5 - ما ورد عن  عمر   -رضي الله عنه- أنه قال:  "ما بال أحدكم يتصدق على ولده بصدقة لا يحوزها ولا يقسمها، يقول: أنا إن مت كانت له، وإن مات هو  [ ص: 69 ] رجعت إلي، وايم الله لا يتصدق منكم رجل على ولده بصدقة لم يحزها ولم يقسمها ثم مات إلا صارت ميراثا لورثته". 
وجه الاستدلال: أن الهبة للولد إذا لم تقبض أو تقسم -إن كانت من مال مشترك- لا تلزم، ومفهوم ذلك: أنها إن قبضت لزمت، ولم يصح الرجوع فيها. 
ونوقش: بالاعتراض الثالث على الأثر الوارد في نحلة  أبي بكر   لعائشة   -رضي الله عنها- إذ إن مقتضاه: أن العطية للولد إذا لم يقبضها حتى مات والده الذي أعطاها له عادت مال وارث، وليس فيه ما يدل على منع الوالد من العودة فيما وهبه لولده. 
ولو قيل: إن مفهومه يدل لذلك لرد بأن المفهوم لا يعارض المنصوص إن كان وحيا، وأحرى إن كان اجتهادا. 
6- ما ورد عن  عمر   -رضي الله عنه- أنه قال:  "من وهب لذي رحم محرم هبة فقبضها، فليس له أن يرجع فيها".  
7- ما ورد أيضا عن  عمر   -رضي الله عنه- أنه قال:  "من وهب لذي رحم محرم هبة فقبضها فليس له أن يرجع فيها، ومن وهب هبة لغير ذي رحم محرم فله أن يرجع فيها ما لم يثب عليها". 
وجه الاستدلال: أنه في كل ذي رحم محرم، والولد ذو رحم محرم، فيدخل فيهما، فيكون قبضه للهبة مانعا للوالد من الرجوع على والده.  [ ص: 70 ] 
ونوقش هذا الاستدلال بأمور: 
الأول: أنه معارض للحديث الصريح الصحيح في جواز رجوع الأب فيما وهبه لابنه مطلقا دون تقييد بقبض أو غيره. 
الثاني: أن المراد المحارم غير الأولاد؛ لأن الأولاد ورد فيهما نص خاص في جواز الرجوع في الهبة لهم. 
الثالث: أن لفظ القبض لم يرد في نص الأثر. 
8- ولأنها هبة يحصل بها الأجر من الله تعالى، فلم يجز الرجوع فيها كصدقة التطوع. 
ونوقش من ثلاثة وجوه: 
الوجه الأول: أنه يرده قول  النعمان   -رضي الله عنه-:  "فرجع أبي في صدقته". 
الوجه الثاني: أنه منقوض بهبة الأجنبي، فإن فيها أجرا وثوابا. 
قال تعالى: ولا تنسوا الفضل بينكم  وقد رغب النبي -صلى الله عليه وسلم- وندب إليها، وعندهم له الرجوع فيها. 
الوجه الثالث: أنه قياس مع وجود النص، فلا يلتفت إليه. 
9- ولأنه لو وهب بشرط الثواب فأثيب لم يرجع، وهذا قد أثيب من قبل الله تعالى في هبة الرحم، فلم يجز أن يرجع. 
ونوقش: بأن من أثيب بالمال قد وصل إليه البدل، فلم يجز أن يصير  [ ص: 71 ] جامعا بينه وبين المبدل، فخالف من لم يصله البدل، على أن ثواب الله تعالى إنما يستحقه غير الراجع من الآباء. 
10- ولأن في الرجوع معنى قطيعة الرحم، وهذا موجود في حق الوالد مع ولده; لأنه بالرجوع يحمله على العقوق، وإنما أمر الوالد أن يحمل ولده على بره. 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					