مسألة : قال  الشافعي      - رحمه الله تعالى - : "  ولا بأس أن يصالحهم على خرج على أراضيهم يكون في أموالهم مضمونا كالجزية      " .  
قال  الماوردي      : وصورتها أن يصالح الإمام أهل بلد من دار الحرب على خراج يضعه على أرضهم ، يستوفيه كل سنة من أموالهم : فهو على ضربين :  
أحدهما : أن ينعقد الصلح على أن تكون أرضهم للمسلمين ، فقد صارت بهذا الصلح من دار الإسلام ، وصاروا بإقرارهم فيها أهل ذمة لا يقرون إلا بجزية ، ولا يجزئ الخراج المأخوذ من أرضهم عن جزية رءوسهم : لأنه أجرة حتى يجمع عليهم بين خراج الأرض وجزية الرءوس ، فإن أسلموا سقطت عنهم جزية رءوسهم ، ولم يسقط عنهم خراج أرضهم .  
والضرب الثاني : أن ينعقد الصلح على أن تكون الأرض باقية على أملاكهم ، والخراج المضروب عليها مأخوذا منهم ، فهذا على ضربين :  
أحدهما : أن ينعقد الشرط على أمانهم منا ، ولا ينعقد على ذبنا عنهم ، فتكون أرضهم مع هذا الشرط من جملة دار الحرب ، ويكونوا فيها أهل عهد ، ولا يكونوا أهل ذمة ، ولا تؤخذ منهم جزية رءوسهم : لأنهم مقيمون في دار الحرب لا في دار الإسلام ، فيقتصر على أخذ الخراج منهم قل أو كثر ، ويكون الخراج كالصلح يجري عليه حكم الجزية ، وليس بجزية .  
فإن أسلموا أسقط الخراج عنهم ، وصارت أرضهم أرض عشر .  
وقال  أبو حنيفة      : لا يسقط عنهم خراج الأرض بإسلامهم : لأنها قد صارت بالصلح أرض خراج ، فلم يجز أن ينتقل إلى العشر : لنفوذ الحكم به ، وهذا غير صحيح : لأن ما استحق بالكفر سقط بالإسلام كالجزية .  
واحتجاجه بنفوذ الحكم فنفوذه مقصور على مدة الكفر .  
والضرب الثاني : أن  ينعقد الشرط على أمانهم منا ، وذبنا عنهم   ، فقد صارت      [ ص: 371 ] أرضهم بهذا الشرط دار الإسلام ، وصاروا فيها أهل ذمة لا يقرون إلا بجزية ، ويكون خراج أرضهم مع بقائها على ملكهم جزية عن رءوسهم ، فلا يلزم أن يجمع عليهم بين خراج الأرض وجزية الرءوس .  
وقال  أبو حنيفة      : لا تسقط جزية رءوسهم بخراج الأرض ، وأجمع عليهم بين الجزية والخراج : لأن خراج الأرض عوض عن إقرارها عليهم ، والجزية عن حراسة نفوسهم ، فلم يسقط أحدهما بالآخر ، وهذا فاسد : لأنه لما جاز أن يقرهم بالجزية دون الخراج ، ويكون ذلك عوضا عنهما جاز أن يقرهم بالخراج دون الجزية ، فيكون ذلك عوضا عنها : لأن كل واحد منهما ينوب عنهما .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					