الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        الأدلة:

        أدلة القول الأول:

        1- ما روى النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- أن أباه أتى به إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- [ ص: 82 ] فقال: إني نحلت ابني هذا غلاما كان لي، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أكل ولدك نحلته مثل هذا؟" فقال: لا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "فأرجعه" وفي لفظ: أعطيت ولدك مثل هذا؟ " قال: لا، قال: "فاتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم" قال: فرجع فرد عطيته.

        وفي لفظ: "فإني لا أشهد على جور".

        وجه الدلالة: أن هذا الحديث يدل دلالة صريحة على تحريم تفضيل بعض الأولاد على بعض في الهبة; لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- سماه جورا، وأمر برده، وامتنع من الشهادة عليه، والجور حرام، والأمر يقتضي الوجوب، وإذا ثبت أنه جور، وأنه حرام لم يحل للفاعل فعله، ولا للمعطى تناوله، والموت لا يغيره عن كونه جورا حراما، فيجب رده بعده، كما كان يجب قبله.

        وقد تقدم ما ورد على حديث النعمان من مناقشات، وما أجيب به عن تلك المناقشات.

        2- أن سعد بن عبادة -رضي الله عنه-: "قسم ماله بين أولاده، وخرج إلى الشام فمات بها، ثم ولد له بعد ذلك ولد، فمشى أبو بكر وعمر -رضي الله عنهما- إلى قيس بن سعد فقالا: إن سعدا قسم ماله، ولم يدر ما يكون، وإنا نرى أن ترد هذه القسمة، فقال قيس: لم أكن لأغير شيئا صنعه سعد، ولكن نصيبي له".

        وجه الدلالة: أن أبا بكر وعمر -رضي الله عنهما- يريان رد ما أعطى الوالد لولده بعد [ ص: 83 ] موته إذا تبين أنه لم يعدل في عطيته بين أولاده، حتى ولو كان الوالد يظن أنه عادل في عطيته، فأولى إذا علم عدم العدل.

        3- أن تفضيل الوالد لبعض ولده في الهبة ظلم لبقية الأولاد، فيثبت لهم الرد إذا تعذر رفع الظلم من جهته.

        التالي السابق


        الخدمات العلمية