن عفان رضي الله عنه

                                                                                        ( 209 ) تقدم في مناقب عمر حديث جعله الأمر شورى في ستة .

                                                                                        4362 - وقال الحارث : حدثنا أبو النضر هاشم بن القاسم ، ثنا الليث بن سعد ، عن عبيد الله بن عمر ، عن ابن شهاب ، أنه حدثه ، عن المسور بن مخرمة رضي الله عنه ، قال : لما كانت الليلة التي في صبيحتها يفرغ النفر الذين استخلفهم عمر بن الخطاب رضي الله عنهم من الخلافة ، صليت العشاء ، ثم انصرفت إلى منزلي فنمت ، فأيقظني من النوم صوت خالي عبد الرحمن بن عوف رحمة الله عليه ، يا مسور ، قال : فخرجت مشتملا بثوبي ، قال : أنمت ؟ قلت : نعم ، قد نمت . قال : خذ عليك ثوبك ثم الحقني إلى المسجد ، ففعلت . فلما انتهيت إليه قال لي : ادع لي الزبير وسعدا أو أحدهما ، [ ص: 625 ] فانطلقت فدعوته ، فلما انتهيت به إليه قال : استأخر عنا قدر ما لا تسمع كلامنا . قال : ففعلت فتناجيا شيئا يسيرا ، ثم قال : ادع لي الآخر ، فلما انتهيت به إليه قال : استأخر عنا قدر ما لا تسمع كلامنا . قال : فتناجيا شيئا يسيرا ، ثم نادى : يا مسور ، اذهب فادع لي عليا ، وذلك حين ذهبت فحمة العشاء . قال : فجئت بعلي ، فقال : استأخر عنا قدر ما لا تسمع كلامنا . قال : فلم يزالا يتكلمان من العشاء حتى كان السحر ، إلا أنني لم أسمع من فيهما ما أظنني أنهما قد أقبلا . فلما كان السحر ، ناداني وعلي رضي الله عنه عنده ، فقال : اذهب فادع لي عثمان رضي الله عنه ، قال : ففعلت . فتناجيا ، وأذن المؤذن بالصبح ، قال : فتفرقوا للوضوء ، وقد علم الناس أنها صبيحة الخلافة ، فاجتمعوا للصبح ، [ ص: 626 ] كما يجتمعون للجمعة ، فأمر عبد الرحمن رضي الله عنه النفر أن يجلسوا بين يدي المنبر ، فلما أبصر الناس بعضهم بعضا وطلعت الشمس قام عبد الرحمن رضي الله عنه إلى جنب المنبر ، فحمد الله تعالى وأثنى عليه بما هو أهله ، ثم قال : أيها الناس ، قد علمتم الذي كان من وفاة أمير المؤمنين واستخلافه إيانا أيها النفر ، ورضي أصحابي أن ذلك إلي ، فأختار رجلا منهم ، وهؤلاء هم بين أيديكم ، ثم استقبلهم رجلا رجلا ، فقال : أي فلان ، عليك عهد الله وميثاقه لتسمعن ولتطيعن لمن وليت ولترضين ولتسلمن ؟ فيقول : نعم ، رافعا صوته يسمع الناس ، حتى فرغ منهم رجلا رجلا : عثمان وعلي والزبير وسعد رضي الله عنهم . قال : أما طلحة فأنا حميل برضاه . ثم قال : إني لم أزل دئبا منذ ثلاث أسألكم عن هؤلاء النفر ، ثم سألتهم عن أنفسهم ، فوجدتكم أيها الناس وإياهم اجتمعتم على عثمان رضي الله عنه ، قم يا عثمان ، فلم يقل رجل من المهاجرين ولا الأنصار ولا وفود العرب ولا صالحي الناس : [ ص: 627 ] إنك لم تستشرنا ، ولم تستأمرنا ، فرضوا وسلموا ، فلبثوا ست سنين لا يعيبون شيئا . قال : كان طائفة منهم يفضلونه على عمر رضي الله عنه ، يقولون : العدل مثل عمر ، واللين ألين من عمر ، ثم حدث ما حدث .

                                                                                        [ ص: 628 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية