الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (21) قوله : أسوة : قرأ عاصم بضم الهمزة حيث وقعت هذه اللفظة . والباقون بالكسر . وهما لغتان كالعدوة والعدوة ، والقدوة والقدوة .

                                                                                                                                                                                                                                      والأسوة بمعنى الاقتداء . وهي اسم وضع موضع المصدر وهو الائتساء ، فالأسوة من الائتساء كالقدوة من الاقتداء . وائتسى فلان بفلان أي اقتدى به . و " أسوة " اسم " كان " . وفي الخبر وجهان ، أحدهما : هو " لكم " فيجوز في الجار الآخر وجوه : التعلق بما يتعلق به الخبر ، أو بمحذوف على أنه حال من " أسوة " ، إذ لو تأخر لكان صفة ، أو بـ " كان " على مذهب من يراه . والثاني : أن الخبر هو في رسول الله ، و " لكم " على ما تقدم في في رسول الله ، أو تتعلق بمحذوف على التبيين أي : أعني لكم .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : لمن كان يرجو فيه أوجه ، أحدها : أنه بدل من الكاف في " لكم " ، قاله الزمخشري . وقد منعه أبو البقاء . وتابعه الشيخ . قال أبو البقاء : " وقيل : هو بدل من ضمير المخاطب بإعادة الجار . ومنع منه [ ص: 109 ] الأكثرون ; لأن ضمير المخاطب لا يبدل منه " . وقال الشيخ : " قال الزمخشري : بدل من " لكم " كقوله : للذين استضعفوا لمن آمن منهم قال : " ولا يجوز على مذهب جمهور البصريين أن يبدل من ضمير المتكلم ولا من ضمير المخاطب بدل شيء من شيء ، وهما لعين واحدة . وأجاز ذلك الكوفيون والأخفش . وأنشد :


                                                                                                                                                                                                                                      3686 - بكم قريش كفينا كل معضلة وأم نهج الهدى من كان ضليلا



                                                                                                                                                                                                                                      قلت : لا نسلم أن هذا بدل شيء من شيء وهما لعين واحدة ، بل بدل بعض من كل باعتبار الواقع ; لأن الخطاب في قوله " لكم " أعم من " من كان يرجو الله " وغيره ، ثم خصص ذلك العموم لأن المتأسي به عليه السلام في الواقع إنما هم المؤمنون . ويدلك على ما قلته ظاهر تشبيه الزمخشري هذه الآية بآية الأعراف ، وآية الأعراف البدل فيها بدل كل من كل . ويجاب : بأنه إنما قصد التشبيه في مجرد إعادة العامل .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني : أن يتعلق بمحذوف على أنه صفة لـ " حسنة " . الثالث : أن يتعلق بنفس " حسنة " قالهما أبو البقاء . ومنع أن يتعلق بـ " أسوة " قال : " لأنها قد وصفت " . و " كثيرا " أي : ذكرا كثيرا .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية