الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (10) قوله : إلا من خطف : فيه وجهان ، أحدهما : أنه مرفوع المحل بدلا من ضمير " لا يسمعون " وهو أحسن ; لأنه غير موجب . والثاني : أنه منصوب على أصل الاستثناء . والمعنى : أن الشياطين لا يسمعون الملائكة إلا من خطف . قلت : ويجوز أن تكون " من " شرطية ، وجوابها " فأتبعه " ، أو موصولة وخبرها " فأتبعه " وهو استثناء منقطع . وقد نصوا على أن مثل هذه الجملة تكون استثناء منقطعا كقوله : لست عليهم بمصيطر إلا من تولى . والخطفة مصدر معرف بأل الجنسية أو العهدية .

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ العامة " خطف " بفتح الخاء وكسر الطاء مخففة . وقتادة والحسن بكسرهما وتشديد الطاء ، وهي لغة تميم بن مر وبكر بن وائل . وعنهما أيضا وعن عيسى بفتح الخاء وكسر الطاء مشددة . وعن الحسن أيضا خطف كالعامة . وأصل القراءتين : اختطف ، فلما أريد الإدغام سكنت التاء وقبلها الخاء ساكنة ، [ ص: 295 ] فكسرت الخاء لالتقاء الساكنين ، ثم كسرت الطاء إتباعا لحركة الخاء . وهذه واضحة . وأما الثانية فمشكلة جدا ; لأن كسر الطاء إنما كان لكسر الخاء وهو مفقود . وقد وجه على التوهم . وذلك أنهم لما أرادوا الإدغام نقلوا حركة التاء إلى الخاء ففتحت وهم يتوهمون أنها مكسورة لالتقاء الساكنين كما تقدم تقريره ، فأتبعوا الطاء لحركة الخاء المتوهمة . وإذا كانوا قد فعلوا ذلك في مقتضيات الإعراب فلأن يفعلوه في غيره أولى . وبالجملة فهو تعليل شذوذ .

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ ابن عباس " خطف " بكسر الخاء والطاء خفيفة ، وهو إتباع كقولهم : نعم بكسر النون والعين . وقرئ " فاتبعه " بالتشديد .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية