الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        المطلب الثاني: العمرى في غير العقار كالحيوان، أو النبات، ونحو ذلك

        كأن يقول: أعمرتك هذه النخلة، أو نخلي لك عمرى، ونحو ذلك.

        اتفق الفقهاء -رحمهم الله- على صحة هبة الأشجار والنباتات والحيوانات التي يجوز بيعها.

        واختلف العلماء في صحة العمرى في هذه الأشياء على قولين:

        القول الأول: صحة العمرى في هذه الأشياء.

        وهو قول جمهور أهل العلم.

        أما الرقبى فمن أجازها وهم الشافعية على الجديد، والحنابلة، وأبو يوسف من الحنفية، فقالوا بصحتها في النبات والحيوان، ومن منعها وهم الحنفية، والمالكية، والشافعية على القديم، فقالوا: بعدم جوازها في النبات وغيره. [ ص: 16 ]

        جاء في الهداية: "والعمرى جائزة للمعمر له حال حياته، ولورثته من بعده... ومعناه أن يجعل داره له مدة عمره... والرقبى باطلة عند أبي حنيفة ومحمد -رحمهما الله- وقال أبو يوسف -رحمه الله-: جائزة".

        وجاء في حاشية الدسوقي: وجازت العمرى، لا الرقبى، فلا تجوز في حبس ولا ملك".

        وجاء في حاشية القليوبي وعميرة: "ولو قال بدل وهبتك: أعمرتك هذه الدار: أي جعلتها لك عمرك، فإذا مت فهي لورثتك، فهي هبة، ولو قال: أرقبتك هذه الدار، أو جعلتها لك رقبى، ففي الجديد تصح الهبة، وفي القديم يبطل العقد".

        وجاء في المغني: "وتصح العمرى في غير العقار من الحيوان، والنبات".

        وقال أيضا: "العمرى والرقبى: نوعان من الهبة يفتقران إلى ما يفتقر إليه سائر الهبات من الإيجاب والقبول، والقبض، أو ما يقوم مقام ذلك عند من اعتبره".

        القول الثاني: عدم صحة العمرى في هذه الأشياء.

        وهو رواية عن الإمام أحمد. [ ص: 17 ]

        الأدلة:

        أدلة الجمهور: (الصحة):

        استدل الجمهور بالأدلة الآتية:

        ما تقدم من عمومات أدلة العمرى.

        وهذه تشمل العقار وغيره.

        2- أنها نوع هبة، فصحت في ذلك كسائر الهبات.

        ولم أقف للقول الثاني على دليل.

        وقد قال ابن قدامة: "وقد روي عن أحمد في الرجل يعمر الجارية، فلا أرى له وطأها، قال القاضي: لم يتوقف أحمد عن وطء الجارية; لعدم الملك فيها، لكن على طريق الورع; لأن الوطء استباحة فرج، وقد اختلف في صحة العمرى، وجعلها بعضهم تمليك المنافع، فلم ير له وطأها لهذا، ولو وطئها كان جائزة".

        التالي السابق


        الخدمات العلمية